الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

موزة وسيف ومحمد يتحدون إعاقتهم بالانخراط في العمل

موزة وسيف ومحمد يتحدون إعاقتهم بالانخراط في العمل
15 يناير 2011 19:54
“بالإرادة والتحدي غيّروا الصورة النمطية السائدة عنهم، وبالعمل الكثير صنعوا مستقبلهم إنهم موزة وسيف ومحمد، نماذج حيّة من فئة الأشخاص الذين لم يستسلموا لإعاقات ألمت بهم فبذلوا جهوداً مكثفة لإثبات وجودهم في الحياة وخدمة المجتمع، رغما عن إعاقتهم ومحدودية حركتها. ينخرط سيف العماري، وموزة المنصوري، ومحمد الكثيري في دوامهم اليومي بمطاري أبوظبي والعين منذ الساعة الثامنة والنصف صباحاً، يأخذ كلّ منهم مكانه ويبدأ في العمل مستمرا حتى الساعة الرابعة والنصف عصرا، ليقدم ما لديه علم وخبرة في مجاله بهدف إنجاز العمل على أكمل وجه. لا مصاعب تحدّ من طموحهم، فقد اعتادوا على مصارعة التحديّات منذ صغرهم، حيث صرعوا إعاقتهم بصبر وعناد، أما في ميدان العمل فهم جنود مجندة لخدمة الإنجاز، حيث أثبتت تقاريرهم الصادرة عن مشرفيهم، بأن إنتاجهم يفوق إنتاج زملائهم الآخرين بأضعاف، ما يؤهلهم للتقدم في أماكن عملهم وترشيحهم لمناصب أعلى في المستقبل. نظرة تعاطف عن تجربته، يقول العماري، الذي يعمل أمين مخازن في مطار العين إنه بدأ مشواره قبل 16 عاماً، مشيراً إلى أنه في ذلك الوقت كانت نظرة الناس والمجتمع يعتريها قصورا كبيرا تجاه المعاقين، فكانت تقتصر على التعاطف وحسب. ويضيف «لكن إرادتي ورغبتي، بأن يكون لي كيان كانت أقوى من الصمت، فتقدمت بطلبات للتوظيف إلى العديد من الجهات الحكومية حملت معها شهاداتي العلمية والتدريبية التي حصلت عليها في التسويق والإدارة والكمبيوتر، لكنها جميعا لم تفلح إذ كان الجميع يتعامل معي من منطلق أنني عاجز ولن أستطيع القيام بالعمل أو بالمهام المطلوبة مني، وعند افتتاح مطار العين ذهبت وتقدمت للوظيفة وكانت المقابلة جيدة جدا، لكن على الصعيد العملي لم يحدث شيء». ويتابع «اضطررت إلى اللجوء لإحدى الشخصيات المهمة في الدولة، والذي قدم لي المساعدة فتم تعييني في إحدى الوظائف الحكومية، لكنهم لم يوكلوا لي المهام الوظيفية التي من المفروض أن أقوم بها ولم يتعاونوا معي في البداية، إلى أن رأيت هذه الشخصية مرة أخرى عن طريق الصدفة، وسألني عن وضعي وأخبرته، فطلب مرة أخرى أن يتم تفعيل تعييني في المكان، وفي اليوم التالي باشرت عملي كأمين للمخزن وهو مكان عملي الحالي لغاية الآن». ويقول العماري «واجهت الكثير من الصعوبات في بداية عملي، خاصة وأن المكان غير مهيأ لعمل ذوي الاحتياجات الخاصة ما يحدّ من حركتي ويؤثر على أدائي للوظيفة بشكل أفضل، لكن الأمور تحسنت فيما بعد وتم إضافة الكثير من التعديلات على مكان العمل لكي يناسب المعاقين، الذين كثر عددهم في المطار، فضلا عن زيادة الاهتمام بفئة المعاقين في الدولة، وتشريع العديد من القوانين التي تعنى بهم وتدمجهم في الحياة العامة». في تلك الأثناء، عمل العماري باتجاهين، فمن جهة كان يحرص على إثبات وجوده في العمل بتكثيف وتحسين أدائه، ومن جهة أخرى فقد زاد من نشاطاته في الحياة العامة، حيث عمل، بمشاركة آخرين، على تأسيس نادي المعاقين في مدينة العين، وهو الآن عضو من أعضائه الفاعلين. إلى ذلك فإنه يقوم بعمل العديد من البحوث وإلقاء المحاضرات التي تعنى بأمور المعاقين، فضلا عن مشاركاته الرياضية فهو لاعب كرة سلة وشارك مؤخرا في بطولة الألعاب الآسيوية في الصين، كما أنه حكم دولي في رفع الأثقال. لغة الإشارات تتحدث موزة المنصوري، وهي موظفة في خدمة العملاء بمطار أبوظبي، عن الصعوبات التي مرّت بها في حياتها حتى وصلت إلى وظيفتها الحالية، مشيرة إلى أنها درست في مركز أبوظبي لذوي الاحتياجات الخاصة حتى أنهت المرحلة الإعدادية، ثم التحقت بالمرحلة الثانوية في مركز التنمية الأسرية، في تلك الأثناء لم تعان موزة من صعوبة في الحركة لأن المكان مهيأ للمعاقين، لكنها عانت من ضعف في اللغة الإنجليزية، ناجم عن ضعف التأسيس، ما أعاق طموحها تجاه موضوع العمل. وتقول المنصوري «التحاقي ببرنامج «طموح» الذي وفرته مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية لخدمة فئة المعاقين، غيّر مسار حياتي، حيث تلقيت