الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عين الرضا

عين الرضا
17 يناير 2014 22:48
كانت ريهام تثق به جداً .. لا تقبل أي كلمة ضده.. تصدق كل حرف يقوله.. في هذا كان موقفي غاية في السوء لأنها تعرف تعلقي الشديد بها، لهذا كنت متهماً على الدوام وفاقداً للمصداقية ووغداً.. قررت أن أخرس لكن الأمور كانت تستفزني جداً في مواضع شتى، وقد قلت لها: ـ«بصراحة. لو اتضح أنه يكذب، فأنا لن أنتظر حتى يفعل ذلك مرتين .. مرة واحدة كافية جداً في رأيي» قالت في كبرياء: ـ«هو لا يكذب أبداً.. كل شيء يقوله دقيق تماماً...» هكذا كان يتصل بها ليخبرها أنه في القاهرة... بالطبع أقابله في كل مقاهي الاسكندرية وكل أماكن الترفيه فيها، لكن لا أجرؤ على أن أخبر ريهام بشيء.. هذه تفاهات طبعاً.. وجدتها دامعة العينين .. فسألتها عن السبب. قالت في هستيريا وهي ترتجف تأثراً: ـ«المسكين مريض جداً ولم يعد يأكل.. بدأت أعتقد أنه سيموت من الوجد..» قلت في غيظ: ـ«لا أحد يموت من الوجد ما لم يكن قيس بن الملوح». ـ«هذا لأنك غير مرهف الحس.. هذه أمور لا يمكن أن تفهمها». فعلاً هو مريض جداً. عرفت هذا بشكل يقيني عندما ذهبت إلى ذلك (المصمد) الذي يقدم لحم الرأس والأقارع والممبار والفت .. وجدته هناك غارقاً في العرق يتنفس بصعوبة، وقد شمر ذراعيه ليتمكن من الحرب وسط كومة من اللحوم السمينة الساخنة.. من المعجزات أنه لم يمت.. التقطت له عدة صور وهو غافل عني، ثم قررت أنها لن تصدق.. سوف أفقد صداقتها بلا جدوى.. نصحته هي مراراً بأن يكف عن التدخين.. الفتيات لا يهتممن بالتدخين فعلاً، لكنهن على الأرجح يؤدين دورهن المرسوم.. لابد من الدلال ونغمة (أنا خائفة على صحتك جداً). لهذا وعدها بأن يقلع.. بل إنه أخرج مصحفاً من حقيبتها وأقسم عليه أنه لن يدخن ثانية من أجل عينيها.. ودمعت عيناه.. قالت لي هذا وهي ترتجف وتوشك على البكاء: ـ«تصور!.. من أجلي أنا تخلى عن التبغ!.. أحب شيء لديه في العالم». قلت في غموض: ـ«لو تخلى عن النعناع كذلك لصار هذا رائعاً». لم تفهم ما أقول.. طبعاً افترضتْ أن هذا كلام شخص موتور تقتله الغيرة. القصة باختصار هي أنني قضيت أمسية مع هذا الفتى.. كان يدخن الشيشة بلا توقف، ثم أحرق علبتي سجائر.. في النهاية ابتاع علبتين من النعناع. كان سيقابل ريهام لذا حرص على أن يزيل أي رائحة للدخان من أنفاسه. سوف تلاحظ ريهام أن رائحة النعناع تتصاعد من فيه كل الأوقات كأنه حديقة.. قلت لها في حذر: ـ«أنت تعرفين أن الكذب والبخل صفتان غير قابلتين للإصلاح في أي رجل». قالت في ثقة وهي تغمض عينيها: ـ«بالطبع.. لهذا أحبه، ولهذا لا أتصور أن أرتبط بك أبداً، فأنت للأسف تكذب كثيراً جداً.. هل تذكر عندما سألتك عن الساعة فقلت لي إنك لا تحمل ساعة، ثم اكتشفت أن هناك ساعة حول معصمك؟». ـ«كان هذا سهواً لا أكثر». ـ«بل هو كذب .. وأنا لا أطيق الرجل الكذاب. وفي مرة أخرى قلت لي صباح الخير بينما كانت الساعة التاسعة مساء». هكذا قررت أن أصمت نهائياً. ريهام قد تجاوزت مرحلة المساعدة. كل ما سأكسبه هو أن أخسرها للأبد... سأصمت بينما ذلك المحظوظ يزعم أن هذه هي سيارته الجديدة بينما هو استعار سيارتي أنا. فيما بعد سيزعم أنه باعها لي!.. سأصمت بينما هو يؤكد أنه مريض وأنه سيعالج في الخارج، بينما يلتهم طبقين من الكباب في ذلك المطعم كل ليلة، وسوف أصمت وهو يمشي مع تلك المرأة وهذين الطفلين زاعماً أنها أخته مع ولديها... سوف أصمت وهو يؤكد أنه رئيس مجلس إدارة تلك الشركة العملاقة.. يدخل من الباب الأمامي أمام ريهام ثم يرحل من الباب الخلفي.. هل تكتشف ريهام الحقيقة يوماً ما؟.. لا أظن.. إن هؤلاء المخدوعين يدمنون الخديعة ويكرهون جداً من يحاول إفاقتهم. دعك من أنني حسبت تكاليف الزواج بريهام فوجدت أنها ستكلفني الكثير من المال لو وافقت. خسارة!... أنا لا أكذب أبداً لكن من قال لك إنني لست بخيلاً؟
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©