السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أمل الأحمدي ترفض الطب وتختار دراسة علم الجينات

أمل الأحمدي ترفض الطب وتختار دراسة علم الجينات
16 يناير 2012
مع أن عائلة أمل حسن الأحمدي قوبلت بالنقد أحياناً مع موافقتها على دراستها في الخارج، لكن ذلك لم يؤثر على القرار الذي اتخذته أمل في الابتعاث للدراسة وتحقيق ما كانت تحلم به منذ نعومة أظفارها، حيث زرع والدها في داخلها فكرة الدراسة في الخارج منذ أن كانت في المرحلة الإعدادية خصوصاً بعد إنهاء أخوها الكبير محمد دراسته في كندا بنجاح، وانطلاقاً من هذه الأمنية التي طالما راودت والديها في أن تصبح فرداً فعالاً في المجتمع، اتجهت لدراسة تخصص نادر، استمراراً لتفوقها في الدراسة. تدرس أمل حالياً علم الجينات في جامعة نيو برونزويك بمدينة فريديركتن الصغيرة الواقعة في مقاطعة نيو برونزويك في كندا، وهي الآن في عامها الثالث، وتبقى لها سنتان على التخرج لتعود إلى الدولة، وتشارك في دفع عجلة التنمية والتطور، وتفيد بلادها في تخصص يعد نادراً بكل المقاييس. وتعزي أمل فضل دراستها في الخارج لوالدها وأخوها محمد بعد الله تعالى، فهما قاما بتشجيعها، وعند حصول أمل على الثانوية العامة رفضت والدتها موضوع الابتعاث؛ لأن فكرة تغرب الابنة الوحيدة بين ستة أبناء ذكور لم ترق لها، ومع أنها حصلت على البعثة، إلا أنها لم تغضب والدتها وسجلت في جامعة الشارقة لدراسة الطب وبعد نجاحها في المقابلة الشخصية، وعند اقتراب موعد الدراسة والتسجيل، انهارت أمل، كما تقول، لأنها لم تتقبل دراسة الطب، ما دعاها لمفاتحة والدتها في الأمر قائلة: «عندما رأت أمي رفضي للطب، وأن حلمي هو دراسة علم الجينات، اقتنعت وأصبحت هي أكثر من يشجعني الآن، وهي من الجأ إليها عندما يستصعب علي أمر في الغربة، وفي حالات الإحباط، التي قد تصيبني هي دوماً من تذكرني بأن هذا هو حلمي». معايير وإصرار اعتمدت أمل في بحثها عن الجامعات عدة معايير، وأهمها أن تكون معتمدة من قبل التعليم العالي، بالإضافة إلى جامعة توفر التخصص المطلوب ولديها مختبرات حديثة وأساتذة باحثين في هذا المجال، موضحة «لقد بحثت عن جامعة تعتمد على سهولة التواصل الطلابي مع أساتذتهم، حيث إن هذا التواصل قد ينعدم في بعض الجامعات الأخرى أو أنه قليل، وقد تم قبول الجامعة من قبل التعليم العالي، وتلقيت الكثير من المساعدة من المرشد الأكاديمي في المعهد عند تعلم الإنجليزية، وكذلك في البحث عن الجامعة المناسبة». ولم تلق أمل بالاً لما ستكون عليه الغربة في الخارج، فقد قررت عائلتها إرسال أخيها منصور للدراسة معها في كندا، حيث ستتكفل العائلة بنفقاته، لذلك كانت المشكلة الأساسية في نظرها هي السفر وحيدة وليس الإقامة بمفردها، ولكن فوجئت بأن منصور غير رأيه وقرر الزواج والمكوث في الدولة ليستقر مع عائلته الجديدة، وهنا تصف أمل «لم أصدق أنني سأكون وحدي، وأنني سأعتمد على نفسي في كل شيء، كما أن هناك مشكلة أخرى بدأت تدور في مخيلتي وقد تكون فتيات مبتعثات أخريات عانت منها، وهي عدم تقبل المجتمع لدراسة الفتاة في الخارج بما أننا مجتمع