الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

هل تندثر المؤسسات الثقافية التقليدية في عصر الفضاء الافتراضي ؟

هل تندثر المؤسسات الثقافية التقليدية في عصر الفضاء الافتراضي ؟
9 يوليو 2018 00:59
عبير زيتون (دبي) صنعت «حلبة التقنية» اليوم واقعاً «معرفياً افتراضياً» بديلا لم يكن قابلاً للوجود إلا في أفلام الخيال العلمي، تتبلور ملامحه بسرعة مع هيمنة وسائل التواصل الاجتماعية مثل الـ «فيسبوك» الذي أصبح أكبر منصة تواصل اجتماعية، مع تجاوز عدد مستخدميه عتبة بليوني مستخدم، مشكلا ما يشبه ملامح «الدولة الافتراضية» التي لها جيلها المعرفي بتجمعاته الثقافية، ومكتباته الخاصة، والتشجيع على القراءة والمطالعة، و«جروباته» المغلقة في تبادل الآراء الفكرية والنقدية بعيداً عن الوسائل التقليدية، التي لم تعد تلائم توجهات جيل التقنية اليوم، الميّال لمبادرات شبابية مبتكرة تقدم له المعرفة «بلغة التقنية» بمغرياتها الجذابة الملونة والمجانية، وإمكانياتها السهلة والبسيطة في حرية التواصل وتبادل الرأي. من علامات هذا «الجيل الإلكتروني» والتي يتخطى متابعوها الآلاف: موقع «جودريدرز»، منصة أبجد العربية، ظاهرة «البوك تيوب» وقناة «الروائي» على «فيسبوك» و«اليوتيوب»، إلى جماعة المغامير (الأدبية) والفلسفية، وياطالع الشجرة، وغيرها من المواقع مثل: micro book، و«سلفني كتاب»، وسواها الكثير. في خضم هذه التطورات التقنية المتسارعة، ربما يجدر بنا طرح التساؤل التالي: هل يبقى شكل المؤسسات الثقافية التقليدية ذاته من ناحية الوظائف في عصر التقنية؟ وما هو دور هذه المؤسسات في التعرف والانفتاح على ملامح جيل «الديجيتال» أو جيل «الواي» الذي ينشأ اليوم في بعده «المكاني الثالث الافتراضي»؟ أسئلة توخينا طرحها على أكاديميين توخيا للدقة فكانت الإجابات التالية: الغياب والحضور تقول د. حصة لوتاه أستاذة الإعلام الجماهيري: لعل الحذر واجب في الحكم المطلق على المؤسسات الثقافية في عموم الوطن العربي، وفي مدى فاعلية وتفاعل هذه المؤسسات، لكن سأطرح بعض العموميات التي ألمسها أحيانا، من واقع التجارب التي أعرفها، والتي تسمح بالقول: إنه يبقى دور الكثير من المؤسسات دون مستوى الطموح، لأسباب كثيرة، وربما يكون الشق الثاني من سؤالك عاكساً بجلاء كبير هذه المسألة، إذ أن ظهور الكثير من البوابات الثقافية في الفضاء الافتراضي، والتفاعل الملحوظ من بعض الشباب والمفكرين والمثقفين معها، يعكس هذه المسألة بدرجة كبيرة، إذ أن كثيراً من المواضيع والأسماء الموجودة في هذا الفضاء تغيب عن الحضور في المؤسسات الثقافية في بلدانها، والأسباب كثيرة. وتضيف: لكن يلح علينا سؤال، ما الذي يعنيه غياب الفاعلية الحقيقية للمؤسسات الثقافية الرسمية في بعض مجتمعاتنا، وهل النشاط الفكري والثقافي والفني الموجود في الفضاء الافتراضي بديل مناسب لهذا الدور؟ أعتقد أن تقلص دور المؤسسات الثقافية في بعض بلداننا يعكس غياب تخطيط ثقافي وإنساني له انعكاساته السلبية الخطيرة في كيان المجتمع، فالمجتمعات تتشكل أنسجتها، بدرجة كبيرة، من نشاطاتها الثقافية، والتي هي بدورها انعكاس لأنشطة الحياة الأخرى في المجتمع، ولابد من مراعاة هذا الجانب، إن نحن أردنا المحافظة على النسيج الثقافي في حالة صحية ونشطة تنعكس إيجابا على باقي أنشطة الحياة، وتضع الفكر والعلم والمعرفة والقيم ضمن أولوياتها. أما النشاط الثقافي والمعرفي والفكري والفني الموجود حاضرا في الفضاء الافتراضي، فنحن لا نستطيع نكران الدور