من خلاله دورات في اللغة الإنجليزية وإدارة الأعمال والكمبيوتر، ما أهلني للانخراط في العمل في أي مؤسسة بالدولة، وقد لاحظت إحدى المشرفات في المؤسسة، إجادتي للغة الإشارات حيث كنت أترجم للزملاء الصمّ والبكم أثناء غياب المترجم، فاقترحت عليّ العمل في مطار أبوظبي لمساعدة المعاقين من الصم والبكم، وقد كان ذلك في عام 2009». عن الصعوبات التي واجهتها في العمل، تقول المنصوري «واجهتني بعض الصعوبات والعراقيل الصغيرة في العمل فور مباشرتي له، لكني كنت ألجأ فورا إلى رئيس التوظيف الكابتن سالم الخزرجي، والذي كان يقوم بحلّها فورا وتسهيل الأمور على الموظفين من المعاقين جميعاً، واليوم أمارس عملي دون أي صعوبات تذكر، وقد حصلت على تكريم من الشركة بعد اجتيازي دورات في الأرشيف الإلكتروني والبروتوكول ولغة الجسد الخاصة بتأهيل الموظفين وتطوير مهاراتهم». وبالإضافة إلى عملها، فإن للمنصوري مشاركات رياضية ملفتة حيث شاركت في ملتقى العين الدولي لرياضة «الهاند بايك» وهي بطولة الطواف الأوروبي، فكانت أول فتاة إماراتية تلعب بشكل رسمي في البطولة. وهي تعمل حالياً على تطوير مهاراتها في مجال لغة الإشارات، حيث تطمح لتكون مستقبلا مترجمة إشارات للغة الصم والبكم. قارئ الشفاه يعتبر محمد الكثيري، الذي يعمل في قسم تسجيل وتدقيق البيانات، من أشهر موظفي شركة أبوظبي للمطارات «أداك»، حيث يعرفه الجميع، نظرا لنشاطه في العمل، وتعاونه مع الجميع، ورغبته في مساعدة الآخرين، هذا فضلا عن ابتسامته التي تكسو وجهه على الدوام. ورغم عجزه عن السمع أو الكلام، إلا أن إعاقته لم تحل دون تواصله مع الموظفين الآخرين، أو مع الناس في الحياة العامة، حيث يمكنه ذكاؤه وحدسه من قراءة لغة الشفاه، إلى جانب لغة الإشارة، وتخمين ما يقوله الآخرون من حوله. وشارك الكثيري، بحسب قوله، في برامج شركته، الخاصة بتدريب وتطوير مهارات الموظفين، والتي زوّدته بما يحتاجه في العمل، وتساعده على حلّ المشكلات جميعها، ويتحدث الكثيري بلغته، لغة الإشارات، قائلا «أنا سعيد بعملي ولا توجد لديّ مشاكل فيه، الصعوبة الوحيدة التي تواجهني هي التخاطب مع الناس، فهنالك أناس كثر لا يجيدون لغة الإشارات، وأنا لا أطلب منهم تعلّمها، إذ يمكنني التفاهم معهم بطريقة ما، إنني أقرأ شفاههم عندما يتحدثون، كما أحرك شفاهي وأحيانا أكتب لهم ما أريد قوله، وهكذا نتفاهم معا وتنجز الأعمال». ويشير الكثيري إلى أنه مرتاح جدا في عمله، خاصة وأن المهام المطلوبة منه ليست صعبة، فهو يدخل البينات ويرسل الأوراق، وهذا ليس بالأمر الصعب، كما أنه ملتزم بالعمل وبتنفيذ التعليمات التي تطلب منه، وهذه هي الأمور الأساسية في العمل، فضلا عن أن علاقته بزملائه طيبة حيث يحبهم ويحبونه. ويؤكد الكثيري حرصه على قراءة الصحف يوميا، وذلك لمتابعة آخر الأخبار المحلية والعالمية، وكذلك عن طفله عبد الله، الذي بلغ من العمر 4 أشهر حاليا. طموح مستمر شهدت الآونة الأخيرة اهتماماً ملحوظاً من قبل الدولة ومؤسساتها الرسمية بفئة المعاقين، لكن ما تحقق من تقدم سواء على صعيد العمل، أو في الحياة العامة ليس كافيا، كما يؤكد سيف العماري، الذي يوضح أن الخدمات التي تحققت على أرض المطار هي أساسية لذوي الاحتياجات الخاصة. ويقول «نحن نطمح بتقديم المزيد من الخدمات لهذه الفئة، كما أن عملية دمج المعاقين في أداك أثبتت بأن المعاقين قادرون على العمل والعطاء بشكل مضاعف». أما على مستوى الدولة فنطمح حاليا بتوفير الخدمات والتسهيلات لدمج المعاقين في الحياة العامة بشكل فعلي، فعلى سبيل المثال، يقول «نجد أن مواقف سيارات المعاقين متوافرة بشكل كبير، ولكن يتم استغلالها من قبل أصحاء، فضلا عن أن مواصفاتها ومقاييسها ليست مناسبة لذلك نقترح على الجهات التي تعمل على وضع التعديلات والتحسينات الخاصة بالمعاقين أن تضم أحدا من هذه الفئة لأن التفاصيل الصغيرة لا يستطيع أن يلم بها سوى ذوي الاحتياجات الخاصة أنفسهم. من جانبها، تتمنى موزة المنصوري من الناس، مراعاة أكبر لنفسية المعاقين لدى التعامل معهم، واختيار الأسلوب المناسب في التخاطب معهم حتى عند الرغبة في تقديم المساعدة، حتى لا تتسبب في أذيتهم معنويا.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©