الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العيش في المياه العميقة

العيش في المياه العميقة
11 يوليو 2018 20:15
لكي أُمرِّرَ شريطًا إخباريًا موجزًا عنِّي خلالَ الأسابيعِ الماضية يلزمُني فتحُ الهاتفِ لتفقُّدِ غُرفِ أصدقائي أتشقلبُ، وأتقافزُ فوقَ أسرِّتهم، ببچامةِ نومي أتلصَّصُ على مواعيدِ دخولِهم، وخروجِهم، على يوميَّاتِهم في (ستاتيوس الواتس) أطبعُ أسماءَ روحي على جدرانِهم (هواء، عصفور، مِطرقة، قطرة ماء، سيَّارة) بيتٌ جديد؛ لأقولَ إنَّ السعادةَ ليستْ حزينة، تدخلُ، وتخرجُ كالمعتاد، مهتمةٌ بالأزياءِ، والألوانِ، وعالمِ الموضة تشتري علبَ الحلوى من دكَّانِ الأغاني وتقضي معظمَ الأوقاتِ مع الصيَّادينَ والطباخينَ وعشَّاقِ الطبيعة. لم أَعُدْ باكتشافاتٍ جديدة الأحد هو الاثنين، هو الثلاثاء، هو الأربعاء، هو الخميس... في الغرفةِ كما في الحُلم أكتفي بالتأمُّلِ، والكلامِ الخفيف، بشحذِ قلبِ الدميةِ بكميَّةٍ كافيةٍ من الكهرباء؛ لتتحرَّكَ، وتمشي، وتصطدمُ بأرجلِ السرير، أو ببابِ الدولابِ المفتوحِ دائمًا. أشياءُ قديمةٌ تختبئُ، لفتراتٍ قصيرة، ثم تعودُ بأسماءَ وعناوينَ جديدة: العيونُ الكثيرةُ العالقةُ في قلبي الهدوءُ الذي يأتي مرَّةً واحدةً في الأسبوع مشقَّةُ العملِ بجانبِ الموتى الجنونُ والمُتعة العيشُ في المياهِ العميقةِ مع الإسفنجِ البحريّ مكتملةَ النُّموِّ، ألتصقُ بالصخورِ والنباتاتِ. النسيانُ والمحبَّةُ وعادةُ حفظِ المُسكِّناتِ في دُرْجِ المطبخِ مع السكاكين. أمشي بجانبِ الأشجارِ، وأنسى أنَّني عثرتُ على اسمي بالصُّدفةِ محشورًا بين فكَّينِ، أو (مُجعلكًا) على الأرضِ، إثْرَ قبضةٍ متوحشة أمشي، وأستعيدُ الصورَ الأخيرةَ التي لا أعرفُ كيفُ ألتقطُها له، دونَ ألمٍ يُذكَر: الكرة الكبيرةَ التي تضربُ لأرضَ والجدرانَ التي تنخفضُ، وترتفعُ، التي تلامسُ خيوطَ الشَّبكةِ المُعلَّقةِ المُرتجفة، وترتطمُ بقوائمِها المعدنية القطَّة المُعذَّبةَ التي تتناقُلها أيدي المراهقينِ الكبارِ بشراسة الاختباءَ، القفزَ، التربُّص، اللعبة المحبوبةَ، والمشوِّقة، رغمَ كثرةِ الخاسرين القطعَ الصُّلبةَ المُلوَّنةَ الشهيَّةَ في العلبةِ الكرتونيةِ التي تتحوَّلُ إلى كتلةٍ ليِّنةٍ مسحوقةٍ، بين فكَّينِ لا يتعبانِ من المَضغ البرتقال المحفوظَ في السلَّةِ البلاستيكيَّةِ، بلونِهِ البرَّاق، وهو يتعرَّضُ للتقطيعِ والعصرِ؛ ليُقدَّمَ باردًا للضيوف. كنتُ في كلِّ الأحوالِ شاهدًا صامتًا، يسجِّلُ ما يرى في دفترِ روحِه لم أَمَّدَ يديّ لم أفتح فمي. * سلطنة عمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©