السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هشام الواحدي يقهر الإعاقة وأحلامه تتجاوز نيل درجة الدكتوراه

هشام الواحدي يقهر الإعاقة وأحلامه تتجاوز نيل درجة الدكتوراه
16 يناير 2012
تزخر دولة الإمارات بأمثلة مشرفة من أبنائها البررة، الذين استطاعوا المضي بقوة على طريق العزيمة والإصرار، من أجل قهر الإعاقة وتحدي المعوقات وإعلان الحرب على الكسل والخنوع لتبعات الإعاقة، فحققوا امتيازا في حياتهم جعلهم يتربعون على عرش قلوبنا ونحني لهم الهامات احتراما وتقديرا لمسيرتهم المعطرة بالعمل والعزيمة والإصرار. من بين تلك النماذج الطيبة هشام صالح الواحدي، 24 عاماً، الذي يعد نبراساً مضيئاً ومثالاً يبعث على الفخر، حيث فقد بصره إثر تعرضه لمرض عضال إلا أنه رويدا رويدا عرف كيف يخلق من الإعاقة وسام شرف ويبني من إمكاناته الصغيرة عالما شاهقا وصرحا عظيما من الأمنيات التي حولها إلى واقع، فأرسى إنجازاته واحدا تلو الآخر حتى أصبح فردا مميزا في مجتمع مميز أحلامه تتجاوز الحصول على درجة الدكتوراه. رحلة علاج القى الواحدي الضوء على جانب من حياته المفعمة بالعطاء والإرادة، مستعرضاً قصته مع الإعاقة البصرية، وكيف تحداها وأصبح من العلامات المميزة في المجتمع الذي يعيش فيه. قال الواحدي: ولدت طفلا عاديا مبصراً، وانضممت إلى مدارس التعليم العام ومارست حياتي كأي طالب عادي حتى أنهيت المرحلة الابتدائية في مدرسة المأمون الابتدائية ومن ثم انتقلت إلى مدرسة الرازي الإعدادية حتى وصلت الصف الثامن، ومنذ هذا التاريخ بدأت قصتي وقدري حيث ابتليت بمرض سرطان المخ الأمر الذي أثر سلبا على العصب البصري وكان عمري وقتها 13 سنة، وبدأت عيناي بالبروز غير العادي بالإضافة إلى انهمار الدموع المستمر، فاصطحبني والدي إلى مستشفى متخصص بالعيون وبدأت رحلة العلاج بأقصى سرعة وتم اكتشاف مرض السرطان لدي، ومررت بمرحلتين للعلاج أولاها داخل الدولة .. ومن ثم انتقلت إلى العلاج في ألمانيا، وقاموا كإجراء احتياطي وعلاجي باستئصال الورم من الدماغ وتعرضت لعلاج إشعاعي وبعده لعلاج كيماوي بهدف قتل الخلايا السرطانية. نور البصر وتابع الواحدي: مع مرور الوقت بدأ نور البصر يخفت شيئا فشيئا، حتى فقدت نعمة الإبصار، وفي ذلك الوقت أحاطتني عائلتي بالرعاية وكانوا يخفون عني حقيقة الأمر مراعاة لمشاعري خاصة وأنني أكبر إخوتي وأخواتي، وحين علمت بفقدي لبصري صعقت وحزنت كثيرا لما أصبحت فيه بصري، ولكن الإيمان بالله وبقضائه وقدره شحن نفسي بالصبر والرضا والتسليم بمشيئة الله تعالى وتذكرت “عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم” وبدأت أتخطى حواجز المشكلة بفضل العزيمة والإصرار ودعم ومؤازرة أهلي وخاصة والدي ووالدتي إلى أن نجحت في تخطي المحنة، وتجاوزت ارتداداتها النفسية فأكملت رحلة العلاج ورجعت إلى مدرستي. وعن دور مؤسسة زايد العليا واحتضانها له، قال الواحدي: فتحت المؤسسة ذراعيها بكل الحنان والمحبة والتحقت بمركز أبوظبي لرعاية وتأهيل المعاقين، وهناك أسهمت معلماتي في تشجيعي وبث العزيمة في قلبي وعلى رأسهم ناعمة المنصوري التي وضعت قدمي على بداية طريق التحصيل العلمي ومهدت لي كل السبل لأحقق هذا التفوق في الدراسة .. ولاحقا كان لمؤسسة زايد الفضل الكبير في تحقيق ذاتي وصناعة مستقبلي. بداية جديدة وحول بداية مشواره مع التعليم بعد فقدانه البصر، أكد الواحدي على أنه عقد العزم على أن يحقق تميزا غير طبيعياً في مجال التعلم، من خلال بداية جديدة حيث بدأ بالانخراط في دورات تدريبية مكثفة وخاصة في مجال تعلم لغة «برايل» إلى أن أتقنها بامتياز