سوالفنا حلوة ·· سمك لبن تمر هندي!

هل تتذكرون نشيد ''وطني حبيبي الوطن الأكبر''؟ ربما لا يتذكر هذا الجيل كلماته حيث كان يتغنى بأمجاد عالمنا العربي التي كانت أحلاماً خضراء في مطلع الستينيات، وشارك في هذا النشيد مطربون ومطربات من أغلب البلدان العربية، من مصر: ''عبد الوهاب'' و ''عبد الحليم''· ومن الجزائر ''وردة''، ومن لبنان ''صباح'' وهكذا··· إذا كنتم لا تتذكرون ''الوطن الأكبر'' فالمؤكد أن نشيد ''الحلم العربي'' الذي قدم قبل أقل من 10 سنوات لا يزال له وقع جميل في آذانكم ومشاعركم· شارك أيضاً في هذا النشيد مطربون من مختلف الدول العربية الذي يبدأ مطلعه الغنائي ''جايز ظلام الليل يبعدنا يوم إنما يطلع شعاع النور يوصل لأبعد سما''· أروع ما في هذين النشيدين هو أنك كنت تشعر بالفعل بالوحدة بين كل الجنسيات لا تناحر ولا - شوفينية - الكل يسعى لكي ينقل أحاسيسه للجمهور، ولا فرق بين مصري وسوري ولبناني وإماراتي وسوداني ومغربي وكويتي وتونسي· أتصور أن شيئاً من هذا التفكير أو تستطيع أن تقول تنويعة - برامجية - على نفس التيمة جاءت في برنامج ''سوالفنا حلوة'' الذي تقدمه قناة دبي، ويشارك فيه 7 مذيعين يمثلون عالمنا العربي أو المقصود أنهم يعبرون عن عدد لا بأس به من العالم العربي· أذكر منهم ''نوليا'' من مصر ''إبراهيم البادي'' السعودية ''فاطمة الصباح'' الكويت ''فرح بن رجب'' تونس ''بشار الغزاوي'' الأردن، ويقود هذا الفريق المذيعة المصرية ''مريم أمين''· الأمر على هذا النحو يعني أننا بصدد برنامج تمتد فعالياته من المحيط الأطلسي غرباً إلى الخليج العربي شرقاً· الفكرة جيدة حيث ان كل مذيع أو مذيعة يقدم بعض ملامح من بلده؛ أخبار وعادات وتقاليد وأمثال لنرى ما هو المشترك بينها وإلى أي مدى تحمل قدراً من الطرافة، ولكن الذي حدث على أرض الواقع كان مخيباً لكل التوقعات حيث تستطيع أن تلمح أن هناك صراعا داخليا بين ''مريم أمين'' والمفروض أنها المذيعة الرئيسية و ''فرح بن رجب'' التي تمثل الجانب التونسي·· مثلاً تتوجه ''مريم'' بسؤالها إلى ''فرح'' تجيب ''فرح'' وهي تنظر بعيداً عنها·· تحاول ''مريم'' أن تنتقل لفقرة أخرى تتدخل ''فرح'' لكي تعيد نفس الفقرة القديمة· المركب التي يقودها رئيسان تغرق فما بالكم بالبرنامج الذي تقوده مذيعتان؟!· كاميرا المخرج انحازت أكثر إلى ''فرح'' وتركت المذيعة الرئيسية تبدو أمام المشاهدين وكأنها ضيفة غير مرغوب فيها·· يقولون - والعهدة على الراوي - أن هذا يأتي نتيجة صراع داخلي حيث أن تليفزيون ''دبي'' يريد ''مريم'' مذيعة رئيسية بينما جهة الإنتاج التنفيذي تريد ''فرح'' ولأن سطوة تليفزيون ''دبي'' أكبر فإن الإنتاج خضع للتليفزيون لكن ظل يراودهم الأمل في فرض مذيعتهم بأسلوب غير مباشر وذلك عن طريق المونتاج حيث ترى دائماً لقطات متتابعة لفرح سواء وجه لها السؤال أو وجهت هي السؤال أو ظلت في لحظة صمت·· والأمر لم يتوقف عند ذلك الحد بل البرنامج كان يبدو أمامي على مدى ساعتين وكأنه ''سمك لبن تمر هندي'' وهو مثل مصري شهير يعني أنك تضع أشياء لا علاقة لها ببعضها البعض فما هي علاقة السمك باللبن بالتمر هندي؟ لم أذق بالطبع هذا المشروب ولكني شاهدته أمامي في ''سوالفنا حلوة''·· عدد المذيعين الضخم يبدو أنه لم يرض طموح القائمين على البرنامج فأضافوا جمهورا في الصالة، وكأننا بصدد ''توك شو'' لكن الجمهور لا يشارك بأي شيء سوى في التصفيق أو الضحك على أشياء لا تستحق لا التصفيق ولا الضحك ربما البكاء هو الأليق بها· أيضاً أضافوا مطربة أو مطرباً في بداية الحلقات مثلما حدث مع المطربة ''زيزي'' ثم ''رويدا المحروقي'' تغني في بداية الحلقة ثم في المنتصف وأخيراً في النهاية مع مشاركة كل مذيعي ومذيعات البرنامج بالرقص والغناء ولكن ما في القلب في القلب لأن العيون تنطق بالغضب الكامن!! هذا العدد الضخم من المذيعين والمذيعات يذكرني بمأزق اقتصادي شهير تعاني منه العديد من دول العالم الثالث ''غزارة في الإنتاج وسوء في التوزيع'' مثلما كان يصف ''برنارد شو'' صلعته وذقنه، المفروض أن الشعر على الرأس بينما الذقن حليق ولكن العكس كان هو الصحيح مع الأسف·· وكذلك البرنامج غزارة في المذيعين والمذيعات وصلع في النتائج النهائية فهي غزارة في الاتجاه الخاطئ· يقول المثل البريطاني '' أسمع جعجعة ولا أرى طحناً'' فأنا أرى أمامي ثمانية مذيعين ومذيعات ولا أرى إلا سمك لبن تمر هندي !! طارق الشناوي tarekelshinnawi@yahoo.com