السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا في أفغانستان... القرار الضروري الآن!

أميركا في أفغانستان... القرار الضروري الآن!
16 يناير 2012
لا خلاف على أن آخر شيء تريده الأمة الأميركية في بداية عام الانتخابات هو التعرض لأزمة ميزانية أخرى والدخول في عقد إضافي من الحرب. بيد أن هذا على وجه التحديد يكاد يكون المسار الذي تتبعه الولايات المتحدة في أفغانستان حالياً. ففي الوقت الراهن يتحدث المسؤولون الأميركيون عن سحب كافة القوات العسكرية الموجودة في هذا البلد، وعن إجراء تخفيضات ضخمة في الإنفاق العسكري كجزء من "فترة انتقالية" تنتقل بعدها السيطرة على العمليات العسكرية، والعمليات المدنية الحكومية عام 2014، للأفغان. وإذا ما أخذنا في حسابنا الوقت التمهيدي الذي يضيع عادة في تمويل وتنفيذ مثل هذه التغيرات الضخمة، فسندرك أن واشنطن ليس أمامها في حقيقة الأمر سوى أشهر قليلة، يتعين خلالها أن تقرر ما إذا كانت ستتحمل عبء تمويل الحكومة الأفغانية لغاية عام 2014 وما بعده، وما إذا كنا نحن الذين سنقوم بتوفير معظم الأموال المطلوبة، وكذلك المستشارين، و"الشركاء" الذين ستحتاجهم القوات الأفغانية لغاية عام 2020 وما بعده كذلك! لقد ساد شبه صمت حول هذه الموضوعات من جانب مسؤولي إدارة أوباما، ومن جانب المرشحين الجمهوريين المحتملين للرئاسة، غير أن دراسات العمل المعدة من قبل الولايات المتحدة والحكومة البريطانية، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، تبين جميعها بجلاء أن سحب القوات الأميركية والقوات الحليفة من أفغانستان يمكن أن يزج بذلك البلد في دورة من الركود أو الكساد، ما لم تتسلم كابول حزمة مساعدات جديدة ضخمة. وقد رفعت الحكومة الأفغانية بالفعل قائمة باحتياجاتها إلى المؤتمر الدولي الذي عقد بشأنها في بون بألمانيا الشهر الماضي، لكن ما حدث هو أن نداءها من أجل المساعدة لم يحظ سوى باهتمام ضئيل في وسائل الإعلام العالمية، ومن قبل الساسة والمسؤولين الأميركيين المعنيين مباشرة بالشأن الأفغاني. ويشار في هذا السياق إلى أن الرئيس الأفغاني حامد كرزاي كان قد طلب 10 مليارات دولار سنوياً لغاية عام 2025 لإنجاز برنامج يتضمن أهدافاً طموحة للأمن والتنمية في أفغانستان. كما دعا إلى إصلاحات وتحسينات طموحة في نظام الحكومة لتمكينها من تحقيق الاستقلال التام بحلول عام 2030. والورقة التي قدمتها الحكومة الأفغانية بهذا الخصوص، تبعتها بوقت قصير دراسات أجراها البنك الدولي أثبتت مدى أهمية المساعدة بالنسبة لأفغانستان، خصوصاً إذا ما تم الأخذ في الاعتبار انسحاب القوات الأميركية وقوات الحلفاء خلال فترة تتراوح ما بين 24 و36 شهراً، وحقيقة أن الانتخابات الرئاسية الأفغانية سوف تعقد عام 2014. والسؤال بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها -وعلى وجه الخصوص للشعب الأميركي الذي سيضطر لدفع ما نسبته 80 في المئة أو ربما أكثر من ذلك من أموال المساعدة المطلوبة- هو: هل هم راغبون في الالتزام بتقديم 140 مليار دولار في صورة مساعدات لأفغانستان لتغطية الفترة من تاريخ الانسحاب الفعلي ولغاية عام 2025؟ وهناك سؤال آخر: هل هم مستعدون لتوفير جنود القوات الأميركية والقوات الحليفة الذين سيظلون يحاربون في أفغانستان من الآن وحتى عام 2014، ثم يقدمون بعد ذلك العام الآلاف من المستشارين و"الشركاء" الذين سيضطر بعضهم للمشاركة في القتال إذا ما استدعى الأمر؟ يقدر الخبراء أن أفغانستان سوف تظل بحاجة لتلك المساعدات والعون العسكري، لعقد كامل من الزمان بعد انسحاب القوات الأميركية المقرر من هذا البلد عام 2014، ما لم تقم باكستان بإغلاق ملاذات المتمردين داخل حدودها وما لم يقم المتمردون بقبول تسوية سياسية معقولة (أقل من نصر). وبدون هذا الإنفاق المستمر والعون العسكري فمن المؤكد أن حرب أفغانستان سوف تظل حرباً خاسرة. وإذا ما أخذنا سجل الحكومة الباكستانية السابق والنوعية الفاسدة للحكومة الأفغانية، فالخلاصة هي أن تلك الحرب سوف تكون خاسرة في جميع الأحوال. اللحظة الراهنة هي التوقيت الذي يجب أن نناقش فيه تلك المسائل ونناقش فيه أيضاً مستوى الالتزام الأميركي المالي والعسكري. نحن لا نحتاج إلى مزيد من النوايا الطيبة والوعود المبهمة من إدارة أوباما في هذا الشأن، كما لا نحتاج بالتأكيد إلى طائفة من المواقف البلهاء من جانب المرشحين المحتملين عن الحزب الجمهوري، والذين لا يفهمون تلك المسائل أو يخشون التطرق إليها ومعالجتها خوفاً مما قد يترتب عنها من أكلاف سياسية على حملاتهم. وإذا ما كانت الولايات المتحدة ستقدم ذلك الالتزام فإننا بحاجة إلى البدء في تقديمه من الآن، فيما يتعلق بكل جزء من أجزاء التزامنا وإنفاقنا في ذلك البلد، وأن يكون واضحاً في أذهاننا أننا سنظل نفعل ذلك منذ لحظتنا الراهنة ولغاية عام 2025. وإذا لم تكن لدينا النية في عمل ذلك، فيجب علينا في هذه الحالة أن نكون أمناء ونقوم ببيان العواقب التي ستترتب على ذلك والتي سيكون ضحاياها ما يقرب من 30 مليون أفغاني، وبلادهم ذاتها. انتوني كوردسمان زميل رئيسي بمركز الدراسات الاستراتيجية بواشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©