الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

السياسة الخارجية الهندية.. القوتـان الناعمة والصلبة

24 يناير 2017 23:59
أبوظبي (الاتحاد) حافظت الهند على علاقات ودية مع معظم الدول منذ استقلالها في عام 1947، وتميزت السياسة الخارجية للحكومة الهندية منذ تولى السيد ناريندرا مودى مهام منصبه عام 2014، بأنها دبلوماسية متميزة لإعادة تنشيط العلاقات التقليدية، وإعادة صياغة العلاقات الاستراتيجية، وكان الوصول إلى الهنود في الخارج في مقدمة الجهود الدبلوماسية الهندية. وبينما كانت تلك التحولات الاقتصادية والسياسية تأخذ مجراها، كانت الهند تحاول إيجاد آليات جديدة لسياستها الخارجية والأمنية بما يتلاءم وحسابات مرحلة ما بعد الحرب الباردة، التي كانت ترتكز تقليديا إلى مبادئ عدم الانحياز، والتحالف الوثيق مع الاتحاد السوفيتي السابق. أما اليوم فلقد أضحت الولايات المتحدة الأميركية أهم حلفاء الهند خارج محيطها الإقليمي، وفرضت عليها مصالحها الاقتصادية إعادة توصيف أهدافها الأمنية والخارجية. ويستند وضعها الأمني ومكانتها في عالم اليوم إلى حيازتها لأسلحة الردع النووية. أما طموحها للاضطلاع بدور أكثر تميزا عالميا فيعد أبرز سمات سياستها الخارجية، إلا أن الرؤية العامة لسياستها الخارجية أصبحت أكثر محدودية عما كانت عليه في عهد نهرو، وإن كانت آلياتها قد أصبحت أكثر تشعباً. شهدت السياسة الخارجية الهندية خلال السنوات القليلة الماضية حِراكاً كبيراً على المستويين الإقليمي والدولي، في محاولة لاستكشاف واستغلال أدوات القوة الصلبة والناعمة للدولة، من أجل زيادة نفوذها عالمياً. وثمة العديد من النقاط التي يمكن ملاحظتها على السياسة الخارجية الهندية، ومنها الإفراط في استخدام مفهوم «سيادة الدولة». وفي هذا الإطار، أكد التقرير الصادر عن مركز بناء السلام النرويجي NOREF، والمُعنون بـ: «نموذج جديد: تحركات السياسة الخارجية الهندية على المستوى الدولي»، وأعده كل من جاسون ميكليان Jason Miklian، وهو باحث رئيسي في معهد أوسلو لأبحاث السلام، وديفيك شارما وهو مدرس مساعد بقسم العلوم السياسية في جامعة دلهي، أن الملامح الجديدة للسياسة الخارجية الهندية أكدت على خمس قضايا عالمية رسمت وجه هذه السياسة. وباستعراض خلفية موجزة للتفاعلات الدولية للهند من رئيس الوزراء الراحل جواهر لال نهرو إلى رئيس الوزراء الحالي ناريندا مودي، نجد أن قيادة الهند لحركة عدم الانحياز في فترة الحرب الباردة، حددت مسارات علاقاتها الدولية وسياستها الخارجية، التي تأثرت أيضاً بموقعها الجغرافي والاستراتيجي، بالإضافة إلى دور القيادة ومعتقداتها متمثلة في شخصية رئيس الوزراء الراحل نهرو. ففي ظل قيادة نهرو، حاولت الهند التحرك في مسارين: الأول: برجماتي حيث الدور العقلاني الذي عبر عن دولة حديثة الاستقلال. الثاني: دولي، إذ أراد نهرو نشر القيم المثالية في العالم، ومن ثم، هدف إلى وجود قوة آسيوية، مع رفض استخدام العنف في السياسة الدولية، وتفضيل الدبلوماسية. ظلت فلسفة نهرو مهيمنة، إلى حد كبير، على سياسة الهند طوال العقود التي تلت رحيله وفقا لميكليان وشارما، ثم بدأت هذه القيم تقل في تأثيرها، خاصةً مع سياسات التحرر الاقتصادي التي بدأها حزب المؤتمر في تسعينات القرن الماضي، وكذلك التجارب النووية التي أجراها حزب (بهاراتيا جاناتا) الحاكم في عام 1998، والتي زادت من النفوذ الهندي بعد فترة وجيزة من العقوبات والتبعية السياسية. كما وصلت العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والهند إلى أعلى مستوياتها، وتعززت العلاقات التجارية والأمنية مع الصين على الرغم من القلق والتوتر بين الدولتين. وتوافق صعود ناريندرا مودي لرئاسة الوزراء في الهند عام 2014 مع التطلعات الدولية للبلاد، فقد أصبحت نيودلهي أكثر سعياً في التحرك نحو شغل مكانة وسط القوى الكبرى على المستوى الدولي، بما يتوافق مع عظمة التاريخ الحضاري للهند، ودليل ذلك التحركات الهندية من الشرق إلى الغرب، وسعيها إلى بناء علاقات مترابطة مع الدول الغربية، ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ، وآسيا الوسطى، والقطب الشمالي. وفي هذا الشأن، رأى الكثيرون أن سياسة مودي فريدة من نوعها، ومنافسة لسياسة نهرو. عملت إدارة مودي على اكتشاف سياسات ومبادرات جديدة، لاستغلال القوة الصلبة والناعمة للدولة، من أجل تمدد تدريجي في مواجهة الصعود الصيني، وظهر ذلك في: 1- القوة الصلبة: حيث سعت الهند إلى زيادة قدراتها العسكرية البرية والبحرية والجوية بالشكل الذي جعلها من أكبر مستوردي الأسلحة في العالم. كما وطدت العلاقات الهندية مع كل من الولايات المتحدة وروسيا من خلال الصفقات العسكرية. 