السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

برامج الكمبيوتر المتطورة تفتح أبواب البنوك أمام المحتالين

برامج الكمبيوتر المتطورة تفتح أبواب البنوك أمام المحتالين
31 يناير 2008 23:51
بالرغم من كل برامج الكمبيوتر المتطورة والاختبارات النفسية بل والبواعث الأخلاقية يمكن للمتعاملين المحتالين الذين يبرمون صفقات دون علم رؤسائهم أن يهزوا مؤسساتهم في أي وقت وفي أي مكان، وهذا هو ما يبدو أنه الواقع في بنك سوسيتيه جنرال الفرنسي· وقال مارك راش المستشار لدى شركة ''إف·تي·آي'' الاستشارية والذي كان يدير وحدة جرائم الكمبيوتر بوزارة العدل الأميركية في السابق: ''كل العوامل التي تصنع متعاملاً عظيماً يمكن أن تصنع محتالاً عظيماً أيضاً''، بل إن راش الذي ساعد في تهدئة أسواق المال الأميركية بعد هجمات 11 سبتمبر عام 2001 يخشى من الفزع الذي قد يتسبب فيه متعامل منفرد بأكبر بنوك وشركات الأوراق المالية في العالم· ويقول هارفي بيت الذي كان يرأس لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية عامي 2001 و2002: ''ما من نظام معصوم من الخطأ، فالخوف من إمكانية وجود متعاملين محتالين يلازمك طول الوقت''· وأسباب القلق جلية، فالمصرفيون والمنظمون والمستثمرون شعروا بالصدمة للكيفية التي تمكن بها موظف من المستوى المتوسط من إبرام تعاملات في الأسهم غير مأذون له بها أدت إلى خسارة بنك سوسيتيه جنرال الفرنسي 7,2 مليار دولار، وتسببت في هبوط الأسواق الأوروبية· وقال مستشارون في إدارة المخاطر ومسؤولون سابقون: إن من المستحيل استئصال كل المتعاملين الذين قد يتسببون في كوارث، لكن بوسع البنوك اتخاذ تدابير وقائية· ويقول بيت: إن هذه التدابير ''يجب أن تشمل مجموعة مختلفة من أدوات الرقابة حتى إذا كان شخص قد اجتاز (من قبل) أي شكل من أشكال المراجعة''، وتحتاج كثير من عمليات الاحتيال اهتماماً مستمراً من جانب مرتكبيها حتى يمكنهم الاستمرار في الظهور بأن كل شيء على مايرام· ولهذا السبب تشترط البنوك التي يوجد لديها أفضل الضوابط أن يأخذ العاملون أسبوعاً أو أسبوعين كاملين لقضاء إجازة تنقطع فيها صلتهم تماما بمكاتبهم، وهذه الفترة تمثل فرصة للمدققين للتعرف على ما إذا كانت هناك أي مخالفات طويلة الأجل في غياب مرتكبها· والمتعامل جيروم كيرفيل الذي أوقع ''سوسيتيه جنرال'' في المشكلة لم يكن يأخذ عطلات من العمل، وتوجد أيضاً تدابير لا تفلح في تحقيق الغرض منها· ويتفق العديد من الخبراء أن من بينها الاختبارات النفسية؛ لأن المتعامل المحتال يملك في الغالب عبقرية حسابية، كما أن الاختبارات قد يكون فيها قدر من التطفل المبالغ فيه على الموظفين ومحبطة لمعنوياتهم· وتقول لويز بورك مديرة إدارة المخاطر السابقة بشركة ستيت ستريت كورب: إن من المستحيل التعرف إلى أفضل المجرمين؛ لأنهم غالباً ما يبرعون في إخفاء ما يفعلون، وعلاوة على ذلك فإن تسعة من بين كل عشرة موظفين قد يرتكبون الاحتيال في ظل الظروف الملائمة خلال إحدى المراحل في حياتهم المهنية على حد قول بورك· ومن العوامل التي تعزز احتمالات حدوث الاحتيال الضغوط من أجل النجاح في العمل، والمشاكل المالية، وممارسة القمار وإدمان المخدرات، وقالت بورك: ''الشخص الواحد قد يكون عرضة لارتكاب الاحتيال في أجواء مختلفة وفي أوقات مختلفة من حياته''، وإذا أسفرت المراجعات العادية عن إطلاق صافرات الإنذار فيمكن للبنوك متابعتها بأي إجراء يبدو مناسباً سواء بتوسيع نطاق عمليات الإشراف أو بإجراء تحقيق كامل· وتتجاوز كلفة إجراء تحقيق كامل 100 ألف دولار لذلك فإن اللجوء إليها يقتصر على الحالات التي يكون البنك شبه واثق فيها من