السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

النهائي المثالي

14 يوليو 2018 23:08
من أصل ستة منتخبات دخلت كأس العالم بروسيا، في جلباب المرشح للفوز باللقب، وحده المنتخب الفرنسي عبر حقول الألغام، وتجنب بشكل مثير للدهشة الكمائن والمصائد التي تنصب في العادة لتصطاد الحيتان الكبيرة، ومن أصل البقية الباقية من المنتخبات التي صنفت بمنطق الأرقام والأرصدة المودعة في بنك المعطيات، على أنها أحصنة لا يمكن المراهنة عليها، نجح المنتخب الكرواتي، عبر مشاهد مثيرة للذهول والإعجاب من معاكسة كل التوقعات وقلب كل الفناجين ليصل بعلامة الامتياز الكاملة للنهائي الحلم. ومع ما أصابنا من شدوه وانبهار بالمستويات الخرافية التي جرى بها تصميم واحد من أفضل نسخ المونديال على الإطلاق بروسيا، في زمن موسوم بأحدث الصرعات التكنولوجية في مجالات التواصل، فإننا لم نتفاجأ إطلاقاً بأن يكون المنتخبان الفرنسي والكرواتي هما طرفا نهائي الأحلام، فما جسداه على مسرح المونديال من أول مباراة في الدور الأول إلى غاية سادس مباراة كانت هي الدور قبل النهائي، أعطاهما الحق في أن يكونا الحلقة الختامية لمسلسل مثير وجذاب. دخل منتخب فرنسا بثوب المرشح للفوز باللقب، وكان ذكياً في رسم الخط التصاعدي الذي يسلكه في العادة الأبطال ليصلوا لقمة الهرم، لأعلى منصات التتويج، قد لا يكون راق للكثيرين ما يشوب منظومة لعبه من ميل للمحافظة والاحتراز والتقيد الصارم بالضوابط الدفاعية، إلا أن الديكة كانوا بفكر مدربهم القيادي ديشامب، بمنتهى المهارة وحتى العبقرية في تصفية المنتخبات القوية التي رماها المونديال في طريقهم، بل إنهم كانوا أكثر المنتخبات تعبيراً عن مكنوناتهم الفنية. وما ضجر منتخب كرواتيا من أن يكون باستمرار هو الرقم الضعيف الموضوع على الهامش، رغم أنه نجح في عبور دور المجموعات متصدراً بالعلامة الكاملة، ففي كل مرة كان يكسر عظم منافسيه ويفقأ عيون من ظنوا أن جلده يباع بأبخس الأثمان، وإلى جانب كل المؤثرات الفنية والتكتيكية التي تجعل من منتخب بطلاً، فإن منتخب كرواتيا يضيف لكل هذه المؤثرات الروح البطولية التي يتغذى بها نجومه، ما يساعدهم على قهر الألم والمعاناة. وبهذا المعنى، فإننا نوضع اليوم أمام النهائي المثالي والنموذجي لكأس العالم، نهائي لا علاقة له إطلاقاً بما تنبأت به العرافات أو بما رشحته الأرقام وتكهنت به المعطيات، نهائي ولد من رحم مونديال أسطوري، لا شيء فيه ترك للصدفة. موقن أن نهائي فرنسا وكرواتيا يسدل بأجمل صورة ممكنة، الستارة على كأس عالمية غيرت، أولاً من انطباعاتنا عن روسيا، وأبرزت لنا ثانياً كم هي رائعة وجميلة هذه الكرة التي توحدنا جميعاً في لغة الحلم، وكشفت ثالثاً عن أن الأبطال يولدون فعلاً من رحم مباريات المونديال.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©