الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إيران زارعة شجرة السم

4 فبراير 2016 00:08
عندما ننظر بعين فاحصة إلى واقعنا العربي، نجد أن الأطراف المتحاربة في البلدان العربية التي دخلت في حروب داخلية مثل اليمن وسوريا والعراق وليبيا، تفتقر إلى استقلالية القرار السياسي، وهذا الأمر لا ترجع أسبابه إلى تخبط هذه الأطراف أو إلى قلة وعيها، بل إلى من يصنع القرار عند هذه الأطراف. وما أعنيه بهذه الأطراف، هي الجماعات التي لم يكن المجتمع العربي يعرفها من قبل، وإنما ظهرت في العقود الأخيرة، وبفعل فاعل، وعلى سبيل المثال لا الحصر نجد الحوثيين والإخوان في اليمن، ونجد كذلك القاعدة وداعش والحشد والإخوان في ليبيا وسوريا والعراق. الأصل أن الحروب وويلاتها لم تأت إلا مع مجيء هذه الجماعات، وهذه مسألة لا خلاف عليها. ولكننا اليوم قد تجاوزنا مرحلة السؤال عن كيفية مجيء هذه الجماعات؟ ومتى بدأت حربها وتآمرها علينا؟ لأنه كان يجب أن تتم معالجة الأمر بعدم السماح بوجود هذه الجماعات وأفكارها منذ البداية، غير أننا اليوم أصبحنا نعاني واقع وجودها، خاصة أنها لا تملك قرار نفسها، ومن يتبعونها لا يملكون حتى أنفسهم. ولكي لا نذهب بعيداً، فإن عدم استقلالية القرار السياسي عند هذه المجموعات أدى إلى إطالة فترة الحرب واستمرارها في البلدان العربية التي تعاني ويلات هذه الجماعات إلى اليوم. هذه الجماعات ليست أحزاباً وطنية حتى وإن تلحفت بلحاف الأحزاب التي لا يربطها بالخارج أي علاقة. وليست أحزاباً تتشابه أفكارها ومعتقداتها وبرامجها السياسية مع أحزاب أخرى في دول أخرى على سبيل الصدفة، بل هي جماعات تشبه التنظيمات العالمية الإرهابية التي تمتلك قيادة موحدة أو إدارة مركزية تحدد كيفية وزمان ونوع تحرك هذه الجماعات، بما يخدم المؤسس الذي أوجدها كوسائل وأدوات تحقق أهدافاً باطلة، يراها المؤسس مشروعة، وحقاً إلهياً حسب ما يعتقد. لم يكتف من يدير هذه الجماعات بما فعله في الدول المذكورة، بل حاول بطرق متعددة أن يتدخل حتى في الدول التي تعيش في استقرار تام والتي تنافس في رفاهية شعوبها الشعوب المتقدمة مثل دول الخليج، وتكالبهم على مملكة البحرين أكبر دليل. أعمال منظمة وبرامج كبيرة بتكاليف باهظة، هدفها زعزعة النسيج المجتمعي الداخلي الخليجي والعربي بشكل عام. تعمدت إيران تحمل تكاليف هذه الأعمال وتنظيمها واحتواء من يقومون بها، في تعبير واضح مفاده تطبيق أبلغ صورة للتدخل السافر في شؤون الدول العربية، متجاهلة بذلك كل القوانين الدولية التي تمنع ذلك وتحرمه. بالمناسبة، يقال إن شجرة «المنشينيل» هي الشجرة الأخطر والأكثر سمية في العالم، ثمرتها سامة وقد تؤدي إلى قتل الإنسان، حتى أن قطرة من هذه الشجرة قد تؤدي إلى إحراق الجلد، وبالتالي تقرحات خطرة يخضع من تصيبه إلى جراحة ومراقبة طبية. هذه الشجرة المزروعة في إيران وصلت أفرعها إلى منطقتنا العربية، وقد أكل بعضنا ثمرتها فمات، والبعض الآخر أصيب بسمها حتى احترق وتقرح جلده. فها هو اليمن السعيد قد احترق بشقه، ومات جزء منه حتى أتاه أطباء الجروح بعاصفة الحزم، وما زال العلاج قائماً على قدم وساق بفضل من الله، ثم بفضل القادة العرب المخلصين لدينهم وعروبتهم وكرامتهم. لابد من قطع أذرع هذه الشجرة بكل الوسائل الممكنة، إذ من غير المعقول أن نقيم أي اعتبار لمجموعات لم ترقب في أرواح شبابنا إلاًّ ولا ذمة، مجموعات رسمت خرائطنا برائحة ولون الدم والأسى. مجموعات سامة، سممت مجتمعاتنا ورسمت الحزن على شفاهنا، أخيراً، فإن هذه الشجرة لها أصل في طهران الفرس ولها أفرع من دمشق إلى طرابلس وإلى صنعاء، ويجب عدم التهاون معها ولا التقليل من شأنها. إنها مرض مستشر حل بداخلنا وفي أروقة شوارعنا وبين منازلنا. إنها مرض لا يستأصل إلا بالجراحة فجارحوا حساباتهم البنكية وأصولهم المالية وشركاتهم وطرقهم البرية والبحرية وجارحوا من يتبعهم ومن يواليهم، وحاسبوا أعمالهم بحد سيف القانون من المحيط إلى الخليج، ولا ترحموا من لا يرحم نفسه وأهله، ومن لا يخاف عن وطنه، ولا تستغربوا حين تروا بعضكم معهم، فنوح عليه السلاح نبي مرسل، وابنه ظالم لنفسه وعاص لربه. محمد الغيثي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©