الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أبوظبي عاصمة الهوية الإماراتية وملتقى ثقافات العالم

أبوظبي عاصمة الهوية الإماراتية وملتقى ثقافات العالم
15 يناير 2011 19:50
التخطيط العمراني لا يقتصر فقط على هندسة توزيع المساكن والمرافق العامة والخاصة والطرق، إنما له علاقة وثيقة بالحياة الاجتماعية للناس، كيف يوفق مجلس التخطيط العمراني بين رؤية 2030 لإمارة أبوظبي عاصمة عالمية تنبض بالحداثة وبين النسيج الاجتماعي الإماراتي والعالمي في الوقت نفسه، وما يرافق ذلك من تسهيلات تعتبر بحكم الحداثة من الضروريات في كل ركن من المدن في العالم؟ أسئلة كثيرة تطرح لرسم هندسة الشكل متوافقة مع الروح، متطورة وعالمية من دون التخلّي عن البيئة المحيطة، أبوظبي المستلقية على صحراء الرمال الذهبية والمحاطة بالبحر في كل اتجاهاتها تواكب النهضة العمرانية والثقافية، وفي العمران ثقافة ورؤية سألنا حولها خبيرين من مجلس أبوظبي للتخطيط العمراني عامر الحمادي مدير التخطيط الإقليمي في المجلس ومايكل وايت مدير تخطيط أول في المجلس. التخطيط العمراني يتحدث عامر الحمادي عن مخططات مجلس أبوظبي للتخطيط العمراني موضحاً الهدف الرئيسي الذي تسير فيه المدينة وإمارة تحاكي عواصم العالم في التطور والتقدم وملتقى لثقافات عالمية من جهة، ولإمارة تبوح بهوية الإمارات العربية المتحدة وتحافظ على هويتها وعلى طبيعة مجتمعها في الوقت نفسه، ويقول «من المسلّم به أن التخطيط بشكل عام موجّه في المقام الأول للسكان والمقيمين في الإمارة وبالتالي فنحن عندنا رؤية واضحة هي رؤية إمارة أبوظبي 2030، وفيها طبعاً العديد من الرؤى من مخطط أبوظبي العمراني الأساسي في الخطة هم السكان وبالتالي نبحث عن احتياجاتهم ونمو السكان والمناطق التي يتكثف فيها النمو، وبالتالي المقام الأول يتركّز على السكان وتجمّعاتهم ونموّهم واحتياجاتهم والفئآت العمرية لديهم ونبني عليها مخططاتنا، ما نقوم به كمجلس للتخطيط العمراني يرتكز على أرض واقع البشر المقيمين، راعينا طبعاً في كل مخططاتنا الاحتياجات ومنها المرافق الاجتماعية والتجارية والخدمات المختلفة والطرق والخدمات الصحية والتعليمية في إطار منظومة متكاملة». حسابات دقيقة ويضيف الحمادي «نحن نخطط لمنطقة تتوافر لها كل الخدمات لأن لذلك انعكاسات على المدى القريب والبعيد. لذا نأخذ في عين الاعتبار بناء مجتمع متكامل يوفّر للناس أموراً كثيرة، في منطقة حيّة لجهة توافر كل الخدمات على أنواعها، بالإضافة إلى خلق نوع من الحياة التي يسهم في تشكيلها عامل التخطيط، على سبيل المثال قرب المرافق العامة من المناطق السكنية سيشجّع الناس على المشي وتقليل المناطق غير المستخدمة قدر المستطاع لإضفاء الحيوية على المكان». وبالنسبة للمرافق العامة يشرح عامر الحمادي: ذلك أمر أساسي في كلّ المخططات التي ننفذها، سواء ما نقوم به أو ما نتعاون فيه مع جهات رسمية أخرى، وسنعلن قريباً عن دليل نتبعه في علاقة المجلس مع الجهات الحكومية المعنية، ويعنى هذا الدليل أساساً بنسبة المرافق العامة والمساحات الخضراء والمفتوحة وعدد من الاحتياجات، والدليل يقوم على أحدث الممارسات العالمية في هذا المجال. وسأعلن عن ناحية واحدة كمثال لما نقوم به، وهو توفر نسبة من المساحات الخضراء والمفتوحة بنسبة 13 متراً مربعاً لكل شخص». ويوضح «حسابياً، إن كل مقيم في الإمارة سيملك حق استخدام 13 متراً مربعاً من المرافق العامة». ويتابع الحمادي «»نعتمد في المجلس الممارسات الأفضل في هذا المجال حول العالم، ولكن هذا لا يعني أن هذا ما هو موجود حالياً إنما هذا هو هدفنا الذي نعمل له في مخطط مدروس يمتدّ إلى العشرين سنة المقبلة، حيث سنحقق مستوى عال في أسلوب العيش في المدينة بما يتلاءم مع كينونة العاصمة والمدينة، وقد نظرنا في