الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مؤسس متحف عجمان يفتح ملف الذكريات ويروي صفحاته المضيئة

مؤسس متحف عجمان يفتح ملف الذكريات ويروي صفحاته المضيئة
16 يناير 2012
في باحة حصن عجمان جلس إبراهيم صالح، متكئاً على جدرانها المشبعة بعبق الماضي، التي اختزنت في طياتها تراث وثقافة أهاليها، تجوب عيناه المكان، ليستجلب ذكريات الأمس الجميل، بحلوها ومرها، في مشاهد وصور أبطالها الأهالي وأحداثها الحياة البسيطة التي كانت تنسج تفاصيل ونواحي الحياة الاجتماعية التي طوقتهم، وجعلت منهم أسرة واحدة متلاحمة. وساهم الوالد إبراهيم في توثيق مراحل مهمة من تراث وثقافة المجتمع المحلي، لتكون بمثابة لوحات، تطل عليها الأجيال من خلال بوابة متحف حصن عجمان الذي قام بتأسيسه كمعلم تراثي ثقافي، ينطلق عبره الزائر إلى الماضي ليطل على تفاصيل الحياة اليومية وأساليبها وفنونها. يقول الوالد إبراهيم صالح: لا يمكن أن تطوى صفحة الماضي بأحداثه ومواقفه، فهو يعد إرثاً للأجيال، يجب أن ينهلوا من قيمه ومفاهيمه وثقافته، كما يعد نهجاً لسلوكياتهم وعلاقاتهم الاجتماعية، فلابد من أن يكون هنالك تواصل بين الماضي والحاضر من خلال تواصل الأبناء مع الآباء والأجداد، والجلوس معهم والأخذ من تعاليمهم وفكرهم واكتساب لغة التواصل مع الآخرين وفق القيم الاجتماعية المحلية، والاطلاع على حياة الأجداد قديما حتى يكون المرء على دراية تامة، بما تكبده الأجداد من قسوة الحياة وشظف العيش، الأمر الذي منحهم الشدة والبسالة والإقدام في تذليل مصاعب الحياة ومحاولة البحث عن مصادر الرزق، حتى لو استنزف ذلك جهدهم وقوتهم بغية تحقيق الحياة الكريمة لأبنائهم، والرجوع بالخير الوفير لهم ولعائلاتهم. وأضاف: على الرغم من بساطة الحياة قديما إلا أنها عميقة وقوية في ترابط أهاليها وتلاحمهم، حيث لا تكف الزيارات بين الأفراد قديما أو حتى الجلوس وتجاذب أطراف الحديث بود واحترام وأخوه فتتجلى السكينة والاستقرار والمحبة، التي ترسم ملامح هذه العلاقات الإنسانية التي نفتقدها في عصرنا هذا». ويعود الوالد إبراهيم بذكرياته، وهو لا يزال طفلاً صغيراً: أذكر وقتها أنني عاصرت فترات مهمة من تاريخ الإمارات، منها فترة الرخاء، حيث لايمكن أن يتصور البعض الحياة التي عاشها أهالي المنطقة قديماً بسبب الممارسات التجارية الناجحة التي كان يقوم بها التجار، في عرض البحر ونقل البضائع من وإلى دول أخرى، فكان التجار يملكون الكثير وتبدو عليهم معالم الحياة المريحة نتيجة لجهدهم وتعبهم في البحث عن اللؤلؤ، فكان الله يجزيهم الخير الوفير. وأضاف: لكن لم تدم هذه المتعة والفرحة والراحة، فبظهور اللؤلؤ الياباني المزروع الذي قصم ظهر البعير كما يقال، انهارت تجارة اللؤلؤ الطبيعي، وباندلاع الحرب العالمية الثانية، حلت فترة صعبة، وأصبح بعض التجار لا يملكون قوت يومهم، وقد توفي الكثيرون منهم جراء السنوات العجاف التي مرت علينا، وبالفعل كانت تلك المرحلة عصيبة على معظم الدول. وأضاف: أنه لم يمض وقت طويل حتى عاد عهد الرخاء مجددا وألقى بظلاله علينا، بعد استخراج الخيرات من باطن الأرض وإعلان قيام دولة الاتحاد، تحت قيادة باني نهضتها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، مما يستوجب الشكر للخالق على ما أنعم به على وطننا الحبيب. وأشار إلى أن التراث بمختلف أشكاله وصوره يجب أن يصان ويحفظ ويلقن للأجيال حتى يكونوا على دراية بماضي أجدادهم، حيث تعد هذه الصروح التراثية