السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

المسار النزولي للكلمة المطبوعة

7 يوليو 2018 22:01
«إذا تحدثت مع غالبية من هم دون الثلاثين من أعمارهم، فهؤلاء لا يقرؤون الصحف» دوجلاس ألكسندر، وزير بريطاني سابق منذ سنوات، لم يعد انخفاض توزيع وانتشار الصحف الورقية خبراً. الخبر (ببساطة) يكون كذلك، عندما يتضمن معلومات بعدم انخفاض التوزيع، ويكون خبراً (سكوب فعلاً)، إذا ما احتوى على ما يفيد زيادة التوزيع! الجرائد تتراجع في حضورها على الساحة ورقياً، ولنقل المطبوعات بشكل عام تسير على نفس خط الانحدار التوزيعي. الأسباب يعرفها الجميع، وفي مقدمتها بالطبع التكاليف المرتفعة في الحفاظ على الكلمة المطبوعة وإيصالها. إلى جانب (طبعاً) تأخرها اللوجستي في الوصول، مقارنة بغيرها من وسائل الإعلام الأخرى. لم يعد مهماً الآن استعراض الأسباب، لأنها كانت حاضرة منذ عقدين، مع فشل صاعق في علاجها، أو التعاطي العملي معها. النتيجة، كانت هزائم مدوية للصحافة الورقية، وتقدم هائل للوسائل المنافسة الأخرى. في بريطانيا، كانت صحيفة «تلجراف» من تلك المطبوعات التي تفخر سنوياً بارتفاع أرباحها وزيادة توزيعها الورقي. الآن، هبطت الأرباح أكثر من 50%، وانخفض التوزيع إلى 385 ألف نسخة، من 691 ألف قبل سبع سنوات. تراجع الأرباح وانخفاض التوزيع ليس حكراً على الصحف النوعية البريطانية (مثل تلجراف، والجارديان، والتايمز وغيرها)، بل شمل تلك الشعبية التي تتسيد عادة الساحة التوزيعية. فجريدة «الصن» المعروفة، انخفض توزيعها من 3 ملايين قبل سبع سنوات، إلى 1.5 مليون نسخة هذا العام. وهذا تأكيد عملي، على أن كل صحافة بريطانيا بمستوياتها المختلفة خسرت نصف انتشارها الورقي في فترة تقل عن عقد من الزمن، ما دفع على سبيل المثال جريدة «الإنديبندنت» إلى وقف نسختها الورقية منذ عام تقريباً. قبل عشر سنوات، حتى في عز انتشار الإعلام الإلكتروني (الرصين وغيره)، كانت حصة الصحف الورقية من الإعلان الأعلى. ولعل السبب أن المعلنين، لم يتأكدوا بعد من أن زمن الطباعة كان قد ولى فعلاً وقتها. اليوم، الأرقام تحسم المسألة برمتها، وليس هناك مجال للمعاندة أو لتأكيد عكس ذلك. المعركة الآن التي تخوضها الصحافة النوعية (الرصينة) تنحصر فقط في حجم المشتركين الإلكترونيين المسجل. وهذا لا يعني أن هؤلاء يدفعون المال مقابل الحصول على المحتوى، بل يرتبط فقط بمدى قدرة هذه الصحيفة أو تلك على جمع المشتركين المسجلين دعماً لوضعيتها الإعلانية والتسويقية. صحيح أن البعض يفرض رسوماً، لكن الصحيح أيضاً أن غالبيتهم لا يقومون بذلك، مستهدفين الانتشار من أجل الاستقطاب الإعلاني. السنوات المقبلة تشهد مزيداً من تراجع الحضور للصحافة الورقية على المستوى العالمي. فالحال البريطاني، ينطبق على كل الحالات الدولية الأخرى، ولا يوجد استثناء واحد. باتت المنافسة الآن تنحصر بمدى القدرة على استقطاب القارئ أو المتابع، عبر الخدمات الإلكترونية التي توفرها، على أن يكون المحتوى شاملاً كل شيء، بما في ذلك الخدمات السياحية والصحية والترفيهية وحتى المنزلية وغيرها. ووسط هذه التحولات المتسارعة، فالمادة التحريرية الجيدة تحتاج لخدمات متطورة لضمان انتشارها وحضورها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©