السنوات الماضية إلى تجارب أخرى حول العالم واعتمدنا أفضلها ولكننا لم نصبّها قالباً جاهزاً معلّباً بقدر ما درسناها وفق هوية أبوظبي وروحها من جهة وحاجات الناس المقيمين فيها من جهة أخرى، وكل ذلك سيأتي متلازماً مع رؤية 2030 لأبوظبي». بحث واستطلاع حول نفس الموضوع يتحدث مايكل وايت مدير تخطيط أول في المجلس: «لنقل أننا نظرنا إلى أفضل الممارسات للحدائق العامة في المدينة على سبيل المثال، وذهبنا بها إلى النهايات بحيث أننا نظمنا ورش عمل مع الناس كما أن استطلاعنا الذي قمنا به طال 11 ألف عائلة من المواطنين والمقيمين في مختلف نواحي الإمارة، واعتبرناهم عيّنة من المجتمع بالإمكان الإرتكاز عليها. إننا ننجز مخططنا آخذين بعين الاعتبار حاجات الناس، والمخطط والناس متلازمين لأن الناس بوسعهم رسم الأولويات فيما يخص احتياجاتهم، ومن خلال الاستطلاع درسنا حاجاتهم لمتنزهات وحدائق عامة وملاعب ومدارس ومراكز تسوق ومراكز للرياضة وللتسلية. إن تأمين كل هذه الاحتياجات يتمّ عبر النظر إلى أفضل التجارب في المدن في العالم، وقد حرصنا على معرفة احتياجات الناس بشكل صحيح إذ أن الاستطلاع تم عبر الدقّ على الأبواب ولم نكتف فيه بعيّنة ضئيلة وربما تكون العيّنة التي اخترناها هي الأكبر في الاستطلاعات المماثلة، وعلى هذا الأساس مضينا في التخطيط العمراني للمدينة وللإمارة ككلّ». مجتمع أبوظبي يحاول عامر الحمادي مدير التخطيط الإقليمي في مجلس أبوظبي للتخطيط العمراني تفنيد الرؤية بشكل أدق، فيقول: «التكييف مع طبيعة مجتمع أبوظبي من أولوياتنا أيضاً لأنه مع أفضل الممارسات العالمية في التخطيط العمراني في المدن ما لا يمكن تطبيقه أو أنه يحتاج إلى تعديل ليتلاءم مع طبيعة أبوظبي ومع مجتمع أبوظبي لردم الهوة بين ما نريد وبين المجتمع. ومن دون شك، ثمة اختلاف في مجتمع أبوظبي عن المجتمعات أخرى وبالتالي سار التخطيط في مواءمة العالمية من جهة وهذا واقع تعيشه العاصمة والمحلية المتعلّقة بالهوية وبطبيعة المجتمع الإماراتي من جهة ثانية». ويرى الحمادي أن المجتمع المدني لإمارة أبوظبي له ايجابياته وتحدياته، فجزيرة أبوظبي تضم مجتمعاً مدنياً له الكثير من الايجابيات التي يعيشها المقيمون حالياً حيث النظام يطال التطور التكنولوجي والمواصلات وعالم الأعمال وما إلى هنالك، وفي الوقت نفسه يبرز التحدي في القيمة الإجتماعية والمحافظة عليها، ومن أهدافنا الرئيسية المحافظة على طابع أبوظبي الاجتماعي، ولا تأتي مخططاتنا بغربة عن هذا الجانب لأنها أخذت بعين الاعتبار هذه الناحية من التخطيط العمراني حيث الشكل يعبّر عن الروح». الحرص على الهوية ويتحدث مايكل وايت مدير تخطيط أول في المجلس حول هذا المجال «لدى الشروع بوضع مخططات المجلس، ركزّت توجيهات القيادة في دولة الإمارات العربية المتحدة على تحقيق مسألتين متعلّقتين بالهوية، الأولى تتمثّل بالإبقاء على الهوية الإماراتية وينعكس ذلك في تصاميمنا للحارات والبيوت المتجاورة وقد حرصنا فيها على حماية الهوية في طبيعتها، والثانية تتمثّل في الاحتفاء بمدينة أبوظبي مدينة عالمية وعاصمة للدولة، أما كيف نجمع بين الاثنين؟ فهذا ما نقوم به حالياً، فمدينة أبوظبي صمّمت ليس فقط لاستيعاب السفارات الجديدة والوزارات الفدرالية وإنما أيضاً في احتفاليتها بالآثار الإماراتية وبمؤسساتها المتخصصة، ومثالاً جزيرة السعديات التي ستكون مركزاً للمؤسسات الثقافية العالمية، ووجهتها عالمية أكثر منها خصوصية لثقافة معيّنة، وهذا ليس ببعيد عن طبيعة أبوظبي، كيف؟ إن أبوظبي ذاتها ملتقى طرق للعديد من الثقافات وهذا لا بد له من أن تضمّه مخططاتنا، لذا سيرى الناس حين يتم الإعلان عن مخططاتنا حرصنا على هوية الإمارات في النواحي السكنية إن في تصميم المنازل نفسها أو الجيرة بشوارعها ومرافقها في الهيكلة العامة وبشكل يجيب بعناية لمتطلبات الناس وحاجاتهم». الطابع الاماراتي للمدينة وعن الطابع الإماراتي في المدينة، يشرح عامر الحمادي «إن أخذنا بالطابع الإماراتي لم يأت بنسبة معيّنة في المئة، إنما هو مئة في المئة، فكل ما له علاقة بمظهر المدينة الذي يعمل عليه المجلس بالتعاون مع جهات أخرى معنيّة، تمّ تصميمه بناء على الطابع الإماراتي، ونتأمل بالفعل أن التغيير الذي سيحدث في أبوظبي هو تغيير للأفضل إن شاء الله. فقد تم تصميم الأحياء والمناطق السكنية بشكل بما يناسب هوية المجتمع الإماراتي، من حيث التصميم الام والبناء الداخلي حيث ثقافة «الحوش» لها حيّزها ما انعكس عناية بتأمين المساحات الكافية لها فخرجنا من المدينة العاصمة للضواحي، لأنه لم يعد ثمة مساحة لهذا التصميم في مدينة أبوظبي نحو المدن الجديدة صوب الأطراف، وهذا ما دفع بنا للإضطلاع بمسألة المسح العام للإمارة لنرى حاجات الناس وكيفية تأمينها وتنظيم أمورهم بناء عليها ولردم النقص في المدن الحديثة حيثما وجد، ولتعزيز النواحي الإيجابية وتذليل التحديات وتخطيها». ويعطي الحمادي مثالاً النظر في عدد المدارس الحكومية المتوافرة في تلك المناطق والأماكن التي تحتاج إلى بناء هذه المدارس - وقد ضمّ الاستطلاع كل هذه الحاجات. ويتم العمل على المخطط في هذا المجال مثلاً بالتعاون مع مجلس أبوظبي للتعليم، كما أن هناك فريق عمل مشتركاً بين مجلس أبوظبي للتخطيط العمراني والجهات الأخرى المعنية سواء في ميادين مظهر المدينة أو البيئة أو التعليم أو الشرطة أو الثقافة والتراث أو الصحة أو التعليم، ويشير الحمادي إلى أن المشاركة مع هذه الجهات أساسية خصوصاً في المرحلة الأولى للخروج كنتيجة لهذا التعاون بالخطة الرئيسية للتسهيلات المقدّمة لسكان الإمارة. وتناول الحديث العديد من المناطق السكنية التي نشأت على أطراف المدينة وتطورت ولا تزال في إطار التطوّر، ومنها بني ياس التي يتم التعامل معها بخصوصية كونها من الحارات الأقدم في أبوظبي، ويشير الحمادي إلى أن الاستطلاع الذي أجراه المجلس شمل بطبيعة الحال بني ياس وتمت دراسة حاجاتها من مساحات خضراء واستراحات ومدارس خاصة وتطوير في البنية التحتية، وقد بدأ العمل في هذا المجال. التواصل مع الناس ويقول مايكل وايت بالقول «نحاول أن نترجم احتياجات الناس في المخططات التي يضعها المجلس، وثمة ما يحتاج في هذه المخططات لقرارات تتخذها جهات أخرى نعمل معها بشراكة بحثاً ونقاشاً، ونقصد المجموعات المواطنين والمقيمين ونشركهم معنا، وقد لفتنا التواصل الجيّد الذي تمكّنا من إقامته مع الناس، وحين يتم الإعلان عن مخططات المجلس سيرى الناس توزّع المرافق العامة والخاصة وتلك السكنية والمساحات المفتوحة في مدن الإمارة، وقد حرصنا على التكامل في عملنا لتحقيق الاستمرارية والدوام في مخططاتنا». وتحدث الحمادي عن الجانب الأبرز في مخططات مجلس أبوظبي للتخطيط العمراني، وهو ما يعكسه نجاح المخطط العام بالتعاون مع الجهات المعنية من عنصر جذب للقطاع الخاص للتحرك نحو المناطق الحديثة، وفق الاختصاصات والحاجات المطلوبة من دون أي فرض، ويرى الحمادي أن الدورة المتكاملة في المخططات لأبوظبي 2030 كفيلة بتنظيم هذه المسألة في ظل الاقتصاد الحر الذي تنعم به الإمارات، بحيث سيتوجه القطاع الخاص ويتحرك نتيجة التسهيلات المتعددة التي سيؤمنها المخطط العمراني التوسعي للإمارة، ويلفت إلى أن الصحراء والبحر لا يغيبان عن مخططات الإمارة العمرانية حيث إنها تفرض وجودها على الشواطئ وفي الأطراف، وفي بعض الخرائط التي لم يكشف عنها بعد، أخاديد تعانق الصحراء في الأطراف ومدى للبحر المحيط بالجزيرة بتنوّع ما يضمّه من حياة بحرية التصقت بالثقافة الإماراتية بالتساوي مع الصحراء على مدى السنين.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©