الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التمني والإرادة

15 يناير 2011 20:22
من دقائق اللغة العربية أن كل لفظة لها معناها الخاص، بالإضافة إلى معان أخرى، مع وجود فروق دقيقة، فالفرق بَيْـن التَّمنِّي والإرادة: أن التمني معنى في النفس يقع عند فوت فعل كان للمتمني في وقوعه نفع، أو في زواله ضرر، مستقبلاً كان ذلك الفعل أو ماضياً، والإرادة لا تتعلق إلا بالمستقبل، ويجوز أن يتعلق التمني بما لا يصح تعلق الإرادة به أصلاً، وهو أن يتمنى الإنسان أن الله لم يخلقه، وأنه لم يفعل ما فعل أمس، ولا يصح أن يريد ذلك، وقيل: التمني هو قول القائل: ليت الأمر كذا، فجعله قولاً. وقيل: التمني هو هذا القول وإضمار معناه في القلب، والتمني أيضاً التلاوة، قال الله تعالى (... إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ...) - «الحج: الآية - 52». وقيل التمني التقدير، ومنه قوله تعالى: (مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى) «النجم: الآية - 46»، وتمنى: كذب. ورُوي أن بعضهم قال للشعبيِّ: «أهذا مِمّا رويته أو مما تمنيته؟ أي كذب في روايته، وأما التمني في قوله تعالى (... فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) «البقرة: الآية - 94»، فلا يكون إلا قولاً، وهو أن يقول أحدهم: ليته مات، ومتى قال الإنسان ليت الآن كذا، فهو عند أهل اللسان متمنٍّ غير اعتبارهم لضميره ويستحيل أن يتحداهم بأن يتمنوا ذلك بقلوبهم مع علم الجميع بأن التحدي بالضمير لا يعجز أحداً. ومثله قول كثير: أُريدُ لأنســــى ذِكرَهـــا، فكأنمـــا تَمثَّـــلُ لي لَيْلــى بكلِّ ســــــــبيلِ أي أريد أن أنسى. وقوله عز وجل: (... فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ...) «الكهف: الآية - 77» أَي أَقامه الخَضِرُ. وقال: يريد والإِرادة إِنما تكون من الحيوان، والجدارُ لا يريد إِرادَة حقيقية لأَنَّ تَهَيُّؤه للسقوط قد ظهر كما تظهر أفعال المريدين، فوصف الجدار بالإِرادة إِذ كانت الصورتان واحدة؛ ومثل هذا كثير في اللغة والشعر؛ قال الراعي: في مَهْمَـةٍ قَلِقَـتْ بـــه هاماتُهــــا قَلَــقَ الفُــؤُوسِ إِذا أَردنَ نُضـــولا وقال آخر: يُريدُ الرمـــحُ صـــدرَ أَبـــي بَــــراء ويَعــدِلُ عـــن دمــاءِ بَني عَقيـــل وأرَدْتُه بكلِ ريدَة أَي بكل نوع من أنواع الإرادة. ابن الفارض: ولي نفسُ حرٍّ لو بذلــتِ لها علــى تَسَلّيكِ، ما فــوْقَ المُنى ما تسلّتِ ولو أُبْعِدَتْ بالصّدّ والهجْـرِ والقِلى وقَطْعِ الرّجا، عن خُــلّتي، ما تَخَلّتِ وعن مذهَبي،في الحُبّ،ماليَ مذهَبٌ وإنْ مِلْتُ يومـاً عنـــهُ فارَقـتُ ملّتي ولوْ خطرتْ لي في ســــــواكِ إرادةٌ على خاطري سهواً قضــيتُ بردَّتي لكِ الحكمُ في أمري فما شئتِ فاصنعي فلمْ تــــكُ إلاّ فـــيكِ لا عنـكِ رغبتــي ومَطْلِعِ أنـــــــوارٍ بطلعتـــِكِ، التّي لبهجتها كلُّ البـــــدورِ استســرَّتِ وسِرِّ جَمــــــالٍ، عنــكِ كُلّ مَلاحَةٍ بهِ ظهــــرتْ في العالميـــنَ وتمَّتِ وحُسْنٍ بهِ تُسـبى النُّهَى دَلّني على هوىً حســنتْ فيهِ لعــزِّك ذلَّتــي لأنتِ مُنى قلبي، وغايَــة ُ بُغْيَتـــي وأقصى مُرادي، واختياري، وخِيرَتي وأهليَ في دينِ الهوى أهلــهُ وقــــدْ رضُوا ليَ عاري، واستطابوا فضيحتي فمن شاء فليغضب سواك ولا أذىً إذا رضيــــتْ عنَّي كـــرامُ عشـــيرتي إسماعيل ديب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©