وجود مخالفات، وهنا يتم استدعاء خبراء الكمبيوتر لفحص جهاز الكمبيوتر الخاص بالمتعامل موضع الشبهات وجهاز البلاكبيري الخاص به ويستخرجون منهما الأدلة· وقال بيت: ''إذا أردت البقاء، فيجب أن تتأكد من أنك تحاول أن تسبق الأشرار دائماً بخطوة على الأقل''· ومع اتضاح تفاصيل ما حدث في بنك سوسيتيه جنرال، سيسعى العديد من البنوك إلى فحص نظمها لرصد نقاط الضعف· وعلى هذه البنوك أن تتحرك بسرعة لأن المحتالين يتعلمون من أخطاء الآخرين· وقال سانديب فيشنو العضو المنتدب لشركة بيرينج بوين للاستشارات وإدارة المخاطر: إن محاولات تقليد ما حدث تتزايد· وعلى البنوك أيضاً أن تجري مراجعة وافية لنظم الكمبيوتر المصممة للتعرف على التعاملات غير العادية· وربما تحتاج هذه النظم لإعادة ضبطها لزيادة درجة حساسيتها للسلوك غير المعتاد· وربما يكون النظام أيضاً عرضة لسوء الاستخدام من جانب آخرين مطلعين على أسلوب عمله· فالمتعامل الفرنسي كيرفيل على سبيل المثال كان يعمل في المكاتب الخلفية للبنك قبل أن يصبح متعاملاً مما أتاح له الاطلاع على نظم الكمبيوتر المستخدمة في مراجعة تعاملاته· وقال متعامل في عقود الخيارات في بنك بنيويورك له خلفية تشبه خلفية كريفيل: إنه يعلم عن حالات لم ينقطع فيها متعاملون عن استخدام أجهزة الكمبيوتر التي كانوا يعملون عليها للتدقيق في التعاملات حتى بعد أن انتقلوا من المكاتب الخلفية إلى صفوف المتعاملين· وحتى عند سحب هذه الأدوات التي يتعرف بها نظام الكمبيوتر عليهم مثل كلمات السر يمكن لهم بسهولة اقتحام النظم التي يفترض فيها أنها مأمونة، وأضاف: ''ربما يكون بإمكاني أن أفعل ذلك''· وهذه هي الثغرات التي تبذل العديد من البنوك جهوداً كبيرة لرصدها وسدها، وتنفق البنوك ملايين الدولارات على نظم إدارة المخاطر ونظم الكمبيوتر الخاصة بتشغيلها للتعرف على عمليات الاحتيال المحتملة، وتفعل البنوك ذلك في الغالب من تلقاء نفسها وبنصيحة من مجموعة مختارة من المستشارين لكي تزيد صعوبة معرفة عملياتها على الغرباء· وتعتبر البنوك إدارة المخاطر أيضاً جزءاً من الوصفة السرية التي تمنحها ميزة على منافسيه، وقال فيشنو: ''سيوجد من يقولون لدينا الثقة في ضوابطنا وهذا حدث هناك ولم يحدث لنا، وفي رأينا أنهم هم السذج''· وفي تداعٍ لأزمة الاحتيال، أعرب رئيس مجلس إدارة ومدير عام بنك ''سوسيتيه جنرال'' أمس الأول استعداده ''لدراسة'' عرض شراء ودي، كما أعلن أحد الإداريين في البنك رافضاً الكشف عن هويته لوكالة فرانس برس في غمرة عملية الاحتيال التي كان البنك ضحيتها منذ إعلان خسائر ضخمة· إلى ذلك، اعتبر حاكم بنك دو فرانس (المصرف المركزي الفرنسي) كريستيان نوييه أمام النواب الأربعاء أن إجراءات الرقابة داخل بنك سوسيتيه جنرال ''لم تعمل على ما يبدو كما كان ينبغي'' لمنع العمليات المتسرعة للوسيط جيروم كيرفييل· من جهة أخرى، أضاف نوويه الذي يرئس اللجنة المصرفية المكلفة الرقابة على المصارف الفرنسية أثناء جلسة أمام اعضاء مجلس الشيوخ: ''تلك التي عملت لم تكن دوماً موضع متابعة مناسبة''· وأعلن مجلس إدارة مصرف ''سوسيتيه جنرال'' الأربعاء أنه قرر إبقاء رئيسه دانيال بوتون في منصبه بعد قضية الاحتيال التي هزت المصرف وكلفته 4,9 مليار يورو، وصرح متحدث باسم ''سوسيتيه جنرال'': ''جدد المجلس بالإجماع ثقته بدانيال بوتون وفيليب سيترن'' الرجل الثاني في المصرف· كما قرر مجلس إدارة المصرف تشكيل ''لجنة خاصة'' تضم ثلاثة أشخاص لا يكون بوتون عضواً فيها لإدارة الأزمة التي سببها الوسيط المصرفي الفرنسي جيروم كيرفييل·
المصدر: باريس-بوسطن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©