الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التدخين خارج أسوار المدرسة «وقت مستقطع» قبل العودة إلى البيت

التدخين خارج أسوار المدرسة «وقت مستقطع» قبل العودة إلى البيت
18 يناير 2014 21:20
إن المشكلة الحقيقية التي تغيب عن كثيرين من الآباء والأمهات والمربين تتمثل في عدم استيعاب طبيعة «سيكولوجية» المراهق وأسباب إخفاقه في الهيمنة على ذاته، وكيفية ضبط احتياجاته أو حتى الإلمام بها وتحديدها بنفسه، مما يسبب له حالة من الإحساس باللامبالاة وعدم الشعور بالمسؤولية الذاتية أو الاجتماعية. ومن ثم نراه يحاول التعلل بالمبررات والحجج التي يتخذها «حيلاً لا شعورية» دفاعية لحماية ذاته. وبمرور الوقت نجده يتمرس في فنون الغموض والمراوغة وعدم الانضباط والتمرد في أحيانٍ كثيرة، وغالباً ما يكون ذلك على حساب وقته ودراسته ومصلحته، ويصبح مثل هذا النمط من السلوكيات أبرز سمات شخصيته. كثير من مفردات السلوكيات السلبية غير المنضبطة للطلاب في فترة ما قبل المراهقة وأثنائها، تظهر في الأوقات«المستقطعة» من يومه الدراسي، والتي يحاول فيها إشباع رغباته في ارتكاب بعض السلوكيات السلبية «المرفوضة» من المجتمع، الذي يتمثل في الأسرة والمدرسة، ونراها جزءاً من سلوكياته اليومية، مثل التدخين، والمشاغبة والتنمر، والتسكع، والغياب عن الدراسة، والانشغال بأشياء ممنوعة أو محظورة، كتبادل الصور والمشاهد والأفلام المبتذلة عبر الهاتف المحمول مع أصدقاء السوء في نفس المدرسة، وفي أحيان كثيرة نرى مثل هذه المظاهر في الأماكن والمقاهي والشوارع القريبة من المدارس، ولا سيما في أوقات ما قبيل وبعد الدراسة، أو خلال فترات الفسحة المدرسية الطويلة، ولعل التدخين ـ بعيداً عن أعين الأسرة والمدرسة ـ أبرز هذه السلوكيات! عدم الرقابة يقول أحد الطلاب «بالصف الثاني عشر» - فضل عدم ذكر اسمه- وحيث تصادف وجوده مع بعض رفاقه في أحد المطاعم القريبة من مدرسته خلال أوقات الدراسة، وبسؤاله عن كيفية الخروج من المدرسة، قال بأنه خرج أثناء الفسحة الطويلة، وأن هناك من يتسلل إلى خارج أسوار المدرسة، وربما لأنه شعر الطالب بالملل من الدراسة، وأنه سيعود لاستكمال يومه الدراسي، لكنه لم يقل أنه فعل ذلك، أو أنه يفعل ذلك يومياً حتى يتمكن من التدخين، قبل أن يعود إلى البيت. صديقه « س.ف عبد الله»، كان أكثر جرأة وصراحة، وقال:« نحن نقوم بالتدخين بسرعة بعد أن نصل إلى منطقة باب المدرسة في أحد الأماكن القريبة، وقبيل دخول باب المدرسة، وقد يتكرر ذلك في الفسحة، وبعد نهاية اليوم المدرسي، ونترك السائق ينتظر قليلاً بحجة ازدحام السيارات، وقبل العودة للمنزل». طال آخر يقول:« أحياناً أشعر بالملل من الحصص، وأريدها تنتهي بسرعة حتى أخرج وأدخن « المدواخ» فهو لا يستغرق وقتاً طويلاً، ولا يترك رائحة نفاذة مثل تدخين السيجارة». ويرى مازن ح.م. أن الطلاب يدخنون قبل الدخول أو حلال الفسحة، أو بعد انتهاء الدراسة بتأثير الصحبة السيئة، وأنه لم يكن يعرف التدخين إلا من أصدقائه، وكثيراً يهرب للتدخين حتى لا يصاب بضيق، وأن سبب هروب الطلاب من الدروس لبعض الوقت يرجع إلى الملل وعدم الرغبة في حضور بعض الدروس وحب الفوضى. كذلك يقول خالد ح.