محافظ، خاصة مع كثرة الانتقادات لعائلتي بسبب السماح لي بالدراسة وحيدة».. وتضيف «تغلبت على ذلك حيث أقنعت نفسي بأنها مشكلة صغيرة، وقد تكون أبسط ما قد أواجهه، كما أن دعم عائلتي المستمر ساهم في تخفيف من صدمة المفاجأة». بكاء وصعوبات كان البكاء ملازماً لأمل قبل أسبوع من سفرها، كذلك هو حال والدتها، وجدتها، فكلما خطر على بالها السفر والابتعاد عن الأهل انخرطت في البكاء، ولكن أكثر ما أثر فيها هو مشاهدة دموع والدها في المطار، يبكي فراق ابنته الوحيدة، وعن ذلك تقول «عندما رأيت دموع أبي وهو الذي لم يبك في حياته، أحسست بدوار ثقيل، ولكن عاهدت نفسي على أن يفخروا بي، وتحمست لبدء فصل جديد في حياتي وبناء مستقبل واعد علماً بأني كنت خائفة جداً من هذا الفصل». وتتحدث أمل عن الصعوبات التي واجهتها بعد السفر، موضحة «كانت كثيرة، ولكن تلك الصعوبات هي التي ساهمت في تكوين شخصيتي وتطويرها، أعتبر نفسي قوية جداً، تحمل المسؤولية هو أصعب ما واجهني، لم أختبر ذلك، كان تفوقي في دراستي الثانوية هو المسؤولية الوحيدة التي تقع على عاتقي عندما كنت مع أهلي، وبعد السفر كان علي أن افتح حساباً في البنك، والبحث عن سكن مناسب أو شراء المواد الغذائية ومواد التنظيف، وقد يبدو ذلك أمراً هيناً، ولكنها في الحقيقة صعبة بالنسبة لشخص لم يفعلها أبداً»، وتروي أمل حادثة أول مرة تسوقت فيها وتقول: «في الحقيقة أول مرة ذهبت فيها لشراء بعض الطعام وأدوات التنظيف، احترت كثيراً ووقفت أبكي فجأة؛ لأنني لم أكن أعرف ما الذي علي شراؤه للتنظيف، وكان أمرأ محرجاً، وفي تلك اللحظة أدركت أنني أصبحت مسؤولة عن نفسي». كما أن الجو شديد البرودة الذي لم تتعود عليه أمل في حياتها من الصعوبات البالغة التي يجب عليها أن تتأقلم معها، حيث تشير قائلة «أقطن في مدينة صغيرة، حيث تنخفض فيها درجات الحرارة كثيراً، وفي كثير من الأحيان كنت أمشي من البيت إلى الجامعة في ظل وجود عاصفة ثلجية. صداقات الغربة تحاول أمل في الغربة الاطلاع على الثقافات قدر استطاعتها، فقد كونت صداقات عديدة من جنسيات وأعراق مختلفة مؤكدة «أسعى للتعرف إلى أصدقاء في الغربة من ثقافات مختلفة، ولي أصدقاء كنديون ومن المكسيك والبرازيل وإسبانيا وكوريا وتركيا واليابان والسعودية، وأجمل شيء أن بعضهم رجع إلى بلاده وما زلت على تواصل معهم». وتتعامل أمل مع محيطها بكثير من الاحترام، ولم تلق معاملة عنصرية إلا فيما ندر، ولكن لم ألق إلا كل معاملة لطيفة من الكنديين». وتضيف: لا تختلف الأيام في رمضان عن مثيلاتها في بقية أشهر السنة، ولكن قد يواجه المبتعثون المسلمون بعض الصعوبات ومنها طول فترة النهار، خاصة إذا ما كان هناك فترة امتحانات، ولكن مع مرور الوقت تشير أمل «تعودت على الأمر وفي بعض الأحيان اضطر لأن أواصل العمل من أجل إنجاز بحثي أو الخضوع لامتحان». كما أنها تتناول إفطارها في معظم الأحيان في أحد المطاعم الحلال، وقد تتناوله مع أصدقائها غير المسلمين، حيث إن وقت الإفطار يكون متأخراً ويقترب من وقت العشاء، كما أنها تعتبر صلاة التراويح أحد الأساسيات التي يجب أن تؤديها في المسجد أو