وبناء على ذلك تم دمجه بالمدارس الحكومية حتى حصل على الثانوية، هنا يوجه الواحدي خالص الحب والتقدير إلى المدرسين الذي ساعدوه، ولزملائه الطلاب وإلى مسؤولي لجان الامتحانات، لأنه بفضل حبهم ورعايتهم كان يشعر وكأنه مبصراً ويرى من خلال عيونهم وذلك بفضل تفانيهم في الوقوف بجانبه، وبجانب كل من يحتاج إلى المساعدة. تدقيق المطبوعات أما عن مرحلة التعليم الجامعي، أوضح الواحدي أنه بعد إنهائه المرحلة الثانوية التحق بالجامعة واتجه نحو الدراسات الإسلامية واللغة العربية، وتخرجت في الجامعة بتقدير امتياز، وهو ما يدفعه لتقديم الشكر والامتنان إلى ديوان الرئاسة الذي احتضنه وفتح له آفاق التعليم الجامعي، حيث حصل على منحة من الديوان لإكمال تعليمه الجامعي، الذي شهدت سنواته تعاون جميل من زملاء الجامعة الذين لم يبخلوا عليه بالمساعدة والتعاون في اجتياز رحلة الجامعة، والتي انتهت بحصوله على بكالوريوس الدراسات الإسلامية واللغة العربية. أضاف الواحدي: وفي الإجازة الصيفية تلقيت اتصالا من مؤسسة زايد العليا تدعوني فيه للانضمام إلى دورة التدريب الصيفية فوافقت والتحقت فروا ببلدية مدينة أبوظبي للتدرب هناك، واستغربت الموظفة التي تسلمت أوراقي من كوني كفيفا وحاصلا على شهادة جامعية وتم بعد ذلك التنسيق مع مؤسسة زايد وتم تعييني مدققا لمطبوعات برايل بمطبعة المكفوفين، وكانت مهمتي هي اكتشاف الأخطاء وتصحيحها من قبل الفنيين. تطوير المهارة إلى ذلك بين الواحدي أن الموقف الذي أحدث نقلة نوعية في حياته، قال: الموقف الذي أعتز به وأفتخر به ولا أنساه مدى الحياة هو تلك الرعاية والمحبة والدعم الذي قدمه لي الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة عندما استقبلني وصافحني وكرمني وبث في قلبي العزيمة والرجولة والتحدي ونهلت من سموه معاني الإصرار والعزم على مواجهة الشدائد وتحمل الصعاب والمضي قدما وبكل ثقة نحو تحقيق أهدافي وطموحاتي، وأنا أعتبر كل ما حققته من إنجازات في حياتي هو ثمرة طيبة لهذا اللقاء الطيب مع سموه. وبخصوص العمل الذي يزاوله الواحدي حالياً، أشار إلى أنه يشغل وظيفة مدقق برايل في مطبعة المكفوفين، ويزاول عمله بكل إخلاص وإرادة ويحاول دائما أن يطور من مهاراته وإمكاناته ليحقق نسبة أداء مرتفعة، ويشجعه على ذلك ميله لممارسة هوايات تتطلب نشاطاً وحيوية وسعة في الخيال، وهي جميعاً وسائل مهمة في تحقيق النجاح لأي فرد، ومن تلك الهوايات. القراءة وخاصة الروايات والقصص، وكذلك ممارسة لعبة كرة الهدف الخاصة بالمكفوفين والمبارزة بالسيف. حلم الدكتوراه وعن الذي يتمناه هشام ولم يحققه حتى الآن، ذكر أن هدفه الأول حاليا هو السعي نحو حصوله على درجة الدكتوراه لإيمانه بأهمية الاستمرار في التحصيل العلمي إلى ما لانهاية، خاصة في ظل الدعم اللامحدود الذي يلقاه ذوو الاحتياجات الخاصة في الدولة، وخاصة من جانب مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة، وعلى رأسها محمد محمد فاضل الهاملي، و قطاع ذوي الاحتياجات الخاصة ممثلا مريم سيف القبيسي رئيس القطاع، وذلك لما يوفرونه من دعم ومساندة ومحبة التي أحاطوه بها خلال مشوار نجاحه في الحياة. طريق العلم شدد هشام صالح الواحدي على أن اهتمام مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة به كان يكبر يوما بعد يوم وقاموا بتشجيعه وتكريمه أكثر من مرة تقديرا لجهوده وإصراره وعزمه على المضي بقوة في طريق التحصيل العلمي إلى أن نجح في ذلك بالفعل، وحصل على الثانوية العامة بمجموع 91 % بالقسم الأدبي.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©