ش :« معظم الزملاء الذين يدخنون اكتسبوا هذه العادة من الأصدقاء، وأكثرهم يلجؤون إلى المدواخ لأنه لا يترك رائحة مقارنة بالسيجاير، وهؤلاء لا يحتفظون بأدوات التدخين معهم عند العودة إلى البيت، فقد يخفونها في أماكن خاصة بعيداً عن أعين الأهل، ومنهم من يحتفظ بها في أماكن مخفية بالمدرسة، أو السيارة، وإذا اضطر للتدخين أثناء وجوده بالبيت فيكون بعيداً عن الأسرة، وفي مكان قريب خارج البيت، لذلك فإنهم يتجمعون خلال هذه الفترات القصيرة قبيل العودة إلى منازلهم ». ويضيف خالد:« كثير من هؤلاء الصبية والمراهقين يحتفظ لدية دائماً بـ «علك» النعناع «اللبان» حتى يقضي على رائحة التدخين، إلى جانب استخدام معجون الأسنان بالطبع، لكن كثيراً ما تكون مخلفات التبغ بجيوب الملابس سبباً في فضح المدخنين أمام أسرهم، أو قد يكتشفونهم بالصدفة». أصدقاء السوء صديق حسين الطنيجي «ولي أمر أحد الطلاب» يرى أن معظم مشاكل هذا الجيل من الصبية والمراهقين تكون بسبب أصدقاء السوء، وضعف مراقبة الأسرة، وفقدان التواصل بين الأسرة والمدرسة، فالصداقة الحقيقية لها تبعاتها والتزاماتها التي يجب أن يهتم بها كافة الأطراف، ويبرز دور الأسرة إذا كان ابنهما لا يزال صغيرا ويحتاج إلى من يوجهه ويختار معه صديقه، وهذا يحدث من خلال الملاحظة الدقيقة والتوجيه غير المباشر حتى لا يشعر الطفل أو الفتى بأن الأبوين يقتحمان حياته ويتدخلان في اختيار أصدقائه، وإبداء رغبة الأهل يكون بشكل ضمنى إذا أرادوا أن يقوم ابنهم بتوسيع رقعة الأصدقاء، بحيث لا تتجه الأمور بأن تقتصر صداقة الابن على شخص واحد فقط مما قد يجعله تابعا له وليس بصديق له. ويجب على الأسرة العمل على توفير جو يسعد به الأبناء لاستضافة أصدقائهم بالمنزل حتى يكونوا تحت أعين الكبار وملاحظة تصرفاتهم عن قرب، وإذا كان للابن أحد الأصدقاء لا يرتاح الأهل إليه فيمكنهم نقد سلوكه وتصرفاته بما يجعل الابن يعرض عن الاستمرار في صداقة هذا الشخص. سلوكيات مرفوضة أمل الأناضولي، مساعد مدير مدرسة النهضة الوطنية للبنين، تشير إلى أن التدخين في المدارس ممنوع قطعياً، ومن الأشياء الممنوعة، والتي يحظر إدخالها مع الطلاب أدوات التدخين، أو الولاعات، أو علب السيجائر أو التبغ وكل ما يتعلق بالظاهرة، والطالب المخالف يعرض نفسه للمحاسبة ، وفي حالة المخالفة من هذا النوع يتم الاتصال بالأسرة على الفور، والطالب الذي يسلك هذا السلوك يلجأ إليه بعيداً عن المدرسة تماماً لأنه يعلم أنه سلوك ممنوع ومرفوض، وقد يلجأ إلى أساليب ملتوية، وينجح في إخفاء أدوات التدخين عن أعين الإدارة المدرسية، كما يخفيها عن الأسرة، وقد يستغل بعض الوقت بعد الخروج من المدرسة خلال الفسحة أو بعد انتهاء اليوم ليدخن مع أصدقائه قبل العودة إلى البيت، أو بأي طريقة أخرى، ونحن من جانبنا نقوم بتوعية الطلاب في الدروس، وعن طريق المرشد الطلاب، بأضرار التدخين، وغير ذلك من سلوكيات سلبية، ونتابع ذلك مع أسرة الطلاب بجدية، ومن الأهمية أن يكون هناك تعاون تام بين إدارة المدرسة وأسرة الطالب لتقويم مثل هذا الظواهر السلبية». وتضيف الأناضولي: «الدراسات التربوية والاجتماعية والنفسية بشكل عام تؤكد أن للإرشاد دور مهم للغاية في علاج هذه الظاهرة، وتأثير الصداقة السلبية، ومعرفة من يصادق مع المتابعة من