الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

طائرة «الشبح» الصينية... والإنفاق العسكري الأميركي

14 يناير 2011 22:02
قد يكون العالم في حالة اضطراب، ولكن في تجارة الدفاع هناك مؤشرات على عودة الأمور إلى مجراها العادي. فبعد عقود مملة ورتيبة اضطر خلالها الجيش الأميركي للعيش من دون تهديد حقيقي يمكن أن يبرر به إنفاقه على أسلحة ذات تكنولوجيا عالية، أخذ الصينيون زمام المبادرة. وبموازاة مع انتشار التحذيرات في واشنطن بشأن تخفيضات فعلية في ميزانية الدفاع الأميركية، قدم أصدقاؤنا الآسيويون نظرة من ميدان جوي في شينجدو على طائرتهم الحربية الجديدة التي وصفت بأنها مقاتلة "شبح" لا يرصدها الرادار على غرار مقاتلتنا إف 22. رد فعل بعض الدوائر كان حماسياً مثلما كان متوقعاً؛ حيث يقول ريتشارد فيشر، زميل الشؤون العسكرية الآسيوية في "المركز الدولي للتقييم والاستراتيجية"، وهو مركز بحوث أمنية في واشنطن: "انطلاقا مما رأيت، أخلصُ إلى أن هذه الطائرة لديها بالفعل إمكانيات عظيمة لتكون متفوقة من بعض النواحي على طائرة "إف 22” الأميركية، بل يمكن أن تتفوق بشكل حاسم على طائرة إف 35". هذا في حين ذهب خبراء آخرون من المجمع الصناعي العسكري في حديثهم المبالغ فيه إلى ما أبعد من ذلك، متوقعين أن تكون الطائرة -وإن كانت تبدو ضخمة في الصور- غير قابلة للرصد من قبل الرادارات إلى حد كبير. وفي هذا الإطار، نقلت "فوكس نيوز" عن طيار سابق في البحرية يعمل حالياً في مجال صناعة الدفاع: "باستطاعة المرء أن يلحظ أنها تتوفر على تكنولوجيا تخفي حقيقية"، مضيفاً "إن طائرة إف 18 تبدو كشاحنة ضخمة ذات 18 عجلة على الرادار. أما تلك الطائرة، فقد لا تظهر على شاشة الرادار". ومن جانبه، أضاف وزير الدفاع الأميركي روبرت جيتس، الذي وصل إلى بكين بعد وقت قصير على انتشار الخبر، صوتاً قلقاً إذ قال: "لقد كنا نعرف أنهم يعملون على طائرة شبح"، مضيفاً "(ولكن) ما رأيناه هو أنهم ربما يكونون أكثر تقدماً في تطوير تلك الطائرة مما توقعت أجهزة استخباراتنا من قبل". وهكذا، فربما لن نضطر للانتظار فترة طويلة قبل أن يدعو عضو موقر من الكونجرس إلى إعادة فتح خط إنتاج طائرة "إف. 22"، الذي أوقفه جيتس في 2009 بعد إنتاج 187 طائرة فقط. والواقع أنه بالنسبة للأشخاص الذين مازالوا يتذكرون الحرب الباردة، فإن الأشياء تتحرك حالياً وفق نمط مألوف. ففي تلك الأيام، كانت قراءة مجلة "إيه دبليو آند إس تي" (أسبوع الطيران وتكنولوجيا الفضاء) تبعث على الشعور بالقلق والتوتر، حيث كانت تنشر بانتظام أخباراً تفيد بأن العبقرية العسكرية التكنولوجية السوفييتية باتت، مرة أخرى، على وشك التفوق على جهودنا المتواضعة وضعيفة التمويل. ومما جاء في مقال نموذجي نشر في يونيو 1982 مثلاً أن "الاتحاد السوفييتي يقوم بإنتاج واستعمال طائرة مبتكرة ذات تحسينات كبيرة في الأداء بوتيرة تفوق معدل إنتاج الطائرات الأميركية بمرتين... إن تفوق الناتو التكنولوجي آخذ في التراجع". غير أن ذلك لم يكن صحيحاً أبداً؛ ذلك أن الطائرات الحربية السوفييتية كانت تعاني