2- القوة الناعمة: استضافت الهند أحداثا رياضية دولية مثل دورة ألعاب الكومنولث في عام 2010، والنجاح في وضع «المسبار الآلي» في مدار المريخ في سبتمبر 2014، مع انتشار العلامات التجارية الهندية حول العالم. كما ركزت خطابات مودي، في الداخل والخارج، على التراث الثقافي والحضاري للهند. لقد ركزت السياسة الخارجية الهندية الجديدة على خمس قضايا مهمة بالنسبة لها هي: 1- التغيرات المناخية: أيدت الهند مبدأ المسؤولية المشتركة ولكن المتباينة طبقاً للقدرات المختلفة، واعتبرت هذا المبدأ قاعدة للتفاوض فيما يتعلق بقضايا المناخ، مع تأكيد سعيها لمواجهة التحديات المناخية، ولكن مع ضمان الأمن والتنمية للشعب الهندي، وفقاً للخطة الوطنية لتغير المناخ. وفي سبيل ذلك، قامت الهند بعدة خطوات، من بينها الضغط على الدول المتقدمة لنقل التكنولوجيا لمواجهة التحديات المناخية بتكلفة أقل، ووضع سياسة تنظيمية لذلك. 2 - أمن الطاقة: تواصل الهند مواجهة أزمة الطاقة، خاصةً في ظل تنامي اقتصادها، وتزايد تعدادها السكاني، ومن ثم كانت مساعي الدبلوماسية الهندية خلال السنوات القليلة الماضية للبحث عن مصادر ملائمة للطاقة من ناحية التكلفة والاستمرارية، من خلال إنشاء قطاع بوزارة الخارجية لأمن الطاقة في عام 2007 وتطويره. كما تمتلك الهند برنامجاً طموحاً لتوسعة الاستخدامات السلمية للطاقة النووية. 3 - الأمن الغذائي: على الرغم من امتلاك الهند اقتصاداً زراعياً كبيراً يساعد في دعم المساعي الدولية لضمان الأمن الغذائي، بيد أنها تعاني وجود أمن غذائي غير مستقر، وسوء تغذية. وفي هذا الإطار، شددت الحكومة الهندية على أهمية وضع الأمن الغذائي على أجندة المفاوضات التجارية الدولية، ولكنها كانت حذرة في تحرير أنظمة الأسعار، لأن ذلك من شأنه أن يترك المزارعين الهنود عرضة للخطر. 4 - التكاملات الاقتصادية البديلة: لعل المبادرة الأكثر رمزية التي شاركت فيها الهند، بما يعكس حدوث تغير في النظام العالمي، هو تعاونها مع دول بريكس في إنشاء بنك التنمية الجديد NDB في عام 2014، والذي هدف إلى تشكيل بديل للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي نتيجة هيمنة الغرب عليهما. 5 - التدخل الإنساني: تبحث الهند عن دور لها في تحديد أجندة العمل المتعلقة بالتدخل الإنساني على المستوى الدولي، ليس فقط من حيث التزامها بالديمقراطية وحقوق الإنسان والمشاركة في قوات حفظ السلام، ولكن أيضاً من أجل تأكيد دورها الإقليمي. لقد أكدت الهند على دعمها مسألة التدخل الإنساني، ولكن بمعايير محددة. فعلى سبيل المثال، تربط نيودلهي التدخل الإنساني بالسيادة الوطنية، حتى ولو كان التدخل من أجل الحماية. دور رائد قامت الهند بدور رائد في سنة 1950 عن طريق الدعوة إلى استقلال المستعمرات الأوروبية في أفريقيا وآسيا. واشتبكت الهند في اثنين من التدخلات العسكرية القصيرة الأمد مع اثنتين من دول الجوار: قوات حفظ السلام الهندية في سريلانكا، وقوات كاكتوس في جزر المالديف. - عضو في دول الكومنولث. - عضو مؤسس لحركة عدم الانحياز. - بعد الحرب الهندية الصينية، والحرب الهندية الباكستانية عام 1965، تحسنت علاقات الهند مع الاتحاد السوفييتي واستمرت كذلك حتى نهاية الحرب الباردة. - خاضت الهند حربين مع باكستان بسبب مسألة خلاف كشمير. والحرب الثالثة بين الهند وباكستان في عام 1971 أسفرت عن إنشاء بنجلاديش. وحدثت مناوشات إضافية بين الدولتين حول نهر سياتشن الجليدي. وفي عام 1999، خاضت الهند وباكستان حربا غير معلنة على كارجيل. - تلعب الهند دورا مؤثرا في رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي، ومنظمة التجارة العالمية. - قدمت الهند ما يصل إلى 55000 من أفراد العسكرية الهندية وأفراد الشرطة للعمل في خمس وثلاثين عملية من عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة عبر أربع قارات. - رغم الانتقادات والعقوبات العسكرية صممت الهند على رفض التوقيع على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية ومعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وتفضل بدلا من ذلك الحفاظ على سيادتها على برنامجها النووي. - العرض الأخير التي قدمته الحكومة الهندية عزز العلاقات مع الولايات المتحدة والصين وباكستان. - أصبح للهند علاقات وثيقة في المجال الاقتصادي مع غيرها من الدول النامية في أميركا الجنوبية وآسيا وأفريقيا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©