الجمعة 10 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجويني «إمام الحرمين» جلس للتدريس في سن العشرين

الجويني «إمام الحرمين» جلس للتدريس في سن العشرين
12 أغسطس 2010 23:16
الإمام الجويني من أعلام الأمة وأبرز المتكلمين وكان متعدداً في مصنفاته فهو فقيه وأصولي ومفكر ذائع الصيت ومفسر كبير وصوفي، ولسعة علمه وزهده لقبوه بإمام الحرمين وركن الدين. ويقول الدكتور محمد عثمان الخشت - أستاذ فلسفة الأديان ومستشار جامعة القاهرة الثقافي: هو إمام الحرمين أبو المعالي ركن الدين عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني. عربي النسب من قبيلة طيئ. ولد في جوين التي ينسب إليها وهي من نواحي نيسابور ببلاد فارس في 18 من المحرم عام 419 هـ. وكان أبوه واحداً من علمائها وعلى يديه تلقى العلم كما درس على يد أحمد بن الحسين وعلى يد شيخ القراء الخبازي أبي عبد الله محمد بن علي وكثير من أعلام عصره. وأضاف: أجلس الجويني للتدريس وهو ابن عشرين عاماً وذلك لنبوغه المبكر وللعقلية الناقدة التي تميز بها. وكانت نيسابور في الصدر الأول من حياته العلمية مسرحاً للفتن والصراعات بين السنة والشيعة والمعتزلة الأمر الذي اضطر الجوينى إلى أن يرحل عنها ضمن من رحل من علماء أهل السنة والجماعة «الأشاعرة» فذهب إلى بغداد، ومنها إلى مكة المكرمة حيث جاور بها أربع سنوات، وكان يقضي يومه بين العلم والتدريس ويستغرق ليله طائفا متعبدا في الكعبة المشرفة، فصفت نفسه وعلت همته وارتفع قدره. ومنها ذهب إلى المدينة المنورة ولأنه درس فيهما وأفتى اشتهر بلقب «إمام الحرمين». ويضيف: عندما هدأت الفتنة في نيسابور عاد إليها ودامت إقامته بها باستثناء زيارة لأصبهان. وفي نيسابور بنى له الوزير نظام الملك 408-485 هـ، المدرسة النظامية الشهيرة فجلس للتدريس بها وعنه أخذ العلم فيها أكابر العلماء ومنهم أبو حامد الغزالي. وقال: عرف التصوف الحق طريقه إلى قلب الجويني، فكانت مجالسة الصوفية رياضة روحية وسياحة نفسية يحلق بها في آفاق إيمانية رحبة، يبكي فيبكي الحاضرون لبكائه، ويجد فيها مجاهدة لنفسه ومراجعة لها. واستطرد قائلا: كان الجويني موسوعياً في علمه، ولقد تبوأ مكان الإمامة العلمية في علم الكلام حتى كان أحد ثلاثة مع الغزالي والباقلاني طوروا المذهب الأشعري بعد مرحلة تأسيس الأشعري لقواعده، وفي أصول الفقه وفي فقه المذهب الشافعي. كما كان له خوض في علوم الصوفية ومجاهداتهم. ولقد زادت مؤلفاته على الأربعين معظمها لا يزال مخطوطاً، منها في أصول الفقه «البرهان» و»الورقات» و»التحفة». وفي الفقه «نهاية المطلب» و»مختصر النهاية» وفي علم الكلام «الإرشاد» و»الشامل» و»العقيدة النظامية» و»لمع الأدلة». وفي الخلاف والجدل «الأساليب» و»الكافية» و»الدرة المضية فيما وقع من خلاف بين الشافعية والحنفية». وفي الحديث «الأربعون حديثا المختارة»، وله في الإمامة والولايات والسياسة كتابه الفذ «غياث الأمم في التياث الظلم» ومعناه منقذ الأمم من الوقوع في الظلم. ويقول إنه بالرغم من أن الحنابلة قد هاجموه متهمين إياه بالاشتغال بالفلسفة ومدعين عليه دعاوى لو صحت لكانت كفرا وإلحادا، فإن حياته العلمية وآثاره الفكرية شاهدتان على ورعه ووسطيته واعتداله كأحد أعلام الأشعرية الذين يمثلون جمهور أهل السنة والجماعة وقال عنه الشيخ أبو إسحق الشيرازي: «تمتعوا بهذا الإمام - يعني إمام الحرمين- فإنه نزهة هذا المكان». وأشاد به العلماء وأثنوا عليه وقال عبد الغافر الفارسي فيه: «إمام الحرمين فخر الإسلام إمام الأئمة على الإطلاق، حبر الشريعة، المجمع على إمامته شرقاً وغرباً». وقال الحافظ أبو محمد الجرجاني: «هو إمام عصره ونسيج وحده ونادرة دهره قليل المثل في حفظه وشأنه ولسانه». وقال الشيخ أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمـن الصابوني: «صرف الله المكاره عن هذا الإمام، فهو اليوم قرة عين الإسلام». وأضاف: كان الجويني كتلميذه الغزالي صاحب تجربة في معاناة الحيرة بين مسالك العلماء لتحصيل اليقين الإيماني الذي يبلغ في الرسوخ عبر النظر والاجتهاد يقين العجائز المقلدين. ولقد عبر عن معاناته في رحلته الفكرية هذه بالعبارة التي ينقلها عنه السبكي في طبقات الشافعية والتي يقول فيها: «لقد قرأت خمسين ألفاً في خمسين ألفاً ثم خليت أهل الإسلام بإسلامهم فيها وعلومهم الظاهرة وركبت البحر الخضم وغصت في الذي نهى الإسلام عنه كل ذلك في طلب الحق وكنت أهرب في سالف الدهر من التقليد والآن قد رجعت عن الكل إلى كلمة الحق». أهم كتب التفسير يعد تفسيره «تفسير القرآن الكريم» من أهم كتب التفسير، إذ مضى فيه على طريقة سلف الأمة من صحابة وتابعين وأئمة الهدى المتقين من دون الدخول في متاهات المتكلمين. وقال: أصيب الجويني بمرض عضال فنصحه الأطباء بالانتقال إلى «بشتنقال» للاستشفاء بجوها المعتدل ولكن اشتد عليه المرض فمات بها في 25 ربيع الآخر عام 478، وعندما توفي كان له أربعمئة تلميذ يحضرون حلقة علمه في نيسابور فكسروا محابرهم وأقلامهم وأخذوا يطوفون الشوارع باكين واستمر حدادهم وإضرابهم عن طلب العلم حولاً كاملاً.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©