الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

اعتصام المعارضة وسط بيروت·· كارثة اقتصادية وتصفية حسابات سياسية

اعتصام المعارضة وسط بيروت·· كارثة اقتصادية وتصفية حسابات سياسية
2 فبراير 2008 00:36
ما بين تمثال ضخم لرئيس حكومة الاستقلال الاولى في لبنان رياض الصلح وصورة عملاقة لرئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري وبينهما صور متناثرة لقادة المعارضة و''الأكثرية'' مثبتة على جدران الابنية في وسط بيروت، تنتصب خيم الاعتصام الذي تنفذه المعارضة اللبنانية منذ اكثر من سنة وشهرين، بهدف الضغط على حكومة فؤاد السنيورة لتعديل سياستها وللمطالبة بمشاركة حقيقية للمعارضة في القرار السياسي من خلال اعطائها الثلث زائد واحد من اعضاء الحكومة· قيل الكثير من الكلام حول هذا الاعتصام وأهدافه ونتائجه وانعكاساته السلبية على الوضع الاقتصادي في لبنان· ''الاتحاد'' التقت العديد من أصحاب المحال التجارية في الوسط التجاري وبعض الرواد الذين يرتاحون الى تناول فنجان من القهوة في المقاهي المنتشرة فيه او التسكع ومشاهدة اخر صيحات الموضة المعروضة في الواجهات او تمضية بعض الوقت في حديقة بالقرب من نافورة ماء· يقول محمد عيتاني (35 سنة) صاحب محل للعطورات : الوضع في الوسط التجاري سيئ للغاية، الاعتصام الذي تنفذه المعارضة تأثيره كبير للغاية وحركة المبيعات تراجعت منذ نصبت تلك الخيام وما رافقه واعقبه من تحركات شعبية وتفجيرات أمنية بنسبة 80 في المئة· والسبب المباشر لهذا التأثير، كما يقول عيتاني هو تحاشي المواطنين وخصوصاً السائحين المجيء الى هذه المنطقة، حيث نرى السواح العرب يتسوقون من مناطق جونية والحمراء وغيرها، هؤلاء يأتون الى لبنان ليرتاحوا، وليس للاصطدام بالحواجز الحزبية، هذا يسألهم ماذا تفعلون هنا، وآخر يفتش فيما يحملون من مشتريات· ومع ذلك ما زلنا مصرين على البقاء وعدم اقفال محلاتنا، نحن لدينا فرعان آخران، ولذلك نعوّض خسارة هذا المحل منهما· ولابد من القول إن الحركة تحسنت بعض الشيء في العيد ولكن دون المستوى المطلوب، مع العلم، اننا نحاول تشجيع الزبائن من خلال العروضات والتخفيضات المستمرة على الأسعار· من جهتها اعتبرت صفاء شاكر صاحبة محل أن الوضع في الوسط التجاري صعب للغاية منذ اغتيال الحريري، حيث عمدت وقتها قوى ''14 مارس'' الى تنظيم اعتصامات استمرت أشهر عدة بالقرب من الضريح، ثم جاءت قوى ''8 مارس'' وأقامت هذا الاعتصام المستمر منذ سنة ونصف· إضافة الى هذين الاعتصامين لابد من التذكير الى أن مجلس الوزراء، كان يعقد اجتماعه ولمدة تجاوزت السنة، في مقر المجلس الاقتصادي - الاجتماعي والذي يقع بالقرب منا، وهذا يعني إقفال المنطقة لساعات عدة في وقت الذروة، اي منذ الخامسة عصراً وحتى العاشرة ليلاً، وهذه الفترة نموذجية للتسوق· وأضافت: كما ترى نحن نبيع ''الارتيزانا'' وبالتالي فإن زبائن المحل عموماً، من السائحين وخصوصاً الخليجيين، ونظراً للاعتصام وللأوضاع الأمنية في البلاد، فإن هؤلاء لا يأتون الى هذه المنطقة الا نادراً· ما زلنا نأمل في أن تتحسن الاوضاع الامنية والسياسية في البلاد ويتوقف هذا الاعتصام، ولكن على ما يبدو لن نستطيع الصمود كثيراً، نتمنى ان تنتهي هذه الحالة ويتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية وان تستقر الأوضاع الأمنية وتعود السياحة، وانا احمّل كل القيادات والزعماء السياسيين المسؤولية، وبالنسبة لي أحمل فؤاد السنيورة المسؤولية الأكبر، لأن هناك مساعدات كثيرة وصلت الى المتضررين في وسط العاصمة ولم نر منها شيئاً، وهناك ايضاً الغلاء وازدياد الضرائب· وقالت تغريد خريس (30 سنة) بائعة في محل للنظارات الطبية: الوضع سيئ للغاية والاعتصام له تأثير سلبي جداً على حركة البيع، الناس توقفت عن المجيء الى هذه المنطقة التي كانت