قبل الأسرة والمدرسة، وإبعاده عن أصدقاء السوء ففي كل الحالات يمضي الطالب وقته مقسوماً بين مدرسته وأسرته فيمكننا بذلك السيطرة على وقته ومراقبته وتوجيهه للصواب،‏ وكذلك التعرف على مشاكل الطالب الاجتماعية والنفسية والسعي لحلها بمساعدة المرشد التربوي الذي يملك وسائل تربوية تقربه من الطالب وتؤمن له حرية التعبير والكلام وإن أي معلم في المدرسة يمكن أن يكون بمثابة الناصح للطالب‏. بناء الأساس القيمي والأخلاقي أما الدكتور أحمد الألمعي، استشاري ورئيس قسم الطب النفسي للأطفال والمراهقين بمدينة خليفة الطبية في أبوظبي، فيؤكد أن المراهقة ليست معضلة تواجه الآباء فقط، وإنما تقع مسؤولية إعدادهم وتوجيههم أيضاً، على المدرسة والمجتمع معاً، وإسهام الجهات الثلاث في بناء الأساس القيمي والأخلاقي لدى الأبناء،. فالمدرسة تكمل دور الأسرة حيث تستطيع أن توفر له ما يصطلح عليه اليوم باسم التربية الشاملة لجميع جوانب المراهق، بما لدى المدرسة من وسائل، وما يتاح من نظام تستطيع الحد من نزوات المراهق، فلا يجوز فسح المجال له نحو التمادي والطيش، وأن توفر له بديلاً يعد منصرفاً لما هو عليه من طاقات فائضة لتوجيه مختلف دوافعه، وبعبارة أخرى الإشباع السليم لاحتياجاته. وينبغي الإقرار بالمراهقة على أنها فترة طبيعية قائمة، وبدلاً من تهوين شأنها، علينا أن ننميها وأن نقر بكيانها كمرحلة ضرورية في التدرج الطبيعي نحو النضج. وعلينا أن نتعاطى معها على أنها فترة تدريب يتمتع الفرد خلالها بما يستحق من امتيازات، وما هو مؤهل له من مسؤوليات، وهذا ينطوي على حقيقة مؤداها أن الفرد المراهق لا يمكن أن يجرد من معنى النضج الحقيقي، إذ هو في دور التأهب لبلوغ مرحلة الرشد». ويكمل الدكتور الألمعي:«إن ما أود التأكيد عليه أن الجانب التوعوي والمعرفي «الوقائي» أو التحصيني يعد من أهم وسائل حماية الأبناء من الانحراف أو التأثر السلبي بأصدقاء السوء، فمعظم الانحرافات بما فيها الإدمان على المخدرات تحدث عن طريق، وبتأثير أصدقاء السوء. ومن الأهمية أن تجتهد الأسرة والمدرسة في توعية الأبناء وتحصينهم بالقيم الإيجابية ضد السلوكيات الضارة أو السلبية، وتوعيتهم بمخاطر التدخين، أو غير ذلك من عادات وسلوكيات ضارة، فالوقاية أجدى نفعاً، وأكثر حماية، قبل تعقد المشكلة». توتر وقلق واستجابة جميع حالات الطلاب المدخنين الذين تمت مقابلتهم، يجمعون ـ ولو بشكل غير مباشرـ على أن شعورهم بالرغبة في التدخين، واستعجال الوقت «المستقطع» قبيل دخول الصف، أو بعد انتهاء الدروس، أو عندما تداهمهم الرغبة في التدخين وهم بالمنزل، يجعلهم أكثر توتراً وأقل صبراً، وأقل استجابة للانضباط، وذلك تحت تأثير الحاجة الملحة للتدخين، وأنهم يضطرون للتحايل والكذب والتبرير في أحيان كثيرة للخروج من المنزل والذهاب إلى الأسواق والمقاهي ليس لسبب سوى الحصول على فرصة مناسبة للتدخين. وتؤكد كثير من الدراسات السلوكية أن عدم استجابة الشخص بالقيام بالسلوكيات التي دأب أن يفعلها بمشاركة الأصدقاء، واعتادها لفترة ما، يصعب أن يتخلى عنها بسهولة من تلقاء نفسه لأنه يصبح أسيراً لضغوط الجماعة «المرجعية» له، وللحاجة الملحة لتكرار هذه السلوكيات.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©