الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

الخارجون من الكهف

10 يوليو 2018 23:05
هناك من يجد في إنجلترا ساوثجيت، التي تصل للمرة الأولى إلى المربع الذهبي لكأس العالم، بعد مرور 28 سنة على آخر عهد لمنتخب «الأسود الثلاثة» بهذا المستوى المتقدم من الحدث الكروي الكوني، لمسة من عبقرية الفيلسوف بيب جوارديولا الحاصل عالمياً على براعة إبداع كرة القدم الشاملة بفسيفسائها التكتيكي الحديث والمحين، بل إن هناك من يربط تتويج المنتخبين الإسباني والألماني بمونديالي 2010 و2014، وهذه الثورة المعلنة من المنتخب الإنجليزي في مونديال روسيا، للخروج أخيراً من كهوف الرداءة، بوجود جوارديولا ضالعاً بمنظومته التكتيكية في المشهد. وإسبانيا التي توجت سنة 2010 للمرة الأولى في تاريخها باللقب العالمي، كان أسلوب لعبها نسخة طبق الأصل من فلسفة «التيكي تاكا» التي قلدت في ذاك الزمن برشلونة بكل القلادات الأوروبية والإسبانية وحتى العالمية، وكان المنتخب الألماني المتوج سنة 2014 بكأس العالم، مجسماً صغيراً لفكر جوارديولا الذي كان يقود بفعل ثوري نادي بايرن ميونيخ عقل وقلب «المانشافت»، ومن غير المستبعد أن نجد في هذا المنتخب الإنجليزي الذي يصل غداً على كل التوقعات إلى الدور نصف النهائي، ريحاً لجوارديولا الذي أحدث من خلال «المان سيتي» ثورة على الأنماط التقليدية والمستهلكة في منظومة الكرة الإنجليزية. إلا أن الهيئة التكتيكية والبطانة النفسية، وبالخصوص هوية اللعب التي قدم المنتخب الإنجليزي بها نفسه في مونديال روسيا، تقول إن هناك بعضاً من فلسفة جوارديولا وكثيراً من شخصية جاريث ساوثجيت الذي صمم رؤية شاملة تأسست على مقاربة موضوعية لواقع الكرة الإنجليزية، وعلى دراسة عميقة لمصدر الصدمات التي ضربت المنتخب الإنجليزي لعقود من الزمن. على مدى السنتين اللتين استغرقهما بناء هذا المنتخب الإنجليزي، أسس ساوثجيت المشروع على مراحل، اختار لكل مرحلة ورشاً تكتيكية وذهنية، وتوفق إلى حد بعيد في ربط الخيوط التكتيكية والفنية وبالخصوص الإنسانية، لكي يفرز ذلك كله روحاً جماعية وهوية لعب مستوحاة من الأنماط المتداولة في كرة القدم العالمية، لكن بشخصية إنجليزية منفصلة تماماً عن كل الاستيرادات الخائبة لتجارب الآخرين. وكان من أولى ثمار هذا المشروع وهذه الرؤية للأنيق ساوثجيت، أن أصبح لإنجلترا منتخب، ينجح بوصوله للدور نصف النهائي لكأس العالم لثالث مرة في التاريخ، في كتابة قصة وطنية ملحمية تعيد بناء الذاكرة، وتقطع مع أزمنة الألم والبكاء على الأطلال. قصة لم تنته فصولها بالوصول إلى المربع الذهبي، بعد الإطاحة بالسويد، فما زالت أخيلة هذا المنتخب بعرابه ساوثجيث، قادرة على أن تبدع لنا صوراً جديدة تؤرخ لعودة كرة القدم أخيراً، إلى بيتها الأول.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©