الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صعوبات الإغاثة... تعقيدات المهمة في هايتي

صعوبات الإغاثة... تعقيدات المهمة في هايتي
25 يناير 2010 21:56
جوردون لوبولد هايتي وصلت وحدة عسكرية تابعة لقوات المظليين الأميركية تدعى "جرين فلوكنز" إلى هايتي على متن طائرة حطت في ملعب لكرة السلة على قمة إحدى التلال المشرفة على العاصمة "بور أو برانس" لتوزيع المساعدات الإنسانية من ماء وغذاء في أحد المعسكرات التي أقيمت على عجل لإيواء مشردي الزلزال، لكن بالإضافة إلى المواد الأساسية حمل الجنود معهم الكثير من الصبر وضبط النفس في ظل الفوضى التي تسود البلاد، وهما الصفتان الضروريتان لاستكمال مهمة الجيش الأميركي في هايتي بسبب مشاعر الإحباط السائدة على نطاق واسع بين المنكوبين وصعوبة توزيع المساعدات الإنسانية على نحو منظم، وقد اتضح ذلك بشكل مباشر عندما قام الجنود بتوزيع الغذاء والماء على الأهالي فتحول ما بدا أنه عمل منظم وجمهور مسالم إلى فوضى عارمة صاحبتها أعمال النهب والسرقة ما اضطر الجنود إلى الإسراع في المغادرة بعدما انقلبت الأمور إلى فوضى وكادت أن تخرج عن السيطرة، ومع أن رجال المظليين شعروا بالإحباط لعدم قدرتهم على تقديم المساعدة لجميع الأهالي لكثرة أعدادهم، إلا أنهم أحسوا بالفخر أيضاً للمساهمة في الإغاثة وتوزيع الدواء والغذاء حتى لو لم يكن بالقدر الكافي، وخروج سلوك بعض الأهالي عن اللائق بسبب التزاحم على المواد وفي بعض الأحيان الصعود إلى شاحنة الجنود وسرقة ما وقعت عليه أيديهم. وعن هذه الفوضى يقول السيرجنت "روبرت فرانسوورث" قائد الكتيبة العسكرية: "يبدو أن احتياجات السكان تفوق إمكاناتنا وهو ما يدفعهم إلى التزاحم ونهب المساعدات، فنحن حتى لو وزعنا المواد الغذائية على مدار الأربع وعشرين ساعة وطيلة ستة أشهر لما كان ذلك كافياً لسد جميع احتياجات الأهالي المنكوبين". ووحدة المظليين التي انخرطت في عمليات تقديم المساعدات هي جزء من آلاف الجنود الأميركيين وعمال الإغاثة الذين توافدوا على هايتي عقب الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد وقتل عشرات الآلاف من الأشخاص، بحيث تبقى المهمة الأولى لهؤلاء الجنود تأمين وصول المعونات إلى المشردين وضمان استقرار الوضع الأمني وعدم خروجه عن السيطرة، والمشكلة أن الجنود هذه المرة استقدموا إلى هايتي على وجه السرعة ولم يكن لديهم الوقت للاحتكاك بالأهالي وتعلم الثقافة ووضع خطط لتوزيع المساعدات التي تتم حالياً بصورة عشوائية تفتقر لتنسيق مع باقي الجهات الدولية المتواجدة في هايتي، وفي حين اعتقد المظليون أنهم سيتوجهون إلى أفغانستان للمشاركة في الحرب الدائرة هناك ضد المتمردين وجدوا أنفسهم بعد الزلزال في بلد استوائي وفقير تتوزعه معسكرات إيواء المشردين بعد الدمار الكبير الذي لحق بالمنازل والبنية التحتية المتهالكة أصلا. غير أن الهايتيين الذين عانوا من الفقر لفترة طويلة طوروا بإمكاناتهم الخاصة سبلا للتعايش مع الكارثة وباتوا ينصبون أعمدة ويلفون عليها قماشاً كنوع من البيوت، باحثين بين الأحراش والمزارع عما يسد الرمق في ظل ندرة الغذاء والماء الصالح للشرب واختفاء الوظائف التي كانت قبل الزلزال. وبسبب السرعة التي جاءت بها وكالات الإغاثة الدولية وفرق الإنقاذ لم يُتح الكثير من الوقت لتنسيق الجهود وهو ما عبر عنه أحد موظفي الإغاثة التابع لوكالة دولية قائلا إنه في بعض الأحيان يتم توزيع المعونات لأكثر من مرة على معسكر واحد فيما البعض الآخر لم يتلقَ شيئاً، وربما لتفادي مثل هذه الأخطاء تمت الاستعانة بالمظليين الأميركيين الذين أُرسلوا إلى أحد الأحياء في العاصمة القريبة من المطار، وهو إن كان أحسن حالا من غيره في المناطق الأكثر تضرراً إلا أنه لا ينفي وجود العديد من التحديات، ففي يوم الجمعة الماضي وصل عشرون جندياً على متن شاحنة مليئة بوجبات الطعام والمياه المعلبة تكفي لحوالي 800 شخص، كما أنهم حرصوا على المجيء في الصباح الباكر لعدم لفت الانتباه وتوزيع المساعدات بشكل فعال، وفيما كانت البداية سلسة مع مشاركة الرجال الهايتيين في تنظيم الأهالي الذين تجمهروا حول الشاحنة وقاموا برصهم في صفوف وإعطاء الأولوية للنساء والأطفال، إلا أنه بعد لحظات قليلة انهار النظام وبدأ التدافع في حين لجأ البعض الآخر إلى تسلق الشاحنة وأخذوا ما يريدون، وأكثر من ذلك استمر الجمهور في التدفق ليرتفع العدد من 200 شخص في البداية إلى ألف في غضون لحظات قليلة. وعلى رغم صياح الجنود على الأهالي بالتراجع قليلا إلى الوراء وتنظيم أنفسهم، إلا أن أغلبهم لا يتحدثون الإنجليزية فاجتاز الأهالي الخط الموضوع أمامهم وبدأوا يزحفون على الجنود ما اضطر المظليين المسلحين إلى التحلي بالكثير من الصبر وضبط النفس قدر المستطاع حتى لا تنفلت الأمور وتخرج عن السيطرة، وهو الأمر الذي دفع النقيب "شين شيلدز" قائد العملية إلى إعطاء تعليماته للجنود بالتراجع والعودة إلى القاعدة. وفي اجتماعهم لاحقاً في مقر القيادة أبدى الجنود استياءهم مما جرى وعدم قدرتهم على ضبط الأهالي وتوزيع المعونات على نحو أفضل، لكنهم مع ذلك تعهدوا بمواصلة العملية والمضي قدماً في توزيع المعونات على المنكوبين، وهو ما أكده قائد العملية الذي سبق أن عمل في أفغانستان وشارك في جهود الإنقاذ خلال إعصار كاترينا وذلك بإرسال عدد أكبر من الجنود ليضمنوا عدم تعرض المساعدات للنهب والسرقة كما حدث في المرة السابقة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©