الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

طه حسين

طه حسين
4 يناير 2008 00:37
عندما يدب الفساد فاعرف أن الدولة اكتملت، هذا ما أعتقد أنَّ ''طه حسين'' يرمي إليه ضمن ما تعلَّمناه منه ونحن أطفال، فلقد أظهرته الحكمة الشعبية ظهوراً أسطورياً، باعتبارها تداولاً غذائياً للفقراء، خصوصاً أن ''سولون'' المشرع الأثيني يقول: ''لا تسن القوانين إلا لتخرق''· لم أقرأ طه حسين كاتباً، قرأتهُ لصيقاً بنا كنموذج للأعمى المتفوِّق، ولا يزال (مالك الحزين) كل مساء يردِّد: المُلك لك لك لك لك يا صاحب المُلك· لم أفهم لماذا كانت أمي تبكي طيلة مشاهدة فيلم (دُعاء الكروان)؛ هل كان بكاء طبقة اجتماعية، بالطبع ''لا''، لأن الفكرة نفسها ليست بهذه السهولة، والطبقات هي نوع من التحاور الاضطراري لطبيعة الأصل المادي للوجود،·· بعدها عرفت أن أغلب الأمهات في نطاق أعداد مَن عرفتهن بالطبع وليس بالتطبع، يبكين من هذا الفيلم، لكنهن لم يجدن شخصاً معيناً يبكين عليه، إنه بكاء ليس تطهيرياً، ولا محايداً ولا ثورياً، هو أقرب إلى ما هُنَّ فيه وفقط، وعلى الأغلب ظاهرياً هن أمهات، أرباب حروب وعداء· وفي (الأيام)، رواية طه حسين، التي لم أقرأها بعدُ، تربيت على الأواني المُستطرقة لها· دخلتُ ثانوية الأزهر، بعد أن كنت في الثانوية الزخرفية، قسم: معماري عام،·· أحلام الأمهات أحلام السُلطة، والبناء ليس دائماً بناء واجهة· وفي السنة الأولى أجروا استفتاء ما إذا نرغبُ في لبس (العمّة والكاكولا)، فكتبت موافقاً، نريد أن نلبس ''العمة والكاكولا''، نريد أن يكون لنا كيان، كنت أحسد العميان بالمدرسة طلاباً وأساتذة، حتى تورَّطتُ في توصيل مدرس فقه أعمى إلى بيته، يومها؛ حطم فكرتي عن العمى، أربع خمس ساعات مرّ بي على جميع المحال بكل أنواع ما تبيع، بدءاً من أول محل بعد المدرسة حتى محطته، كنت من خوف مستمسكاً بيده لئلا يتعثَّر، وكان يموء ويمشي ويمر ويتمكن بسلاسة من محل إلى محل، حتى أفضى بي مساءً إلى محطةِ نهايةِ متعته، ركب الأوتوبيس محيياً جهلي، يومها لعنتُ طه حسين، ويومها رجعت البيت خائفاً من مسبة وعنف عصاة أمي، لكن شيئاً من هذا لم يحدث فقد كانت في غيبوبة من مغبة مرضها القلبي، فدخلتُ في زحمة مَن في البيت، الأقارب والجيران: ملائكة اسعاف الغيبوبة· في الصباح، كانت أمي كعادتها السابقة لا تزال حية، وعلى باب المدرسة كان ينتظرني أستاذ الفقة (اللا أعمى) الذي طلب مني إيصال أستاذ الفقه الأعمى، واعتذر لي قائلاً: معلش، هيه مرة واحده لكل طالب منكم، وده مش معناه إنك ما تذاكرش· eachpattern@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©