الثلاثاء 7 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

كازان مقبرة الأبطال

8 يوليو 2018 00:56
في مدينة تعني «المرجل» بالتتارية، تصاعد في سماء ملعب كازان دخان كثيف، عندما فاق لهيب المرجل كل التوقعات، فاحترق باللهب منتخب ألمانيا بطل العالم، وودع محطماً بشهب كوريا الجنوبية، وتفحمت صورة المنتخب الأرجنتيني وصيف بطل العالم، وهو يصدم بإقصاء أليم أمام المنتخب الفرنسي، وفي الملعب ذاته، حفرت «الشياطين الحمر» لبلجيكا خنادق سرية، منها انبعث ضوء خارق، فأعمى بصيرة «راقصي السامبا»، ليجدوا أنفسهم خارج السباق نحو اللقب العالمي، للمونديال الرابع على التوالي. ملعب يتحول بالفعل إلى مقبرة للأبطال، فإن اختلفت طريقة وتوقيتات الإجهاز على بطل العالم وعلى وصيفه، وعلى المنتخب الأكثر تتويجاً باللقب، فإن المشترك الكبير، هو أننا على أرضية هذا الملعب «المرجل» الذي يتوسط واحدة من أجمل مدن روسيا، نشهد أحداثاً غاية في التراجيدية والدراماتيكية، لعل أبرزها هو حدث السقوط المعلن لآخر حصون الكرة اللاتينية التي دأبت على أن تكون المنافس القوي لأوروبا، في السباق نحو التاج العالمي، وفي ملعب كازان، احترق الحلم البرازيلي بالفوز بسادس كأس عالمية بنيران المنتخب البلجيكي الذي يقدم في مونديال روسيا، واحدة من أجمل العروض الكروية في تاريخ «الشياطين الحمر»، وأبداً لن يفاجأ أحدنا إنْ وجدهم يعتلون لأول مرة منصة التتويج حاملين كأس العالم. نحزن ومعنا كل عاشقي الكرة الجميلة على أن منتخب البرازيل الذي خرج كبيراً من محرقة «المينياريو»، قبل أربع سنوات أمام ألمانيا، وضمد سريعاً كل جراحاته، لم يفلح في التقدم خطوات نحو النهائي الحلم، ولكن الحزن يزول عنا سريعاً، ونحن نتأمل الطريقة الرائعة التي بها أجهز «الشياطين الحمر» لبلجيكا على البرازيل، قمة في التوظيف الجماعي للمهارات الفردية، وروعة في تصميم المرتدات القاتلة، وحبكة تكتيكية متقنة من مدرب، أستطيع الجزم بأنه ذكرنا بأنه ما زال على قيد الحياة، مدربون يمكنهم أن يجملوا أساليب اللعب، وأن ينقذوا متعة الأداء الجماعي من الموت الزؤام بعد الذي شاهدناه، من انحرافات تكتيكية من يواكيم لوف وسامباولي. وإنْ كنا نجزم، على أننا شاهدنا بكازان واحدة من أجمل مباريات المونديال، فإن ذلك يعزى أولاً إلى وجود فريقين بنوايا هجومية، وبمحركات كثيرة للإبداع، وبخامات بشرية رائعة، ويعزى ثانياً إلى أن هذا المنتخب البلجيكي الخارج من عباءة الدور الأول بالعلامة الكاملة، والمتأهل من دور الستة عشر أمام الكمبيوتر الياباني بسلاح المرتد الفتاك، يقدم للأمانة ما يمكن أن يصبح اليوم فلسفة كروية جديدة، تقوم على إجادة الانتقال جماعياً من الحالة الدفاعية إلى الحالة الهجومية، بإشهار سلاح المرتد السريع الذي اغتال في هذا المونديال «التيكي تاكا».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©