الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محاكاة لمسرح العبث وشعور حاد بالزمن وغياب المكان

محاكاة لمسرح العبث وشعور حاد بالزمن وغياب المكان
31 يناير 2008 01:27
ضمن اصدارات دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، وفي سلسلة ''جائزة الشارقة للإبداع الأدبي ـ الاصدار الأول'' صدرت مسرحية الشاعر المصري وليد علاء الدين ''البحث عن العصفور'' التي فازت بجائزة الدورة العاشرة في مجال المسرح، وجاءت المسرحية في فصل واحد يقع في اثنتين وثلاثين صفحة· وهي الأولى للشاعر صاحب ديوان ''تردني لغتي إليّ''· نص وليد عمل تجريبي يحاكي مسرح العبث بقدر من العفوية والتلقائية، فتبدو الحياة معه غير مفهومة، منذ البداية يرسم الكاتب فضاء رماديا ويحاول جعله يميل إلى درجات السود مع الصعود نحو أعلى المسرح، كرسيان بلا ظهر يتقابلان في طرفي الخشبة، لا ديكورات أو إكسسوارات، ساعة تظل دقاتها تذكر بالزمن، وشابان متشابهان في نهاية العشرينيات من العمر يحتل كل منهما مقعدا دون أن يرى الآخر، ويظل السؤال الأساس لكل منهما هو ''أين أنا؟ لماذا أنا هنا؟ وما اسم هذا المكان؟ ومنذ متى أنا هنا؟''· ويظل السؤال بلا جواب· على محور آخر يطل رجل وطفلة، يكون والدها حينا، وتكون والدته حينا آخر· يكون والدها فيصر على أن يعرف ''أين خبأت العصفور'' فيما تصر هي أنها لم تخبئ العصفور، بل لقد طار واختفى، فيسألها باستنكار إن كانت العصافير تطير؟ وتجيبه بإصرار أنها تطير فعلا، فيشدد عقوبتها، ويحدث العكس حين تتقمص الطفلة دور الأم حيث يبدو هو في دور الطفل، وينقلب الحوار هنا، فيصبح الطفل في موقع الضرب والتوبيخ، ويصر كما كانت الطفلة تصر على أن العصافير تطير حقا· وفي تبادل الأدوار هذا تدور حوارات عبثية، وتظهر شخصيات وتختفي أخرى ضمن إيقاع عبثي أيضا، تعبيرا عن غياب التفاهم بين البشر، فالحوارات القصيرة المتبادلة تنم على ضجر وعدم اكتراث بالآخر، سواء كان الحوار في ما بين الشابين، أو بين الشابين والرجل والطفلة، أو بين الرجل والطفلة، هي حوارات تعبر عن شعور بالخواء لدى الجميع· ويكرس هذه الحالة العبثية شعور حاد بالزمن، فثمة ساعة لا تكاد تكف عن التذكير بهذا الزمن، وحين كانت الساعة تتوقف كان الشابان يتبادلان الدق على خشبة المسرح بأقدامهما فيخلقان إيقاعا زمنيا مشابها· هذا إلى شعور حاد بغياب المكان والإلحاح على معرفته· ثمة موضوع آخر يطرحه هذا النص المسرحي على نحو سوريالي، هو علاقة الفتاة بكل من الشابين، حيث نجدها تقترب من الشاب الأول، تتغزل به وتبدي إعجابها بوسامته ثم تأخذه من يده وتختفي معه فترة لتعود ببطن منفوخة، والأمر نفسه يحدث مع الشاب الثاني دون أن يفهم أي منهما شيئا مما يحدث لهما، وكأنهما من كوكب آخر وينتمون إلى كائنات أخرى· والأعجب أن والد الفتاة لا يغضب حين يعرف ما قامت به ابنته· وهو حين يراها تكون قد تقمصت دور الأم التي تهدده بالعصا·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©