بوابة على الماضي، تختزن في باطنها الكثير من الأعمال التراثية ونواحي الحياة الاجتماعية السائدة في حقبة زمنية مضت، لتكون حاضرة بفنونها وتفاصيلها، ومنها متحف حصن عجمان. وحول تأسيس متحف عجمان يقول إبراهيم صالح: جاءت فكرة تحويل حصن عجمان إلى متحف من قبل صاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي عضو المجلس الأعلى حاكم عجمان، حيث أطلعنا سموه على هذه الفكرة بوجود الدكتور عبدالله بن حمد الشامسي قائد عام شرطة عجمان، في وقت مضى، وعرضنا على سموه أن يقوم بالاستعانة بالفنانين من دولة البحرين نظرا لخبرتهم في هذا المجال، وقد فرغت وقتها من العمل من وزارة الإعلام، وانتدبت لأن أكون يوميا في الحصن لأقوم بعملية الإشراف المباشر على كافة التجهيزات والإعداد للمتحف. وقال: عندها بدأنا في وضع أولى دعائم متحف عجمان وتحويل فراغاتها الداخلية إلى لوحات تكرس فنيات الحياة القديمة بنواحها المختلفة الاجتماعية والاقتصادية والطبية، كان الأمر يدعونا إلى التوقف عند كل خانة وأقسام وتمثيل العمل بشكل حقيقي دون تشويه أو تغيير من أبسط الأمور فيها إلى أعقدها، وبالرغم من تشابه عادات وتقاليد دول الخليج، لكن تبقى هناك أمور دقيقة قد نختلف ونتميز بها عن غيرنا، فكانت هناك متابعة وإشراف خطوة بخطوة، على الفنيين المنفذين للعمل، الذي استمر قرابة سنتين. وبين إبراهيم صالح أنه تم افتتاح متحف حصن عجمان على يد الوالد الراحل المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، عام 1991، وقد كان صالح موجوداً للتعريف بأقسام المتحف، ذاكراً أن المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان توقف أثناء التجول في المتحف أمام أحد الأشياء المعروضة، كانت قطعة حجر مربوطة بحبل صغير يستخدم في الغوص، وأشار الشيخ زايد للحبل الذي يربط به الحجر، وقد أجبته بأنه حجر يستخدم في الغوص، فقال طيب الله ثراه: أنا لا أسأل عن الحجر بل الحبل المربوط به، ونظرا لتوتري وقتها، وأنا بصحبته، بالفعل نسيت الكلمة، عندها أجابني رحمه الله قائلا: هذا الحبل يسمى الكراب، فقلت له: يا طويل العمر، أنت إذا توجهت إلى البحر فإنك أدرى بعلومه، وإن اتجهت إلى البر كنت كذلك، ولا يمكن أن أنسى البسمة والفرحة التي كانت تعلو وجهه رحمه الله، وهو يسير بين ثنايا متحف الحصن، كأن المشهد والموقف كانا بالأمس. والكلام لإبراهيم صالح، كما شرعنا أيضا بتوسعة الحصن وزيادة عدد أقسام الدكاكين إلى 18 دكاناً تم عرض طبيعة المحلات التراثية القديمة، ثم توالت الأفكار تلو الأخرى، فبعد أن انقضى شهران على هذه التوسعة، راودتني فكرة إنشاء قسم لعرض فنيات الطب الشعبي وأصول التداوي بالأعشاب، وتم عرض الأمر على صاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي عضو المجلس الأعلى حاكم عجمان، حيث رحب سموه بالكفرة وشجعني على تنفيذها، وقمت بالإشراف على مراحل تنفيذ العمل من خلال تمثيل مجموعة من المشاهد والصور التمثيلية في علاج المطبب للحالات المرضية في وقت مضى، وعرض جانب من الأدوية العلاجية ومن حيث الوسم والمسح وعلاج العيون ونحوه من الأمراض الشائعة وقتها. وأضاف: بطريقة علمية فنية مدروسة، يمكن أن يتعرف الزائر على بوابة العلاج الشعبي بمختلف أوجهه بطريقة مبسطة وسهلة، كما وضعنا الشاخصات التعريفية في كل خانة ليسهل على الزوار من مختلف الجنسيات التعرف على ثقافة وتراث المجتمع المحلي.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©