الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«بريكست» ناعم.. «بريكست» خشن!

14 يوليو 2018 21:29
لنترك الرئيس الأميركي جانباً. فالرجل يتصدر قائمة أوضح المسؤولين الأميركيين قاطبة في التاريخ الحديث، بصرف النظر عن التوافق أو التخاصم معه. هو الذي أعلن، أنه ينتظر بفارغ الصبر انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، ومضى أبعد من ذلك، بتأكيد أنه سيوقع مع المملكة المتحدة أفضل شراكة تجارية على الإطلاق، فور الانفصال. بريطانيا الآن مهزوزة سياسياً، من فرط سيطرة مسألة الانفصال «بريكست» على كل شيء فيها. وتمر، بمرحلة من الفوضى السياسية لم تشهدها منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، لو استثنينا العدوان الثلاثي على مصر الذي شاركت فيه، في خمسينيات القرن الماضي، وكذلك الأمر فيما يخص الحرب على العراق. الوزراء المحوريون يستقيلون من حكومة لا تتحمل فعلاً استقالة مسؤول من الدرجة الثانية، ناهيك عن الآثار المفجعة لهذه الاستقالات على حزب المحافظين الحاكم المهلهل. الانفصاليون لا يريدون «بريكست» ناعم، أي خروج متفق عليه مع الاتحاد الأوروبي يتضمن علاقات قوية بصورة مختلفة. الرافضون للانفصال، لا يرون بلادهم خارج النطاق الأوروبي، صحيح أنهم يحترمون رأي الشعب بالانفصال، لكن الصحيح أيضاً لن يدعموا «بريكست» نارياً، أي خروج بلا اتفاقات مستقبلية مع الكتلة الأوروبية. المصيبة، أن خطة رئيسة الوزراء تيريزا ماي للانفصال التي هدفت منها توحيد صفوف حكومتها وحزبها، انقلبت عليها في الوقت الذي لا تملك فيه أي نفوذ ضامن لتمرير خطتها. إنها الفوضى، لكنها ليست الخلاقة، لماذا؟ لأنها أظهرت بريطانيا أمام شركائها الأوروبيين على الأقل، كدولة بلا قيادة، وبلد بلا استراتيجية منطقية، وقوة بلا أظافر. أوروبا لم تعد تنتظر مفاوضات الخروج مع لندن، بقدر ما تنتظر المحتوى الذي سيكون حوله التفاوض. المدة الزمنية الحتمية لبدء الخروج لا تتجاوز الأشهر الثمانية، وعلينا أن نتخيل القضايا التي يجب أن تحسم قبل هذا الموعد المرعب للجميع. إنها كبيرة، متشعبة، عميقة، متشابكة، ولهذا السبب وغيره يسعى البعض إلى مد ما أمكن من زمن الفترة الانتقالية. لكن حتى هذه النقطة ليست مضمونة، إذا ما تحققت أحلام الانفصاليين بخروج قاس، بدلاً من آخر ناعم. «بريكست» قاس.. ناري.. حديد، لنسمه ما شئنا، هو يعني الخروج بلا اتفاق. ومراهنة من لا يحبون الاتحاد الأوروبي، على اتفاقات تجارية منفصلة مع بلدان العالم الأخرى، فيها كثير من الرعونة، لأن بلداناً كبرى (باستثناء الولايات المتحدة)، لم تبدِ حماساً لمثل هذه الاتفاقات، خصوصاً إذا ما تعارضت مع اتفاقاتها هي نفسها مع الاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 بلداً. ربما تسقط حكومة ماي في غضون الأشهر المتبقية من العام الجاري، وإذا ما أحكم الانفصاليون قبضتهم على السلطة بصورة أو بأخرى، فإن الـ «بريكست» الناعم، سيبقى حلماً بلا أجنحة. فإما أن تلتزم رئيسة الوزراء بالخطوط الحمراء التي رسمها دعاة «بريكست»، أو أن تترك ساحة تعج بالفوضى سيندم عليها الجميع، بمن فيهم الانفصاليون أنفسهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©