الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بين مُعلقيْن

14 يناير 2015 23:16
لابد من الإشارة أولاً إلى أن إطلاق وصف معلق على من ينقل المباراة عبر الشاشة، إنما هو من باب المجاز الدارج، وأن الوظيفة الحقيقية للناقل والتسمية الأقرب إعلامياً لتوصيف المهمة هي «مذيع المباراة»، لأن التعليق فن إعلامي له شروطه وضوابطه، لسنا بصدد التفصيل فيها ولا حتى الإشارة إليها لولا ما حدث لنا مع السيد معلق مباراة المنتخب العُماني مع نظيره الأسترالي في أمم آسيا، والتي خسرها الأشقاء بأربعة أهداف للاشيء من غير أن تهتز صورة الحارس الحبسي في عيوننا وقلوبنا، وإن ارتعدت شباكه، وارتجفت واهتزت أربع مرات إلا أنها لو كانت أمانة عند غير الحبسي لاهتزت أكثر وأكثر.. ونمضي في ذكر مفردة معلق، تماشياً مع الدارج وتبسيطاً لنقل الحدث. تابعت المباراة في توقيتها الأصلي أي نقلاً مباشراً بصوت معلق أدهشني لجرأته، ليس استحساناً وإنما غيظاً، إذ أمطرنا بآراء غلفها بمفردات تنغرز في مسامعنا كالمخرز في اللحم، فهو حلل لنفسه ما هو محرما على معلق المباراة، أو مذيعها.. فقد قال- غفر الله تعالى له-: إن في المباراة.. تعذيباً جسدياً ونفسياً.. ووصف سير الأمور.. بالعار وبالمهزلة.. وأطلق وابلاً من النصائح التي تدمي المشاعر مثل.. من لم يكن مؤهلاً ليجلس في بيته، ولا يأتي ليجعل منا «مضحكة» للآخرين، وهو لم يوجه هذه النصائح للاعبين فقط، وإنما عم بها كل من له علاقة بالمنتخب العُماني من قريب أو بعيد، ومما ضاعف الآلام أن نبراته كانت خطابية، وكأنه ارتقى منصة وسط تظاهرة جماهيرية تطالب بإسقاط رؤوس أينعت وحان قطافها.. لقد نسي معلق المباراة أو مذيعها القواعد الأساسية للنقل، وفي مقدمتها أن البرامج الرياضية في التصنيف العام تقع في خريطة البرامج الترفيهية، وأن مذيعي هذه البرامج عليهم نقل المتعة إلى مشاهديهم عبر لغة سليمة مشوقة ونبرة مريحة. وتابعت في المساء المباراة نفسها على قناة أخرى بصوت مذيع آخر، وعلى الرغم من أنني أحفظ تفاصيل المباراة، إلا أنني سعدت بالمتابعة، لأن المذيع لم يحشر نفسه مهاجماً ضد المنتخب العُماني، وإنما حافظ على هدوئه، وظل وفياً لمهمته وشروط وظيفته، وهي عدم التدخل، وإلقاء المواعظ بنبرة خطابية، فإن شاء اللوم أو المديح، فإنه يعود إلى قاموسه الرياضي الترفيهي الذي لا يخلو بأي حال من الأحوال بخزين المشاعر الوطنية والقومية، فالكل مع المنتخبات العربية، وهي تلعب في أستراليا.. نعم تلعب ولا تقاتل، غفر الله تعالى للأول، وجزى سبحانه الثاني خيراً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©