الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الدراجة النارية .. هواية أم متعة خارجية على القانون ؟!

الدراجة النارية .. هواية أم متعة خارجية على القانون ؟!
26 يناير 2010 22:06
يعلو صوت المحرك فتحذر بأن ثمة دراجة نارية تمرّ إلى جانبك، سرعان ما تلتفت لا إرادياً لأن ثمة انجذاباً خاصاً تمارسه وسيلة النقل هذه على قائدي السيارات، ليتنبهوا إلى الدراجة ونوعها، وربما يقودك الخيال للحلول مكان سائقها، حالماً بهواء يلفح وجهك، وأضواء مدينة تبدو أمام ناظريك مختلفة تماماً عمّا تراه وأنت داخل علبتك «السيارة». يعلو صوت محركها فتتأفف ربما منزعجاً، تلتفت وربما لن ينتابك محاولة اسقاط شعور قائدها على ذاتك، لأن من يقود الدراجة يقوم بحركات بهلوانية ممنوعة تعرضه وتعرض الآخرين للخطر، وهو الشخص الذي لا يحترمه محترفو ركوب الدراجات النارية، لأن للعملية قواعدها وأسسها والأماكن المناسبة لها، وليست مجرد مظهر لعرض القوة في الشارع العام. ربما ينتابك إحساس بالرغبة في التسابق بسيارتك مع الدراجة النارية فتشكل بنفسك خطراً عليه وعلى نفسك... ما لا يدركه الآخرون أن ثمة قواعد وأسساً وقوانين، إلى جانب التمتع بركوب الدراجة النارية، والحرب الضروس بين السيارات والدراجات النارية تبدو لا مبرّر لها، خصوصاً إذا كان قائدو الدراجات النارية من المحترفين العارفين بقوانين السير التي تخصّهم. هواية أم إزعاج! من دون شك، إن القيام بحركات بهلوانية خلال قيادة الدراجة النارية يحتاج إلى سيطرة كاملة عليها وبالتالي يحتاج إلى احترافية عالية، ولكن من قواعد قيادة الدراجات عدم الطيش في التعامل مع الدراجة الآلية صوناً لحياة قائدها وحياة الآخرين، كما يقول عمر سالم، أحد أعضاء مجموعة من الرجال المحترفين والهاوين لركوب الدراجات النارية، مشدداً على الفرق بين التمتع بركوبها وبالسيطرة عليها، وبين حركات الطيش التي يقوم بها قلة من الشباب يسيئون فيها لراكبي الدراجات النارية الآخرين، لأن السلوكيات السيئة سرعان ما يتم تعميمها في أذهان الناس على الباقين، على الرغم من أنهم يحترمون قواعد المرور، وقواعد قيادة الدراجات النارية في الشوارع العامة، مطبقين شروط الأمان والسلامة العامة. ويقول عمر «أتمنى لو تتضاعف مخالفات هؤلاء، وأقترح أن تسحب رخصة قيادة الدراجة النارية مباشرة منهم، وليس فقط لقيامهم بحركات الطيش وحسب، إنما أيضاً حين يقودون الدراجة من دون وضع واقي الرأس لأنهم يستهترون بسلوكهم هذا بحياتهم وبحياة الآخرين». من جهته، الملازم أول أحمد محمد بن هادي، مدير قسم تقنية المعلومات والاتصالات في شرطة أبوظبي، يشير إلى أنه وبحكم مهنته يسمع بانزعاج الناس من الدراجات النارية، وذلك بسبب حركات الطيش التي يقوم بها البعض، فيحرمون راكبي الدراجات من الصيت الحسن، خصوصاً هؤلاء الواعون الذين يعرفون القواعد والأسس لقيادة الدراجات النارية في الشوارع العامة. ويلفت إلى أن ركوب الدراجة هو نوع من أنواع الرياضة، ويحتاج إلى تركيز يفوق التركيز في قيادة السيارة، والقانون يعامل الدراجات النارية كما يعامل السيارات، فثمة مخالفات على من لا يضع واقي الرأس، وعلى من يخالف القيادة في الشوارع العامة متجاوزاً السرعة، أو متخطياً الإشارة الحمراء. الملازم أول أحمد، هاوي ركوب الدراجات النارية، وهو شارك في مشروع وزارة الداخلية لتصنيع دراجة نموذجية «لا مثيل لها في العالم»، وذلك بالتعاون مع شركة OCC الأميركية، وسميت الدراجة بـ«الصقر» لأن تصميمها جاء شبيهاً بالصقر، وهدف دراجة الشرطة هذه الاقتراب من الناس وخصوصاً جيل