الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القرية التراثية تفتح كنوز الماضي أمام الزوار

القرية التراثية تفتح كنوز الماضي أمام الزوار
19 يناير 2014 09:47
تستعيد القرية التراثية التابعة لنادي تراث الإمارات مفردات الموروث الشعبي الإماراتي، عبر المهرجان الذي يقام في منتصف كل شهر، وعلى الرغم من توافد العديد من أبناء الأسر الإماراتية الجمعة الماضي على مقر القرية للمشاركة في الفعاليات التراثية الشعبية، إلا أن الأطفال سجلوا حضوراً مميزاً حيث شارك العديد منهم في ممارسة الألعاب الشعبية، ضمن فقرات خاصة ورددوا الأهازيج القديمة في تلقائية، وسط سعادة غامرة شملت كل الزوار الذين تعددت جنسياتهم، وتوحدت مقاصدهم في الاستمتاع بالتراث الشعبي الإماراتي عبر هذا المهرجان الذي فتح كنوز الماضي أمام الأجيال الحالية، لتشهد عظمة التاريخ المحلي الذي لم يزل يحتفظ بأدق عاداته القديمة. استقطبت القرية التراثية في المهرجان، الذي أقيم برعاية كريمة من سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة رئيس نادي تراث الإمارات، جمهوراً من مختلف الأعمار وتسابق الجميع، من أجل المشاركة في الفعاليات التي حملت طابعاً تراثياً بدءاً من السوق الشعبي ومروراً بركن الهجن والفروسية والدكاكين التراثية، وانتهاء بمتحف القرية الذي يعد هو الآخر إطلالة حقيقية على ماضي الأجداد في كل عصورهم، والشيء اللافت أن الإقبال كان متزايداً من قبل الفتيات والأطفال على ركن الحنّاء، حيث نُقشت على أيديهم الأعلام والزهور والأشكال البديعة المحببة للنفس. حكاية شعبية حول طبيعة هذا المهرجان الذي تحرص القرية التراثية على إقامته في منتصف كل شهر، يقول مدير إدارة الأنشطة بنادي تراث الإمارات سعيد المناعي: تحرص إدارة نادي تراث الإمارات على إعداد برنامج مكثف يناسب الأعمار كافة في المهرجان الشهري الذي يقام بين أروقة القرية التراثية وعلى ضفافها المطلة على كورنيش أبوظبي، واللافت أن زوار القرية يتجددون باستمرار وتتزايد أعدادهم بصورة كبيرة، وهو ما يؤكد أن الموروث الشعبي الإماراتي له عبقه الخاص وسحره الذي لا يُحد بما يجمع من ثيمات الماضي العريق، في إطار عصري جذّاب يجمع الأسر على فن الحكاية الشعبية التي لا تحتاج إلى راوٍ فكل شيء بالقرية ينضح بالمفاهيم التراثية، وكل ركن فيها يحكي قصة من التاريخ وهو ما يمنح الزائرين فرصة للتعرف على ماضي الأجداد بروح عصرية وثّابة. ويتابع المناعي: تتصدر دائماً الفنون الشعبية بوهجها وحرارتها ووقعها في النفوس مظاهر الاحتفال الشهري، حيث أثبتت التجربة أن الفن الشعبي الإماراتي الذي كان له حضوره المميز في الماضي يتمتع بنكهة خاصة في هذا العصر، إذ كان المواطنون قديماً يمارسون فنونهم الشعبية في شيء من البساطة والتلقائية في جلساتهم الحميمة، وفي مناسباتهم الخاصة والعامة وهو ما كان يعطي هذا الفن بريقاً خاصاً، يبعث في النفوس الراحة ويهيئها من جديد لاستعادة النشاط والحيوية. أنشطة محببة ويضيف المناعي: تميز مهرجان القرية التراثية يوم الجمعة الماضي بوجود مجموعة من الأنشطة المحببة، حيث تفاعلت العديد من الأسر مع الفقرات الخاصة للأطفال والتي شكلت امتزاجاً جميلاً بين الماضي والحاضر، في ظل حضور أولاد وفتيات المراكز التابعة لنادي تراث الإمارات، إذ أُقيمت على هامش المهرجان الورش الفنية التي أظهرت مواهبهم الدفينة