الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القتل لوقف الحب وتفجيره

القتل لوقف الحب وتفجيره
31 يناير 2008 01:27
رواية فيرونيك أولمي ''شَغَفُهَا''، رواية التناقض، رواية الغرق في التلاوين المشاعرية التي تُسيّر البشر باتجاهات مناقضة لكل تجربتهم الحياتية والمتوقعة لهم· فهذه الرواية الصادرة في بيروت 2008 عن كل من الدار العربية للعلوم ناشرون ومنشورات الاختلاف بترجمة اسكندر حبش، رواية الحب الذي يذهب إلى نهايته القصوى لينتج نقيضه قتل الحبيب لوضح حد لعلاقة تأسر طرفيها· رواية العلاقات المزدوجة تروي ''شَغَفُهَا'' قصة كاتبة (هيلين) عشيقة الممثل (باتريك)، المتردد في ترك زوجته من أجلها، لأن هذا الانفصال يكلف الكثير من المال· تذهب هيلين الكاتبة إلى معرض الكتاب من أجل توقيع كتابها، في الوقت الذي تكون قد أنهت علاقتها معه قبل ذهابها· وتقرر أنها لن تعود إليه· وعلى الرغم من كل الصخب حولها في معرض الكتاب، من نشاطات، وسهرات مجون، لا تستطيع سوى الانشغال بعلاقتها بباتريك· ويزداد الانشغال عندما تجد نفسها وحيدة في غرفتها بالفندق· تجد نفسها تعشق هذا الرجل وهي شغوفة به· بعد عشرة أيام من الفراق يرن هاتفها المحمول بنغم عشيقها الخاصة، أعادت الرسالة الاضطراب إليها، فهي بعد أن صمدت تعيد الرسالة كل أوجاع الرأس وكل الذكريات الجميلة، كانت تنتظر أن يقول لها أو أن تحمل الرسالة كلمة أصبحت حراً لكن الرسالة حملت عبارة ''أشتاقك'' ترددت في أن تكتب له رسالة هاتفية تعلمه أنها تسلمت الرسالة وأنها ستتصل به بعد خمس دقائق· ولكنها لا ترسلها وتقول لنفسها ''سيقول لنفسه: بالتأكيد لا تستطيع العيش بعيداً عني، لنعيد الكرة مجدداً كما من قبل، الزوجة والعشيقة''· فقدان المقاومة لا تستطيع المقاومة تجد نفسها تتصل به، وتقول له ''هذه أنا'' وباتصال واحد تستعيد كل شيء· فقد كان حياتها، والعشرة أيام التي قضتها بعيداً عنه ما هي سوى تشويش، ركام من اللقاءات المهنية المؤدبة، لقد كانت بالنسبة لها عشرة أيام ضائعة· كانت ترغب أن يقول لها إن المنزل قد تم بيعه، قل لي أنك تنتظرني في مكان ما، إنك ستفتح لي باباً وسيكون منزلي لتقول ''منزلي هو منزلك''، لا أستطيع العودة كما قبل، فهذه الحياة فرنسية جداً، المرأة العشيقة، الجميع على علم بذلك، ما من أكاذيب، آه، لا شيء من ذلك بيننا، يعاني الجميع من ذلك ويسكتون بسبب عزة النفس، بسبب المصالح، بسبب الراحة بسبب الخوف حياة التناقض تناقضات حياة هيلين ليست وليدة عشقها لرجل متزوج، فهي منذ كانت صغيرة عانت التناقض الرهيب، بين كونها ابنة عامل معماري فقير كثير الأولاد، يرث الأولاد ملابسهم بعضهم عن بعض· في الوقت الذي تعيش فيه هيلين عند نسيبة لهم غنية، عندها كل شيء وفي نفس الوقت تنمي إلى تلك الأسرة الفقيرة· هذا ما جعلها تشعر بعدم الانتماء إلى المكان الذي تعيش فيه، ولا تنتمي إلى الأماكن التي ترتادها في سياق الحياة المترفة التي تعيشها في منزل النسيبة الغنية وعلاقتها التي تنتمي إلى ذات الطبقة· الحب القاتل طلق ناري لصياد في اليوم التالي يغير المسار، فالطلق الذي سمعته هيلين من الغابة القريبة يجعلها تذهب لتفقد الغابة، في دخولها للغابة وتجولها تصادف الصيادين، وتجد نفسها تسرق سيارة أحدهم، لتعود فيها إلى باريس للقاء باتريك، وبسرعة جنونية تقود السيارة، لم تعد تحتمل· تعود إليه وعندما تصل أمام منزله، تتصل به من الهاتف المحمول للرجل الذي سرقت سيارته· يأتيها بعد قليل· هي التي وهبت نفسها له وأخذها، تجد نفسها لا شيء ''سرقها وأغلق عليه للأبد داخل عينيه السوداء تريد أن تستعيد ذاتها، تريد أن يعيدها، هنا والآن، هذه أنا، أعدني إلي، أعد لي هيلين، أعد لي حياتي!'' وكي لا يعودا كما كانا، كان بينها بندقية الصياد التي كانت في السيارة التي سرقتها، كان بينه وبينها الموت المجرد، الآني· لذلك أطلقت النار كي ينفجر كل شيء، كي يتوقف كل شيء· كان الحب الأول· الأمل الأخير· ومن ثم السقوط· وتمددت هيلين فوق حرارته، فوق رائحته، فوق ارتعاشاته الأخيرة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©