السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التنمية في عالم متغير

16 يناير 2012
تنقل التكنولوجيات الجديدة العالم كل يوم إلى مستويات منافسة وسباق جديدة بينما لا تزال تنوء مناطق كثيرة من هذا العالم - نفسه - بتحديات ومشاكل التنمية الصغيرة والدقيقة الصغر أحيانا. يغيب في هذه المناطق المتخلفة عن الركب العالمي الأول أن التنمية الحقيقية ليست شأنا استهلاكيا ولا اعتباطيا. الطرق والإنشاءات وتوزيع وتلقي المساعدات ليست هي التنمية المنشودة. التنمية تعني بُنى ثقافية وتحتية، وتتطلب آليات عمل وبيئة راسخة من الحريات. تعني فكرا وثّاباً وجموحا في الهمة. تحشد الظروف المحيطة من أجل «إخراج» وصقل وتفاعل طاقات الأجيال بما يؤدي حكما إلى تحسين مستوى العيش (اليسر والرفاهية) للمجموعة وللفرد وينتج التقدم للجماعة والأمة في نفس الآن. الأطراف في كل القطاعات وجميع النطاقات المحلية والوطنية معنية بالتنمية وكلها إذن يجب أن تكون شريكاً في رسم السياسات الداعمة للتنمية، ومهتمة بتوفير ما يلزم للاستدامة من إمكانيات بشرية ومالية وثقافية ومعرفية كذلك. وكلها معنية أيضاً بتعبئة إمكانيات المواطنين الذاتية على تحريك عجلات التنمية. هذه أساسات للتنمية المستدامة. خبراء التنمية الحقيقية يرفضون الاعتراف بالتنمية إذا لم تكن مستدامة. وحتى تكون مستدامة يجب أن تكون قوى المجتمع الحية والكامنة شريكة فيها، بما في ذلك في صياغة طبيعة التنمية (اقتصادية، خدماتية، علمية، أخلاقية) وخططها التنفيذية (بيئة ابتكار وأفكار جديدة تحاكي حاجات الواقع وتطوره- بيئة تشاركية روح العصر الرقمي). والأهم من كل ذلك شريكة في تحريك اهتمام الطاقات والكفاءات وجعلها معنية انطلاقا من المصلحة الذاتية التي تمسّها النتائجُ حاضرا ومستقبلا التنمية - في العالم المتخلف عن الركب- ستستمر متخلفة ثلاث مرات: مرة عن العالم الآخر، ومرة عن العصر الحالي، ومرة عن العصر القادم، إذا لم تستوعب مفاهيم وسياسات التنمية في عالمنا طبيعة هذا العالم الآخر بحقيقته وسماته التشاركية بكل معنى الكلمة. ومن وحي ذلك يصبح كل عمل فئوي إقصائي غير منسجم مع التنمية وتصبح كل أيديولوجيا أو سياسة لا تؤمن بالتنمية بهذا المفهوم مخالفة لسنة التطور وتتوافق - في نتائجها على الأقل - مع فكر التخلف الذي يضمن استمرار تفوق الآخرين علينا. هذا المقياس يصحّ محليا كما يصحّ عالمياً. يصحّ تاريخياً كما يصح حضارياً وإلا سنستمر في دائرة مفرغة من الشكوى وعدم الفهم. قد يبقى «عالمنا» في نطاق الشكوى، وقد تتعاظم وتتحول الشكوى «الجمعية» إلى نقمة، وربما إلى موجات من العاصفة، لكن تلك التي لن يليها ربيعٌ. الربيع يحتاج إلى طلائع وعي عام – وليس نخبويا - بمقومات التنمية المستدامة. فالتخلف المزمن يعكس أزمة بنيوية. ليس له عصا سحرية. ولا يمكن التطور والحفاظ على هذه البنية في آن واحد. قد تسقط حواجز التخلف في غمضة عين ، ولكن الربيع قد يتأخر إذا لم يواكبه وعي بأهمية البنية الجديدة من الفهم لما دار ويدور في العالم من ابتكارات وأفكار جديدة تظهر كل يوم، وإذا لم يواكبه استيعاب لجوهر هذا التنوع اللامتناهي وما يحتمه من ضرورة «فكر التشارك» بكل أبعاده. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©