عبر تعلم الرسم والتلوين وتكوين المجسمات، فضلاً عن ورش الطبخ الشعبي التي لم تزل تحتفظ بمذاقها الخاص لكونها موجودة في كل البيوت وتلقى إقبالاً كبيراً من أهل الإمارات وزوارها والمقيمين فيها، بالإضافة إلى أن فقرة السحوبات أضفت لوناً من المتعة على الحضور، حيث حصل العديد من الزوار على هدايا قيمة وهو ما أكمل فرحة هذا العرس الثقافي التراثي الجميل. مشاركة متميزة ولا يُخفي رئيس قسم الأنشطة الشبابية بنادي تراث الإمارات أحمد الحوسني الذي قدم برنامج المهرجان سعادته بنجاح مهرجان القرية التراثية هذا الشهر، والمشاركة المتميزة لأطفال المراكز التابعة لنادي تراث الإمارات الذين شاركوا في معظم الفعاليات، وكانوا خير من يمثل التراث الإماراتي حيث أعطى هؤلاء الصغار دروساً في كيفية حب الوطن والالتفاف حول قادته، ومن ثم تلمس خطى الآباء والأجداد ومحاولة التعرف على ماهية الموروث الشعبي الأصيل، حيث إن القرية التراثية مكتملة الجوانب إذ تتمتع بالبيئة البحرية الخصبة، وتنتشر على شاطئها المراكب التراثية القديمة التي تمنح الزوار فرصة لتأملها والنظر في صناعتها، ومن ثم التعرف على الدور الذي كانت تلعبه في الماضي لكون الصيد كان من أهم الحرف التي جمعت أهل الإمارات حول البحر بحثاً عن الرزق. ويلفت الحوسني إلى أن الصقور والهجن والخيول تعد من المظاهر المهمة في حياة المواطنين، إذ أعطت للزوار انطباعاً عن مدى تمسك الشعب الإماراتي بماضيه وحبه للعادات الأصيلة، التي لم تزل تشكل جزءاً مهماً في الشخصية الوطنية. طفل ومركب بتلقائية عجيبة وغير متوقعة وقف الطفل خالد أحمد الجابري الذي يبلغ من العمر 10 سنوات بالقرب من أحد الدكاكين، التي تقدم نماذج خشبية لحرفة صناعة القوارب القديمة وظل بالقرب من أحد الذين يعملون على هذه الصناعة، وأخذ يسأله عن مدى حقيقة ما إذا كانت القوارب قديماً كانت تُصنع على هذه الشاكلة؟، فأجابه بأن للقوارب والسفن والمراكب أشكالا متعددة ولها فنيات خاصة في صناعتها في هذا القسم من القرية التراثية، ونقوم بصناعتها على شكل مجسمات صغيرة في الحجم على النسق القديم ذاته، بحيث تقدم صورة حقيقية لهذه الصناعة في الماضي، ومن خلف الطفل كان يقف والده وهو مسرور لجرأة طرح ابنه ومستوى أسئلته التي تنم عن فهمه وإدراكه ووعيه لقيمة الموروث الشعبي، ودوره في إثراء المخيلة وتعميق الثقافة الشعبية في أذهان الجيل الجديد. وجهة مفضلة ومن ضمن الذين أصروا على الحضور إلى القرية التراثية للمشاركة في هذا المهرجان حمدان المسيري الذي يقول: في العادة أذهب إلى القرية التراثية في العطلة الأسبوعية، فهي وجهتي المفضلة مع أسرتي إذ إن أولادي يستمتعون بالحركة الدائبة التي يضج بها السوق الشعبي، وتكاثر الناس حول المصنوعات التراثية التي لها خصوصيتها وجمالها الذي يميزها عن غيرها، وفي كل مرة نعود إلى البيت ونحن نحمل الكثير من بضاعته، ويرى أن القرية التراثية بما تحوي من دكاكين شعبية ومتحف وأبنية قديمة تمثل عنصراً مهماً من عناصر التعريف بالثقافة الشعبية الإماراتية، لذا يتفاعل كل الناس مع ما تقدمه القرية من فعاليات ومهرجانات وبرامج ترسخ القيم الوطنية في النفوس، ويؤكد أنه من الطبيعي أن تجمع هذه القرية التي ترسم بدقة ملامح حياة الآباء والأجداد، أطيافاً من المجتمع الإماراتي الذي ينسجم فيه في الوقت الحالي العديد من الجنسيات في شكل بديع. الإغراء