الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوكرانيا أمام تداعيات الأزمة العالمية

أوكرانيا أمام تداعيات الأزمة العالمية
8 فبراير 2009 00:17
تكتظ ساحة مصنع فيتروباك في ''جوستوميل'' هذه البلدة الأوكرانية الصغيرة بالكثير من المنتجات غير المباعة· ولكن ما من أحد من عمال المصنع البالغ عددهم 750 فُصل من عمله بعد، بسبب تردد إدارة المصنع في تحمل التكلفة الباهظة لإغلاق أي من مصاهر الزجاج الثلاثة التي تنتج عشرات الآلاف من الزجاجات يومياً· والمشكلة أنه لم تبق هناك مساحات كافية لتخزين الفائض اليومي من الزجاج غير المباع، ويبدو أنه لا أمل في تحقيق مبيعات تذكر في وقت يزداد فيه وضع الاقتصاد الأوكراني سوءاً· صرح ألكساندر بتروف، مدير قسم المعلومات بالمصنع المملوك لإحدى الشركات السويسرية قائلاً: ''لا يستطيع أفضل زبائننا تسديد فواتير مشترياتهم، ويسجل الطلب على منتجاتنا انخفاضاً حاداً· وقد تأثرنا في هذا بعاملين هما: ارتفاع أسعار الغاز، وانخفاض العملة الأوكرانية''· وإذا كان هذا هو حال أداء مصنع ''فيتروباك''، الذي يعد من أكثر المؤسسات الاستثمارية الأوكرانية تطوراً وحداثة، وكان الطلب على منتجاته مرتفعاً حتى إلى وقت قريب جداً، فإن في ذلك ما يعكس مدى خطورة الوضع الذي آل إليه الاقتصاد الأوكراني، في ظل الأزمة المالية الاقتصادية العالمية الحالية· والملاحظ أن هذه الأزمة قد عصفت بشكل خاص بالمنتجات التصديرية لجمهوريات الاتحاد السوفييتي سابقاً، مثل الفولاذ والصناعات الكيماوية، علماً بأن هذه المنتجات تمثل حوالي 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لجمهورية أوكرانيا· إلى ذلك تعم الفوضى النظام المالي الأوكراني ويحذر بعض الخبراء من احتمال عجزه قريباً جداً· وبسبب هذه الفوضى، جمدت الحسابات المصرفية لملايين العملاء، بينما يتواصل ارتفاع معدلات البطالة، والانخفاض الحاد لعملة ''هرايفنا'' المحلية، التي فقدت نصف قيمتها منذ موسم الصيف الماضي· ليس ذلك فحسب، بل تضاعفت أسعار صادرات الغاز الروسي الذي تعتمد عليه أوكرانيا، باعتباره مصدراً أساسياً للوقود والتدفئة· تُضاف إلى هذه المصائب الاقتصادية كلها، سلبيات الاستقطاب السياسي الحاد بسبب الحرب البيروقراطية التي تخوضها رئيسة الوزراء ''يوليا تيموشينكو مع الرئيس الليبرالي فيكتور يوشينكو· وحسب ملاحظة ''أوليسكي كولوميتس''، رئيس مركز الدراسات الأوروبية والأطلسية في العاصمة الأوكرانية كييف، فليس مستبعداً أن يعود المواطنون إلى تنظيم المظاهرات ومواكب الاحتجاج الشعبي الواسعة بحلول موسم الربيع المقبل، فيما لو لم تتحسن الأوضاع مما هي عليه الآن من سوء وتدهور مريعين· كما يلاحظ ''كولوميتس'' أنه ربما يكون صعباً جداً على الكثير من المنتجات والصناعات الأوكرانية أن تصمد في وجه الارتفاع المستمر لأسعار الغاز الروسي، والتدهور الاقتصادي العام في البلاد· ومما يزيد الوضع سوءاً تبادل السياسيين اللوم فيما بينهم، ومحاولة كل واحد منهم تحميل المسؤولية عما حدث للآخر، بدلاً من أن يتعاونوا معاً على حل الأزمة· ووفقاً لصفقة تم التوقيع عليها من قبل رئيسة الوزراء يوليا تيموشينكو ونظيرها الروسي فلاديمير بوتين في شهر يناير المنصرم، فإن على أوكرانيا أن تدفع لروسيا مبلغ 360 دولارا أميركيا عن كل 1000 متر مكعب من واردات الغاز الروسي خلال الربع الأول من العام الحالي، مقارنة بـ 180 ألف دولار فحسب عن الكمية نفسها في العام الماضي· وقبل ذلك الارتفاع الكبير في أسعار الغاز، كانت صناعات الفولاذ الأوكرانية قد سجلت انخفاضاً في صادراتها بلغت نسبته 53 في المئة خلال النصف الثاني من العام الماضي· ووفقاً للإحصاءات التي نشرتها صحيفة ''كييف بوست'' الصادرة باللغة الإنجليزية، فقد سجلت مبيعات غالبية المصانع الكيماوية في البلاد انخفاضاً كبيراً، بينما توقفت نسبة 80 في المئة من مشروعات الإنشاء والبناء الجارية في العاصمة كييف، التي كانت مدينة مزدهرة اقتصادياً حتى وقت قريب· هذا ولا يزال يعترض الرئيس الأوكراني على الاتفاق المبرم بين رئيسة وزرائه ونظيرها الروسي بوتين· ويعتزم يوشينكو إعادة التفاوض حول ذلك الاتفاق مع موسكو، ولكن دون أن يشعل حرباً جديدة معها حول الغاز، سبق لها أن أدت إلى انقطاع إمداداته وعدم وصولها إلى 18 دولة أوروبية لمدة أسبوعين كاملين· وعلى حد قول ''يوري دانلينكو'' -عامل بأحد محال البيع التابعة لمصنع فيتروباك- فإن الأزمة الاقتصادية تكاد تلامس كل جانب من حياة المواطنين· فهو لا يزال يحتفظ بوظيفته، إلا إن زوجته فقدت وظيفتها مؤخراً، بينما جمد الحساب المصرفي للعائلة، وشرد الكثير من جيرانه في الحي من وظائفهم· ولذلك فهو يبدي قلقاً كبيراً إزاء المستقبل، لأن ما يحدث اليوم لم يسبق للأوكرانيين أن رأوه مطلقاً من قبل كما يقول· وعلى رغم أن الإحصاءات الرسمية المعلنة عن البطالة تشير إلى نسبة 5 في المئة فحسب، فإنها تقلل من حجم المشكلة على حد قول فولودمير جرايشينكو، رئيس اتحاد المستخدمين، الذي يتكفل أعضاؤه بتشغيل ثلث القوة العاملة في البلاد· ومضى المتحدث إلى القول إن الشركات تحاول إيجاد طرق تتفادى بها تسريح العمال من وظائفهم مباشرة، كأن تمنحهم عطلات غير مدفوعة الأجر، أو تعمد إلى خفض ساعات العمل وغيرها من الإجراءات الأخرى، التي لا تنعكس على إحصاءات البطالة المعلنة· والأسوأ من ذلك كله أن أوكرانيا حصلت سلفاً على مساعدة مالية طارئة لإصلاح اقتصادها من قبل صندوق النقد الدولي، بقيمة 16,5 مليار دولار، والخوف أن تكون قد فقدت فرصة إصلاح اقتصادها، بينما يرجح عجزها عن سداد ما عليها من دين عالمي· والمتوقع أن يكون لهذا العجز عواقبه السياسية الكارثية على مستقبلها· فريد واير- أوكرانيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©