الشباب، من خلال هواية جميلة ورياضة شبابية، تشارك فيها الشرطة بدراجاتها النارية الهادفة المحافظة على أمن وسلامة الناس في الطرقات وفي الشوارع. ويلفت إلى أن واضعي تصميم الدراجة هم من إدارة الإعلام الأمني، تحت إشراف الملازم ماجد المرزوقي الذي تابع المشروع من الألف إلى الياء، وكان هذا المشروع الذي أطلق في مايو 2009، قد وجّه الشرطة إليه الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، للاقتراب من فئات الشباب في المجتمع. فمن دون أدنى شك، إن الحركة بواسطة الدراجة النارية أكثر سهولة لحجمها الصغير نسبة للسيارة، لا بل إن الدراجة النارية تسهم في تقليل المساحات المخصصة للمواقف، وتخفف من الزحمة على الطرقات، كما يقول واحد من أفراد المجموعة نفسها، محمد جمعة. دراجة نارية فريدة يمتلك الملازم أول أحمد عدداً من الدراجات النارية، ويشير إلى أن ركوب الدراجة النارية له أصوله، وثمة فرق بين ركوب الدراجة في البر وركوبها في الشوارع والطرقات العامة والأوتوسترادات. وهو يقود حالياً إلى دراجاته التي يمتلكها، دراجة «الصقر» للشرطة لدى ضرورة نقلها من مكان إلى آخر لعرضها على الجمهور.. وكانت قد عرضت سابقاً في مطار أبوظبي وفي المارينا مول، وقريباً ستعرض في العين ضمن فعاليات الاستعراضات الجوية في المدينة. ولن تنزل دراجة «الصقر» إلى الميدان ضمن مهام الشرطة على الرغم من أنها صمّمت خصيصاً لتضم كل مستلزمات الشرطة في عملها من مايكروفون للتحدث مع قائدي السيارات (لتنبيههم مثلاً لضرورة الوقوف إلى جانب الطريق)، والونّان مع فلاشات النور الخاصة بالشرطة. ويقول الملازم أول أحمد إن الدراجة هذه خصصت للعرض وليس للقيام بالواجبات الأمنية. ويلفت إلى أهمية اعتبار الدراجة النارية سيارة في مسارها إذ أنها في قوانين المرور تعتبر سيارة وبالتالي تطبق عليها القواعد نفسها في التجاوز والسرعة والوقوف وطريقة التحرك بها. وفي ذلك يقول محمد عبد الله المقيم في المنطقة الغربية التابعة لإمارة أبوظبي، أنه لا يقود دراجة التسابق إلا في البرّ وفي المساحات الصحراوية، إذ أنه يفضل أن يقود على الرمال لأن في ذلك متعة خاصة، وحيث «لا زحمة ولا مشاكل». ويلفت إلى إقبال هواة ركوب الدراجات النارية إلى المنطقة الغربية في عطل الأسبوع، فيحجزون غرفا في الفنادق من أجل التمتع بيومين كاملين يركبون فيهما الدراجات النارية على الرمال. المجموعة التي التقينا بها، وتحدثنا مع عمر سالم، ومحمد جمعة، وسالم محمد من أعضائها، تبدو مجموعة مختلفة عن المجموعات التي يتذمر منها الناس. فسن الشباب تجاوز مرحلة المراهقة و»الطيش» إذا صح التعبير، وغالبية أعضائها يعملون في شركة واحدة، جمعوا بعضهم البعض لأنهم يشتركون في هواية ركوب الدراجات. أبدى أعضاء المجموعة، في البداية، ترددهم في الحديث إلى الصحافة، وذلك لاستيائهم جميعاً من بعض التصرفات التي يقوم بها غير «المحترفين» (بالمعنى القانوني)، تسيء إلى سمعة راكبي الدراجات النارية الآخرين. وقد صحّ المثل بأن «الصيت السيء يعمّ وينتشر بشكل أسرع من الصيت الحسن»... وقد شهدنا على ذلك عند كاسر الأمواج حيث تتجمع الكثير من المجموعات للانطلاق معاً على الدراجات النارية. فثمة مجموعة تقف لمجرد الاستعراض فقط، يعمد أفرادها إلى الحديث مع المارين في سياراتهم أو سيراً على الأقدام، وقلة من أعضاء هذه المجموعة تلتزم بقوانين قيادة الدراجات النارية، فالبعض منهم لا يضعون واقي الرأس مثلاً قبل الانطلاق. رفع السن ويقول محمد جمعة «هناك قوانين تحكم ركوب الدراجة حتى قبل اعتلاء المقعد، ومنها وضع واقي