قبل اغتيال الحريري تنبض بالحياة والحركة، البيع انخفض بنسبة 70 في المئة، ولا أحد من المسؤولين عن هذه الحالة يهتم أو يعوّض· في فترة الأعياد، رأس السنة والأضحى والميلاد حيث جاء بعض السائحين فارتفعت نسبة المبيعات الى حد ما، وتحسنت الحركة بعض الشيء وانتعشت المنطقة ككل· ولكن منذ مطلع العام الجديد عادت الأمور الى ما كانت عليه من شلل· وقال المستشار التربوي جهاد الأطرش (45 عاماً): الحركة في الوسط التجاري ليست جيدة وليست سيئة، وأنا من رواد هذه المنطقة، الاعتصام الذي تنفذه المعارضة يخيف السائحين ولكننا كلبنانيين اعتدنا عليه بعد أكثر من سنة· ولذلك كلما سمحت لي الظروف انتقل الى وسط بيروت وأتجول في أحيائها وأشاهد ما يعرض فيها واتناول فنجاناً من القهوة او كوباً من العصير وأغادر· وتمنى على المسؤولين الإفراج عن لبنان ولاسيما عن المنطقة التجارية في وسط بيروت لتعود الأمور كما كانت بعد عملية الإعمار الكبيرة في العام ،1992 حيث فاق في سنوات عدة عدد السواح الملايين، نطالب هؤلاء السياسيين التخلي عن حساباتهم الشخصية والنظر الى هذا البلد الجميل الذي يعشقه العرب والأجانب على حد سواء· ورأى المهندس في شركة سوليدير ماهر النقيب أن أوضاع المحال التجارية في وسط بيروت محزن، وأن أكثر من نصفها أقفل أبوابه، بسبب الاعتصام والأوضاع السياسية والأمنية في البلاد· وأضاف: نطلب من المسؤولين في الأكثرية والمعارضة أن يضعوا عقلهم في رأسهم ويريحوا الناس والبلد، لان لا شيء يحسن الظروف والحركتين التجارية والاقتصادية في وسط بيروت وغيرها سوى الاتفاق السياسي، مطلوب من السياسيين تنازلات متبادلة· وقال: لا شك انه منذ اغتيال الحريري تأثرت الحركة في سوليدير، ولكن بعد سنة عادت الأمور الى طبيعتها نوعاً ما، وسرعان ما ساءت الأمور مجدداً، بعد الاعتصام الذي تقيمه المعارضة وعدم انتخاب رئيس جديد وأؤكد أن الحركة تدنت الى نسبة 5 في المئة، في الأعياد جاء بعض السائحين الخليجيين، ولكن هذا لا يشكل شيئاً لما كنا نتوقعه من ازدهار وتطور واستثمار في هذه المنطقة· ولكي تكتمل الصورة حاولت ''الاتحاد'' الدخول الى مخيم المعارضة والاستفسار من ''رواده'' عن الأسباب التي تدفعهم الى العيش في الخيم وتحمل البرد القارس والأهداف التي يسعون الى تحقيقها، وما إذا كانوا يقبلون بان يحتل الآخرون ممتلكاتهم الخاصة، ولكن القيادة السياسية للمعارضة أخذت قراراً بمنع المعتصمين من الإدلاء بأي تصريح والمصورين من التقاط الصور للمخيم من الداخل· لذلك لجأنا الى القيادي في التيار الوطني الحر جورج حداد وسألناه عن هذا الاعتصام والأهداف التي حققها بعد سنة وشهرين فقال الاعتصام احتجاج ديمقراطي من قبل المعارضة اللبنانية على الأوضاع السياسية القائمة في البلاد، وهذا الأمر يكلفه الدستور وهو لن يرفع قبل أن تتحقق المطالب، ولكن مع الأسف تعاطت حكومة السنيورة مع هذه المطالب بالتجاهل وصم الاذان· نحن لسنا طلاب انقلاب على السلطة، كل مطالبنا كانت تصحيح الخلل والمشاركة في الحكم، ولكن يبدو أن لدى فريق السلطة مشروعاً كبيراً لا يمكن تحقيقه بوجود المعارضة، ولعل أبرز البنود التي بدأت تتوضح من هذا المشروع، هو التوطين· المشكلة الان أصبحت أصعب، لأن الاعتصام الان بات مرتبطاً بانتخابات رئاسة الجمهورية والمبادرة العربية وكل الأزمة السياسية القائمة في البلاد· ولماذا تحمل المعارضة مسؤولية الخسائر الناجمة عن هذا الاعتصام ؟ في أي بلد ديمقراطي في العالم ينزل مليون ونصف المليون مواطن الى الشارع للاحتجاج على سياسة الحكومة، فان هذه الحكومة أما تستقيل وأما تغير سياستها وتستجيب للمطالب، ولكن حكومة السنيورة تستقوي بالخارج على الداخل، وتحولت المشكلة الآن الى حرب دارت بين الأكثرية والمعارضة·
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©