الكبير الذي لعبه في تواصل وتفاعل وربما أيضاً تطور النشاط الثقافي العربي، لكنني لا أراه بديلا تاما عن المؤسسات الثقافية. التخطيط للمستقبل من جهته يقول ياسر القرقاوي مدير إدارة الفعاليات الثقافية في وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، ورئيس مجلس إدارة مسرح دبي الشعبي: يجب أن نعي جيداً أن «التكنولوجيا» هي أداة يستخدمها الإنسان للوصول إلى غاياته ورفاهيته، ومن هنا أود التأكيد على أن المؤسسات التقليدية مآلها للاندثار ما لم تواكب متطلبات العصر بمختلف متغيراته، والحالة التي توجدها التكنولوجيا الحديثة، ووسائل التواصل الاجتماعي، وغيرها من المنصات هي «المستقبل» شئنا أم أبينا. من هذا المنطلق يتوجب أن تقوم المؤسسات الثقافية باستثمار مشاريعها للجيل المقبل، إن أرادت لنفسها الريادة على المستوى القريب وليس البعيد، لأن التكنولوجيا تتطور بسرعة لا يستطيع أن يدركها العقل البشري، لذلك من المهم جداً بأن نخطط للمستقبل البعيد، ولكن التنفيذ يتوجب بأن يكون فورياً وسريعاً. ويؤكد القرقاوي أنه تقع على عاتق المؤسسات الثقافية اليوم عدة مسؤوليات أهمها نقل المعارف والخبرات من جيل الرواد المؤسسين إلى جيل الشباب بلغة العصر، خاصة أن المعرفة هي عملية تراكم للخبرات المعرفية والعملية. ويختم القرقاوي بأنه على جميع المؤسسات التي تنوي الاستمرارية، أن ترسخ هذه المبادئ عند العاملين فيها، وإلا ستنحسر جهودها بين جدرانها. الدعم الحكومي وترى الدكتورة نجوى الحوسني أستاذة المناهج وطرائق التدريس في كلية التربية بجامعة الإمارات، إنه لا يمكن استبدال منظومة عمل متكاملة تقوم بها المؤسسات الثقافية بالتجمعات الثقافية الشبابية التي انتشرت مؤخراً في مواقع التواصل الاجتماعي. حيث إن لهذه المؤسسات أهدافاً وأجندة وخططاً إنمائية قائمة ومتطورة تضمن المحافظة على الموروث الثقافي في دولة الإمارات، ولا يمكن أن يمارس هذا الدور مجموعة من الأفراد لا يمكن ضمان نتائج عملهم ولا جودته ولا دقته أو حتى صلته بالتراث الإماراتي. وتضيف: في المقابل نجد أن الدعم الحكومي الذي تتلقاه هذه المؤسسات والتشجيع الدائم من القيادة الرشيدة هو الذي ساهم في نجاح هذه المؤسسات وخروجها من نطاقها المحلي، وإثبات وجودها على الخريطة العالمية من خلال المحافل الدولية التي تشارك بها في دول العالم المختلفة. مراعاة الشباب بدوره يقول د. فيصل العيان نائب رئيس أكاديمية «ربدان»: لاشك أن المؤسسات الثقافية التقليدية لعبت دوراً مهماً وقدمت رسالة تنموية وكانت أداة من أدوات التغيير في مرحلة سابقة، إلا أنها كانت مرتبطة بفئة وشريحة محدودة جداً ومتعلقة بالنخبة الثقافية، أو بصانعي السياسة، وكان لها الدور الكبير في الحفاظ على القيم والمعتقدات والخبرات الثقافية، إلا أن الأدوات التقليدية، والوسائط المتبعة، كانت عائقاً أمام خلق ترابط حقيقي بين جهودها وبين المجتمع بمختلف شرائحه، وكانت تندرج تحت ما يمكن تسميته بالإطار الكلاسيكي غير المرن. ويتابع: من وجهة نظري أنه يجب على المؤسسات الثقافية اليوم المزج بين الوسائل التقليدية، وغير التقليدية والتي أصبحت غير مكلفة، فهي أدوات مهمة جداً لخلق لغة تواصل واتصال مع المجتمع بشرائحه كافة خاصة الشبابية، لخلق ثقافة معرفية على أسس متينة تواكب لغة العصر ومتطلباته، وتحمي الشباب من أي جنوح بعد أن تراعي حاجياته في الانفتاح المنتج، والتعبير عن طاقاته في حرية القول والفعل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©