الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إلى أبي الحبيب

15 يناير 2011 20:15
نستكمل موضوع الرسائل بين أفراد العائلة لنطرق أبواباً قد تكون موصدة أو مهملة فتحرك مشاعر كامنة نجني منها ما يحقق الأمان والاستقرار الأسري. قد يبحث بعضنا بعيداً عن حدود أفراد العائلة عما يجعل أسرته سعيدة مع أنه إن التفت إليها بعين الانتماء والحب لوجد ما يمكنه من بناء وتكوين الأسرة المثالية. فدعونا نكمل سلسلة الرسائل بهذه الرسالة الموجه من الأبناء للأب. أبي الحبيب يا من نكن له كل الحب والتقدير، يا من تكتمل سعادتنا بوجوده بيننا، يا من نشعر بالأمان ونحن نعيش في ظله كنفه نقول لك: “يا من له في القلب حب صافٍ.... يحنو علنيا برقة وحنانِ ... نلقاه حيناً بالهتاف لعلنا ..... نجني من الأعماق ورد جنانِ”. هكذا نراك ونحبك ونشتاق إليك، فأنت عمود البيت وأساسه. نحن نعلم مدى طموحك ورغبتك القوية في تأمين حياتنا بحيث لا نحتاج مادياً لأحد، ولكن أين الاحتياج المعنوي؟ من يزودنا به؟ من يروي عطشنا؟ هل تعلم أبي الحبيب أنه في بعض الأحيان نفرح عندما تكون مريضاً؛ لأن المرض يجعلنا نراك ونكون بجانبك ونتحدث إليك، وأحياناً نتمنى لأنفسنا المرض لكي تبقى أنت إلى جانبنا ولو لساعات قلائل. أبي الحبيب صحيح أن الحياة فيها مشاكل وعقبات وأن الأب يتحمل ويشعر بمسؤوليات كبيرة تجاه أسرته وعليه أن يعمل ويكافح لتغطية احتياجاتهم ومتطلبات الحياة بشكل عام، ولكن كيف هو حال من يجمع المال وهو نفسه لا يسعد به؟ وكيف هو حال من يبني قصراً ولايجد الوقت ليسكن فيه؟ ومن يتعب من أجل فلذات كبده ولم يستمتع بوجودهم حوله ينسونهم تعب الدنيا وضغوط الحياة وذلك بسبب التواجد المستمر خارج المنزل؟ آآآآه يا أبتي لو تعلم قيمة وجودك بيننا، قيمة بسمتك في وجوهنا، قيمة كلامك وحديثك معنا، بقيمة تناولك للطعام معنا، وقيمة احتضانك وتقبيلك لنا؟ لتركت الدنيا وبقيت معنا إلى الأبد. لا تقل بأن أمنا معنا، أو خالنا أو عمنا أو والديك أو غيرهم، فليس لأولئك الأثر الذي نشعر به ونجده معك أنت. فللأم دور هام في حياتنا يغطي جانباً آخر غير الذي انت تغطيه، فبوجودك إلى وجودها تكتمل عندنا بهجة الحياة. أبي الحبيب ألا تحب أن نكون إلى جوارك عند الكبر وأن نحنوا عليك ونقدم لك ما تحتاج إليه، ونجلس معك نتحدث ونتحاور في مواضيع عدة؟ فكيف تريد منا ذلك وأنت تحرمنا معنى الأبوة بوجودك، ومعنى الحوار، والاعتياد على صوتك ومشاعرك التي تتغذى بها نفوسنا وأجسادنا، فاغدق علينا بها الآن نعطيك ثمارها عند الكبر، واعلم تماماً أنك عندنا أفضل وأغلى من كنوز الدنيا، فإذا كان الغصن يحن للفرع، فما بالك وأنت السبب الرئيسي لوجودنا بعد الله. د. عبداللطيف العزعزي dralazazi@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©