الرأس والنظارات لحماية العينين من الهواء والغبار الذي قد يحجب الرؤية، مع ارتداء ملابس جلدية خاصة وحذاء خاص تحمي من جهة قائد الدراجة من برودة الهواء الذي يلفح به ومن سخونة المحرّك القريب جداً من رجليه؛ وصولاً إلى القفازات التي تحمي من انزلاق اليدين على مقودي الدراجة». وعلى الرغم من أن قواعد المرور تقتضي التعلّم والتدرّب على الدراجة النارية والقيام بامتحانين نظري وعملي، لنيل رخصة قيادة الدراجة النارية، يلفت الملازم أول أحمد إلى تهوّر البعض ولجوئهم إلى إزعاج المارة والسيارات بطريقة تحركهم بالدراجة لمجرد التباهي وبسبب طيش في شخصياتهم، وهؤلاء تطبق عليهم قوانين المرور وينالون مخالفات. ويقول سالم محمد أن بعض التشدد قبل منح الرخصة للشباب قد يكون عاملاً مساعداً لإبعاد هؤلاء عن الطرقات، فيما يقترح عمر سالم رفع سنّ نيل رخصة قيادة الدراجة النارية كي يكون الشاب أكثر وعياً ونضوجاً كي لا يعرض نفسه والآخرين للخطر. ويلفت محمد جمعة إلى التركيز العالي الذي يجب أن يتحلّى به قائد الدراجة النارية، لأن عليه التنبّه بالإضافة إلى طريقة تحرّكه ومدى سرعته، إلى كل ما يتحرك على الطريق العام، وإلى كل الجوانب... وشاءت الصدف وهو يشرح عن ذلك أن تعمد سيارة إلى تجاوزه كأن قائدها يدعوه لسباق معه. فضحك محمد جمعة، ملفتاً إلى مدى أهمية الوعي بالقوانين المرعية في الشارع، لأن الدراجة لها الحق بمسارها ولا تقوم بالتجاوز إلا وحركة السير متوقفة بسبب الإشارة الحمراء، كما أن الشارع ليس ميداناً للتسابق وثمة أماكن خاصة لمحبي الحركات البهلوانية ولأولئك الذين يتسابقون. زيج زاج دى القيام بالتحليق في الطيارات ضمن مجموعة، يتألف في الغالب شكل ثمانية هندية، وذلك كي لا يسبب حادثاً ما لإحدى الطيارات بالتأثير سلباً على الذين يقودون الطيارات الأخرى خلفها، وهكذا فإن هذا النظام هو المعتمد في قيادة الدراجات النارية ضمن مجموعة، كما تسير الدراجات في المجموعة بشكل «زيج زاج» تاركين مسافة معينة بين الدراجات لا يصحّ تجاوزها. تولى عمر سالم قيادة الموكب وبالتالي كان يقوم بإعطاء الإشارات للذين خلفه، وبما أن الموكب تألف من خمس دراجات كانت إشارة يدي قائد الموكب كافية للالتزام بما يشير إليه، من التفات إلى اليسار أو اليمين، من تخفيف السرعة قبل المطبّ إلى تنسيق الموكب لدى إشارة المرور الحمراء. لكن موكب الشرطة الذي تقدّمته دراجة «الصقر» التي قادها الملازم أول أحمد، وبما أنه تألف لدى عرض الدراجة من 300 دراجة، كان لزاماً على من يتلقى الإشارة منه أن يقوم بالمثل أي أن يؤدي الإشارة نفسه لراكبي الدراجات خلفه. ثمة إشارات معروفة على المستوى الدولي، يعرفها راكبو الدراجات النارية المحترفين، وإشارات عفوية تنشأ ضمن المجموعات التي يتكوّن أعضاؤها من الأصدقاء، وهي الإشارات التي لا يعرفها إلا أعضاء المجموعة نفسها. قد يشعر قائد السيارة بالحسد من راكبي الدراجات النارية لما فيها من متعة وشعور بالحرية والانطلاق حيث كل الحواس حتى الحاسة السادسة بينها تعمل بتنبّه في رياضة لا بد من تقديرها واحترامها وليس التسابق معها في ميدان الشارع العام. يلوم البعض قائدي الدراجات الطائشين، ولا يتنبهون أن ثمة قائدي سيارات لا يحترمون الدراجة النارية فيضعون دائماً نفسهم في موقع المتنافس معها أو يلغي مسارها غير معتبر لتواجدها بهيبتها على الطريق... والقانون يقر بتواجدها وفق الأنظمة المرعية، لا بل يعتبرها كما السيارة عليها حقوق وواجبات ومخالفات في حال ارتكابها...
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©