المركز الديني داخل المدينة التي تقطن فيها، كما تصلي صلاة العيد في الصالة الرياضية الكبيرة في الجامعة، وكثيراً ما تجيب عن استفسارات الأصدقاء أو حتى أناس لا تعرفهم عن كيفية الصوم وكيف باستطاعة المسلمين التحمل والصبر. طباخة فاشلة ومع علم أمل بأنها لم تفلح أبداً في الطبخ، بعد العديد من المحاولات الفاشلة التي قامت بها، لكنها في يوم قررت الطبخ، حيث إنها اشتهت أكلة «المجبوس»، واتصلت بوالدتها لإرشادها على الطبخ، وتقول أمل «أردت طبخ المجبوس، وكانت أمي معي على الهاتف طوال الوقت لأتلقى إرشاداتها، وكنت أطبخ بكل ثقة، حتى فوجئت بأن جرس إنذار الحريق يرن في المبنى بأكمله ودون مقدمات، فصدمت ولكن لا أدري ما حدث ولا أدري ما الخطأ الذي فعلته، خرجت إلى منطقة الإخلاء، ورأيت وصول الدفاع المدني وهم يبحثون عن الحريق، وكنت محرجة جداً ولأبعد الحدود، كما أني شعرت بالذنب لتوجب خروج كل هؤلاء الناس والعائلات وأطفالهم إلى منطقة الإخلاء في هذا البردّ، وهذا كله بسبب أني قررت الطبخ، ومنذ ذلك اليوم حرمت الطبخ على نفسي رأفة بمن حولي، فقد أدركت أنني فعلاً فاشلة في مجال الطبخ». هوايات وتواصل وتستغل أمل وقتها في المطالعة وقراءة الكثير من الكتب العلمية والبحوث التي تحتاج إليها في دراستها، ما يساهم في تعميق اطلاعها على التخصص الذي تدرسه، كما طورت بعض الهوايات حين وصلت لكندا مثل التزلج على الجليد الذي سبب لها إصابات في كاحلها ولعدة مرات، ومع ذلك تقول إنها أحبت التزلج، كما تذهب إلى الصالة الرياضية عدة مرات في الأسبوع كي تخرج الطاقة والتوتر من جراء الدراسة، وفي بعض الأحيان خلال الإجازات القصيرة التي لا يسمح الوقت فيها بالعودة للإمارات تسافر مع بعض الأصدقاء إلى مدن أخرى كبيرة. وتتواصل أمل مع بعض الطلبة الإماراتيين والعرب في الولايات المتحدة وكندا عن طريق «البلاك بيري»، وأحياناً تشعر بالوحدة بعض الشيء، حيث إنها الإماراتية الوحيدة في المدينة التي تدرس بها، لذا ترجو سفارة الدولة أن تقوم بالتنسيق لعقد اجتماعات لطلبة كندا، كما يحدث مع طلبة أميركا، وذلك لتخفيف توتر الغربة. وتشتاق أمل للطقس الحار في الإمارات، حيث إنها تقضي طوال السنة في طقس بارد كئيب، كما تشتاق للعيد بين الأهل، وتشتاق لاحتفالات اليوم الوطني، وتضيف: كنت أتمنى أن احتفل باليوم الوطني الـ40 للدولة مع السفارة التي أرسلت لنا جميعاً دعوة للحضور، ولكن الظروف لم تسمح». وتطمح أمل بعد التخرج في مواصلة الدراسة ونيل الماجستير والدكتوراه؛ لأنها تعرف منذ الآن ما الذي تريده، وما الذي تبحث عنه في مجال علم الجينات. «المجبوس» و«المرقوقة» كثيراً ما تفتقد أمل أمها في الغربة، حتى أنها تتحدث معها هاتفياً 3 مرات يومياً على الأقل وتشتاق لجلوسها وحديثها مع أبيها، وتوضح أن «المجبوس» من وجباتها المفضلة وأيضاً «المرقوقة»، مثلها مثل معظم الإماراتيين، وتحلم أمل بأن تكون عالمة جينات، وتتفوق في هذا المجال، إضافة إلى أمنيتها بأن تسهم في دراسة أمراض السرطان، حتى تخفف الألم عن بعض المرضى.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©