الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

رفائيل ليوجييه: حرب الحضارات لن تقع

رفائيل ليوجييه: حرب الحضارات لن تقع
31 ديسمبر 2016 23:50
ترجمة وإعداد أحمد عثمان بالنسبة إلى السوسيولوجي الفرنسي رافائيل ليوجييه، في كتابه «حرب الحضارات لن تقع: التعايش والعنف في القرن الحادي والعشرين»، الصادر مؤخراً عن مطبوعات: «سي ان ار اس»، لن يكون هناك أي صدام للحضارات لأن الحضارة الكونية واحدة، والمجتمعات أصبحت تتواصل أكثر فأكثر بعضها مع بعض من خلال العولمة في محيط ما يسمى «الحوض الدولي الكبير». ومراحل العنف الذي نحيا صوره حالياً ليست معارضات بين الكتل الأيديولوجية، وإنما صراعات هجينة مختلطة بعوامل قومية وغير قومية ذات مصالح اقتصادية، اجتماعية، «مافيوزية»، وهوياتية أيضاً. كمؤرخ، يذكر المؤلف أن مفهوم «صدام الحضارات» ذكر لأول مرة في عام 1957 ?من ?قبل ?المستشرق ?برنارد ?لويس ?عند ?تحليله ?لأزمة ?السويس ?والعدوان ?الثلاثي ?على ?مصر. ?والنجاح ?الذي ?لاقاه ?المفهوم، ?وبالأخص ?عندما ?تناوله ?صمويل ?هانتنغتون، ?بعد ?تسعة ?وثلاثين ?عاماً، ?يشهد ?على ?ارتباك ?الغربيين ?إزاء ?معطيات ?جيوسياسية ?جديدة ?عملت ?على ?إزاحتهم ?عن ?مركزيتهم ?الرمزية ?المهيمنة. ?وبما ?أن ?لا ?وجود «?لصدام ?الحضارات»?، ?حسب ?وجهة ?نظر ?ليوجييه، ?فبالتالي ?لا ?وجود «?لحرب ?دينية» ?يتقابل ?المسلمون ?والمسيحيون ?فيها ?وجهاً ?لوجه، ?على ?وجه ?الخصوص، ?كما أن ?التوترات ?تتوفر ?بالأحرى ?داخل ?كل ?دين، ?كما ?في ?التوترات ?القائمة ?بين ?السنة ?والشيعة، ?مثالاً ?وليس ?حصراً. بطريقة إيحائية، يصف رافائيل ليوجييه ثلاثة أوضاع مرت بها الأديان: الروحانية، الكاريزمية، والأصولية. وفي هذا الصدد، كسوسيولوجي، يبين أن التيار الأول يلمس المجتمعات أو الأقسام الاجتماعية الثرية التي تمتلك رأس مال اقتصادياً وثقافياً معتبراً. بينما تجذب الكاريزمية، قبل أي شيء، الفقراء. وأخيراً، تقترح الأصولية على كل من يعاني عدم الاعتراف الاجتماعي أو الهوياتي حلم العودة إلى نقاء الأصل التخيلي. تسطر هذه التيارات نطاق الجغرافيا السوسيو- دينية الجديدة التي تهتم كثيراً بطموحاتها الرئيسة أكثر من اهتمامها بالأديان نفسها. وهكذا، من الممكن أن يمتلك أصولي مسلم وأصولي مسيحي نفس المواقف المؤيدة للقيم التقليدية أو معارضة انحرافات مجتمع الاستهلاك، وكذلك من الممكن أن يمارس أي منهما أشكال عنف معينة أو أخرى شرعية حسبما الأحداث التي يعيشها. وبالنسبة إلى العنف الجهادي الحالي، يشير المؤلف إلى التغيرات العميقة الجارية في «الحوض الدولي الكبير». ففي الوقت الذي تعتبر «القاعدة» حركة أيديولوجية قوية، يتبدى أن داعش تعمل- على الأقل في أوروبا- كمؤسسة تسويق تعرض بضاعتها: إرهابيون، من دون أي تربية دينية خاصة، ينضمون إلى داعش، من خلال البروباغندا التي يحققها جانب الشبكات الاجتماعية. في هذه الدراسة السوسيولوجية القيمة، هناك عنصران لا يتجنبان دوماً الأسلوب اللاذع ولا سهولة اللغة. أولاً، الغوص الممتع دوماً إلى أعماق ما أسماه رافائيل ليوجييه «النظام الديني العالمي» حيث نرى على سبيل المثال أن الروحانية القروسطية لمست الجانب الغربي للولايات المتحدة كما لمست النخبة الاقتصادية المغربية، وهذا ما يشهد عليه نجاح مجلات مثل «نساء المغرب» التي تطرح موضوعات روحانية عن اليوغا والعلاج الروحاني. ثانياً، النتائج السياسية والممارسات المتعلقة، في أوروبا، بالصراع ضد الإرهاب، الذي لا يراه ليوجييه متعلقاً «بحرب الحضارات» بأي صورة من الصور. قبل أي شيء، يتعلق الأمر بالصراع ضد الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تشجع العنف الجهادي وازدياد وتيرته على «الأرض الأوروبية». وأيضاً بالصراع ضد النزعة الأيديولوجية الرجعية التي ترى في الآخر- المهاجر، المسلم، الغريب...- عنصراً غير مقبول وبالتالي شخصاً خطيراً من الضروري ترحيله إلى خارج البلاد أو توقيفه، بيد أن هذه النزعة تعرض أصول الديمقراطيات الغربية للخطر. «حرب الحضارات لن تقع»، دراسة بليغة تناضل ضد الأحكام المسبقة وتسعى إلى فهم أفضل لكل ما يحيط بنا. .............................................. (*) Raphaël Liogier، La guerre des civilisations n’aura pas lieu: Coexistence et violence au XXIe siècle، Paris، CNRS Editions، 2016
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©