دائما من مشكلة "السيقان القصيرة" -المدى غير الكافي- بسبب الإطارات الهوائية الأثقل، ناهيك عن عدد من الاختلالات الأخرى. والواقع أنه عندما كانت نماذج حقيقية لبعض الطائرات الحربية السوفييتية التي تمتدح كثيرا تُعرض على أنظار الغرب، كان يتبين دائماً أن أداءها هو دون التوصيفات المعلَن عنها. وعلى سبيل المثال، فعندما تم إيصال طائرة ميج 25 فوكس بات، التي رُوج لها في "إي دبليو آند إس تي" وغيرها من المجلات المتخصصة باعتبارها طائرة عجيبة يمكن أن تقطع مسافات واسعة بأكثر من ثلاثة أضعاف سرعة الصوت، إلى اليابان في 1976، تبين أن مداها لا يتجاوز ثلث المدى الذي أعلن عنه، ومحركات عجزت عن بلوغ السرعة المعلن عنها. والواقع أن إحدى خصائص ثقافة الطيران العسكري السوفييتي التي قد يكون الصينيون بصدد محاكاتها هي احترام وتبجيل النموذج التكنولوجي الأميركي. ففي الوقت الذي كان سلاح الجو الأميركي يخلص فيه إلى أن تكنولوجيا "سوينج سوينج" في قاذفة القنابل إف- 111 خلال سنوات الستينيات قد كانت خطوة تكنولوجية غير موفقة، أنتج "السوفييت" طائرتهم الخاصة سو 24 التي كانت أكثر ثقلاً وغير عملية. وهناك أفكار سيئة أخرى عديدة – وبخاصة في مجال الإلكترونيات – تم تكرارها بشكل منتظم أيضا على الجانب الآخر من الستار الحديد (بل إن مسؤولًا من مكتب التحليل الاستراتيجي في وكالة الاستخبارات المركزي "سي. آي. إيه" أقسم لي في الثمانينيات أن المحتويات الكاملة لمجلة "أفييشن ويك" أُرسلت على نحو مشفر من السفارة السوفييتية في واشنطن إلى موسكو بمجرد ما ظهرت في صباح يوم الاثنين). وإذا كان الصينيون قد استثمروا بالفعل المبالغ الضخمة الضرورية التي يتطلبها برنامج شبيه ببرنامج "إف- 22"، فما على الأشخاص الذين لهم استعداد مسبق للخوف من الصين إلا أن يبتهجوا. غير أن طائرات "إف- 22” المستعملة اليوم في سلاح الجو الأميركي تكلف الواحدة منها 355 مليون دولار على الأقل (علما بأن الكلفة الإجمالية قد تكون أعلى)؛ ومن المستبعد ما إن كانت طائرة" إف- 22” تستطيع بلوغ "السرعة الفائقة" -القدرة على التحليق بسرعة أعلى من سرعة الصوت بدون حرق أكبر - لأكثر من بضع دقائق. ولعل الأهم من ذلك هو أن أداءها بخصوص قدرتها على التخفي قد أثبت أنه مخيب للآمال؛ إذ على الرغم من أنها أقل قابلية للظهور على شاشات الرادارات مثل تلك المحمولة على متن مقاتلات أخرى أو صواريخ الدفاع الجوي، إلا أن رادارات الرصد ذات الموجات الأطول يمكن أن ترصد وجودها على بعد مسافات معتبرة. وعلى سبيل المثال، فقد استعمل الصرب في 999 رادارات دفاعية لإسقاط طائرة شبح "إف- 117” وألقحوا أضرارا كبيرة بأخرى. للأسف، إذا كان البعض سيصفق ربما لمبادرة صينية لإنفاق المال الذي ترسله لهم متاجر "وول-مارت" الأميركية على سلاح ذي جدوى مشكوك فيها، فإننا أيضاً قد ينتهي بنا المطاف إلى دفع الثمن في وقت يشار فيه إلى "تهديد" الطائرة الشبح الصينية لتبرير مزيد من الزيادات في ميزانية دفاعنا المتضخمة أصلاً! آندرو كوكبُرن محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©