الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

مباراة كاملة الدسم

9 يوليو 2018 21:46
بالطبع لن نجد أفضل ما نفتتح به الدور نصف النهائي لمونديال روسيا، الشرفة الأخيرة المطلة على النهائي «الحلم»، وقد خلا للمرة الخامسة في تاريخه من المنتخبات اللاتينية، لن نجد ما نقص به شريط المربع الذهبي الأوروبي الخالص، أجمل ولا أقوى من مباراة فرنسا وبلجيكا. والمؤشرات الدالة على جمالية وجاذبية هذا الصدام الكروي كثيرة، منها ما يرتبط بالتاريخ الكروي المشترك بين قوتين متجاذبتين، يجمعهما في أصول الثقافة الكروية، وفي قواعد التدبير، وفي أساسات ومناهج وفلسفة التكوين القاعدي، وفي الانفتاح على الملكات الفنية أياً كانت جنسيتها، أكثر مما يفرقهما من تناوش وصراع عن بعد، ومنها ما يرتبط بالصورة التي دخل بها «ديكة» فرنسا و«شياطين» بلجيكا الحمر هذا المونديال، وقد أنبأنا مشوار التصفيات ومحصول الوديات، بأن المنتخبين معاً مرشحان بقوة للذهاب لأبعد نقطة في كأس العالم بروسيا، ومنها ثالثاً ما أبرزه الفريقان معاً من استعداد ذهني مسبق، لكتابة جماعية لملحمة كروية أساسها الإبداع الفردي المؤطر والمحصن ضد كل النزوات الذاتية. يلتقي المنتخبان الفرنسي والبلجيكي، في أنهما يقدمان النسخة الحديثة والمنقحة لكرة القدم، حيث تكون هناك قدرة جماعية على حسم التفاصيل الصغيرة وعلى اللعب، على ما يقترفه الخصوم من خطايا تكتيكية تحت الإكراه، وحيث يبرع المدربون في النفاذ بقوة إلى فكر المنافس لتفكيكه وإصابته بالعجز المركب، وقد شاهدنا كيف أن المنتخب الفرنسي نجح بدم بارد في إخراس سعار المنتخب الأوروجوياني، عن طريق ضرب ثوابته التكتيكية، وكيف تفوق على نفسه في تعرية كل العيوب التكتيكية للمنتخب الأرجنتيني في دور الستة عشر، وكيف أن المنتخب البلجيكي فكك بطريقة بالغة الذكاء، كل الألغام التكتيكية للمنتخب البرازيلي بشكل امتزج معه الشعور بالصدمة وبالإعجاب، بعد أن قدم نموذجاً متفرداً في إبداع الحلول لأعقد الإشكالات التكتيكية، وهو يتجاوز أمام الكمبيوتر الياباني تأخره بهدفين، ويحقق تأهلاً رائعاً لدور الستة عشر. طبعاً في وجود كل هذه التوابل الفنية والتكتيكية، إن على مستوى الخامات البشرية التي يتمتع بها المنتخبان البلجيكي والفرنسي، وإن على مستوى درجة التأثير القوي لفكر المدربين «روبيرتو مارتينيز وديدييه ديشامب»، فإننا نتوقع أن نكون في حضرة مباراة كاملة الدسم، ذات قوة انفجارية، بل وكاملة التعبئة تكتيكياً، سيحسمها لفائدته المنتخب الذي سيتفوق على منافسه في رصد التفاصيل الصغيرة وفي السيطرة عليها، وسيصعد إلى النهائي الحلم المنتخب الذي سينجح أكثر من منافسه في احتلال المواقع الإستراتيجية في وسط الميدان، أكثر مساحة حساسة توجد بها المعابر السرية لضرب المنظومة الدفاعية للمنافس وعليها تحتدم أكثر المعارك الكروية ضراوة. فرجة ممتعة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©