الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السلحفاة الثرثارة

26 يناير 2010 22:14
أذكر، ويتذكر العديد غيري، عندما كنا صغاراً، كان أباؤنا يحكون لنا القصص الجميلة والطريفة، التي كانت تملؤها الحكم والعبر، وكانوا في نهاية كل قصة يشرحون لنا المغزى منها للتأكيد على الفكرة في المستقبل، فتكون مصباحاً أو ضوءاً نستنير به، ويبدو أنَّ الكثيرين منا قد استفادوا من هذه القصص الرائعة التي كانت تحمل المعاني السامية، ولكن يبدو أيضاً منالم يتعظ من هذه القصص، ولم تترك في ذاكرته سوى مجرد قصة طفولية كان يقصد بها الثرثرة قبل النوم. وقد كان من بين تلك القصص قصة السلحفاة الثرثارة التي كانت تحمل في طياتها عبراً كثيرة. ولما كبرنا عرفنا أن الغاية منها عدم تجاهل نصائح الآخرين، والأخذ بها اذا كانت ترضي الله وتفيد من حولنا. إذ يحكى أنه في الزمان الماضي كانت بركة بها ماء و فير، وبالقرب منها سكنت بطتان و سلحفاة، ومرت أيام و شهور، وحدث جفاف، فلما جف ماء البركة فكرت البطتان في ترك المكان، وطرحتا الأمر على السلحفاة. قالتا لها: «لقد عزمنا على ترك هذا المكان، وجئنا لنودعك. شعرت السلحفاة بالحزن وقالت: كيف أعيش أنا هنا من غير الماء؟! خذاني معكما ولا تتركاني هنا وحدي، فقالت بطة منهما: ?وكيف نأخذك معنا وأنت لا تطيرين؟ فردت البطة الثانية: عندي فكرة جميلة، وهي أن نحضر فرعاً من شجرة وتتعلق السلحفاة وسطه، ونقبض نحن على الطرفين، ونحملها معنا، ولكن احذري أيتها السلحفاة من الكلام ونحن نطير. ففرحت السلحفاة بالفكرة، وطارت البطتان، والسلحفاة بينهما، فلما رأى الناس ذلك اندهشوا، وقالوا: هذا شيء عجيب.. أتطير البطتان، وبينهما سلحفاة؟ فلما سمعت السلحفاة كلام الناس غضبت. ?وقالت: وما شأنكم أنتم؟! وبمجرد أن فتحت فمها وقعت على الأرض، وكان ذلك جزاء من لا يستمع للنصيحة. من هنا نستشف أن للقصص القديمة عبراً وحكماً رائعة نقتدي بها في حياتنا، فقد نستمع للنصيحة أحياناً، ونعيرها أسمعانا وانتباهنا وبمجرد الانتهاء من الكلام نعطيها ظهورنا. خاصة أن الكثيرين من الأشخاص يستهينون بآراء ونصائح من حولهم، ويستهزءون بها أحيانا، خصوصا اذا كانت النصيحة من أشخاص أقل منهم شأناً. ولكن بالمقابل يجب ألا ننسى أن هناك شروطاً لإبداء النصيحة حتى يتحقق الغرض منها، فديننا الحنيف يوصينا بالنصيحة، وللنصيحة عدة آداب منها: أن تكون خالصة يراد بها وجه الله تعالى لا السمعة ولا الرياء، وأن تكون سراً ولا يكون هناك فضح للمنصوح، أو تشهير به، وأن يكون الناصح حكيماً في نصيحته، ولا يؤذي مشاعر المنصوح، وأن يكون على علم بما ينصح. مريم الشميلي Maary191@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©