بالشراء وتورد ميثاء الزعابي أم لطفلين أنها لم تكف عن التجول داخل القرية طوال مدة المهرجان، خاصة أنه جاء في يوم عطلة أسبوعية وهو يوم الجمعة، وتقول: استمتعت مع طفلي بالذهاب إلى المشغل اليدوي النسائي الذي عرّفنا بصورة مباشرة على جانب من أدوار المرأة التي اعتادت عليها في يومياتها، حيث كانت البيئة توفر لها العديد من المواد الأولية والمستلزمات التي تستطيع من خلالها أن تنتج بعض الأشياء من سعف النخيل ومن القطع النسيجية، والأدوات القشية التي كانت من الأشياء الأساسية في أركان البيت الإماراتي، بالإضافة إلى أن السوق الشعبي بدكاكينه المتجاورة أشعرنا بأننا بالفعل نعيش في الزمن الماضي، حيث وجدنا العديد من المصنوعات الحرفية واليدوية والتقليدية المعروضة، والتي تمت حياكتها بمهارة فائقة وهو ما أغراني بالشراء وأغرى كذلك طفلي، وتشير إلى أن مثل هذه المهرجانات تجعل الأبناء على صلة دائمة بالماضي، وتشكل في أعماقهم صورة حقيقية للحياة التي كان يعيشها آباؤنا وأجدادنا في الماضي، بالإضافة إلى أن مثل هذه الأماكن تُرسخ في النفوس أهمية التعرف على مفردات الموروث الشعبي الإماراتي، الذي كل يوم يُبهر أبناء الدولة وزوارها والمقيمين بها. حياة الماضي في الجهة المطلة على البحر، جلس أحد المدربين التراثيين بنادي تراث الإمارات فلاح بن بشر ومن حوله مجموعة من الشباب والأطفال من أجل الاستماع إليه، حيث كان يصف في بساطة وتلقائية العلاقة بين الجيران في الماضي، وكيف كانت الحياة في بيئة تخلو من مظاهر الرفاهية الحالية، ويشير فلاح إلى أن الرزق الذي كان يحصله أحد البحارة كان يوزعه على الجيران، إذ إن الذي كان له زاد يفيض به على من لا زاد له، وهو ما جعل الماضي على صعوبة الحياة فيه لوحة بديعة تصور التكافل الاجتماعي في أبهى معانيه، ويؤكد أن كل من كان يعمل في حرفة ما كان لزاماً عليه أن يُتقن صناعة أدواتها بشكل كبير، ويبين أن الذين كانوا يعملون في مهنة الصيد كانوا يصنعون شباكهم ومراكبهم بأنفسهم، بحيث كانت الصناعات اليدوية تحفل بمفارقات عجيبة، فقد كانت تتكون من أبسط الأشكال. زوار المتحف من ضمن العائلات التي حضرت بكاملها وكان لديها شغف كبير لزيارة المتحف الموجود بالقرية، عائلة سالم الفليني الذي يذكر أنه جاء بكل أفراد الأسرة من أجل الاحتفال بالموروث الشعبي الإماراتي الأصيل بهذا المهرجان الذي يتكرر كل شهر، والذي يعد زاداً حقيقياً للأسرة الإماراتية للاطلاع على التراث بكل ما يحتوي من زخم وثراء وأصالة، ويضيف أنه على الرغم من أننا من الزوار الدائمين للقرية ونحرص على الحضور إليها كل أسبوع تقريباً، إلا أن أسرتي تفضل دائماً زيارة المتحف الموجود بالقرية ضمن برنامجها حيث إن المتحف يحتوي على أركان مهمة تُعبر بدقة عن تفاصيل الحياة اليومية التي كان يعيش في رحابها أبناء الجيل الماضي، ودائماً نشعر بالانبهار من الأدوات والمستلزمات الأثرية الموجودة بالمتحف، مثل الأدوات التي تتعلق بأساليب الزراعة القديمة والأسلحة التراثية وأدوات صيد اللؤلؤ ودلال القهوة العربية العتيقة، والأزياء الفلكلورية التي تحمل الطابع الشعبي الأصيل والحُلي وأدوات الزينة عند المرأة فضلاً عن نُسخ من المصحف الشريف المكتوبة بخط اليد، بالإضافة إلى مجموعة المسكوكات الإسلامية والفضية والبرونزية والورقية.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©