الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المكان في صيرورة الزمان

المكان في صيرورة الزمان
27 يناير 2010 21:04
اختارت جريدة “الغارديان” البريطانية عشرة كتب عبرت عن العالم العربي، سواء من تلك التي كتبها كتاب عرب أو كتاب أجانب، وكانت هذه الكتب الوسيلة الأفضل للتعبير عن عمق الحياة الحضارية العربية بعيدا عن سطوة الإعلام السائدة اليوم. وقد اختار القائمة بتكليف من “الغارديان” الكاتب الأميركي مات ريس المولود في ويلز، والذي يعيش في فلسطين منذ عام 1996، وهو يرى أن أفضل وسيلة لفهم الفلسطينيين هي كتابة أعمال روائية عنهم. ضمت القائمة المختارة: “براري الحمى” للشاعر والروائي الفلسطيني إبراهيم نصرالله، و”أحلام الذئب” لمحمد بولسهول (ياسمينة خضرا)، و”دعوني أهبط” لبول بولز، و”ظلال الرمان” للكاتب الباكستاني طارق علي، و”بين القصرين” لنجيب محفوظ، و”مدن الملح” لعبد الرحمن منيف، و”عمارة يعقوبيان” لعلاء الأسواني، و”الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل” لإميل حبيبي، و”جبل الزيتون”، من رباعية الإسكندرية للكاتب لورنس داريل، و”كتاب الصخرة: حكاية القرن السابع للقدس” لكنعان مكية. والواضح أنه في هذه الاختيارات العشرة، يتبدى المكان العربي في سياق زمني متطور، بحيث تتغير في سياقاته معالم العنصرين: المكان والزمان وبينهما الإنسان. وفي ما يلي لمحات عن الكتب المختارة: جواب عربي رواية “براري الحمى” لإبراهيم نصرالله صدرت في ثلاث طبعات بالعربية، وترجمت إلى الإنجليزية والإيطالية والدنمركية واختيرت قبل عامين كواحدة من أفضل خمس روايات ترجمت إلى الدنمركية من آداب أفريقيا وآسيا واستراليا وأميركا اللاتينية. وقد أثارت “براري الحمى” منذ صدورها عام 1985 جدلا واسعا في الأوساط الثقافية العربية كواحدة من أبرز روايات ما بعد الحداثة، وظلت واحدة من الروايات التي تثير الكثير من الاهتمام وقد تمت دراستها في عديد الرسائل الجامعية العربية والأوروبية والدراسات النقدية. يقول الشاعر والروائي الإنجليزي جيرمي ريد: “براري الحمىّ” هي الجوابُ العربي عن النفس المنشطرة، من خلال عين الراوي الداخلية الشديدة الهلوسة. ذلك أن ذهنه قادر على إنشاء أهرامات تناطح السماء، أو تفجير نبع جارف من سطح صخري. وقد كانت رحلته خلال النيران، ويستطيع المرء أن يقول إن كلماته تحرق الورق، إنها تصل دائماً إلى ما هو الأهم في الفن: وهو العملية التحويليّة التي يفقد فيها العالمان الداخلي والخارجي تمايزهما، ويندمجان أحدهما في الآخر عن طريق دينامية المجاز. ورواية “براري الحُمّى” تدور حول الحدود القصوى، وينبغي أن تُقرأ من أجل رؤياها التي لا يعلق بها الخوف، ومن أجل اهتمامها بالعقل بمعزل عن سواه، ومن أجل اعتقادها المطلق بأن الشعر قادر على أن يغيّر العالم. في حين ترى الدكتورة سلمى الخضراء الجيوسي أن “براري الحمى” من أدق التجارب الجمالية تشرُّباً لروح الحداثة، فقد استبطن المؤلف الحداثة استبطاناً كاملاً وكأنه ولِدَ فيها. لقد أنتج الفن القصصي الفلسطيني معالجات فريدة لا مثيل لها في الأدب العربي، ومثال ذلك رواية “المتشائل” ورواية “براري الحمى”. أما الناقد الإيطالي فليبو لا بورتا فيقول: قراءة هذه الرواية تعني وقوعك في أسر الغموض العذب، والفراغ الغامض الذي يتواجد في أعماق كل مخلوق إنساني، متجاوزا البشر عابرا أعماق الكائنات الحية والجمادات في تلك الصحراء. في هذه الرواية الرائعة يستخدم الكاتب تقنية سردية بارعة موازية لذلك التمزق في الوعي والازدواجية التي تعيشها الشخصية الرئيسة الواقعة بين فكي الخلل المطلق وسؤال المصير ومغزى الحياة، أما الشيء الأكيد فهو أننا لن نعرف بعد قراءتنا لهذه الرواية هل عدنا أم بقينا هناك في الصحراء. وترى الدكتورة فدوى مالطي دوغلاس رئيسة قسم الدراسات الشرقية ـ جامعة إنديانا أنها رواية مختلفة وبظهورها انضم إبراهيم نصر اللـه إلى كتّاب ما بعد الحداثة في العالم العربي، والجديد في سردها هو أن هذا السرد الذي ابتدأ بضمير المتكلم يتوقف ليدور بضمير المخاطب، أي ليصبح (أنتَ) وهذا (الأنت) هو الذي يجب أن يألفه القارئ لأنه يصبح أيضاً (هو) وهو أسلوب قلَّما أستعمل في الآداب العالمية، وقد وضع (ميشال بوتور) رواية كاملة هي (التعديل) بضمير المخاطب، غير أن سرد بوتور ينتظم من أوله إلى آخره، أما براري الحمى، فإنها تتشكل من ثلاثة ضمائر، إنها رؤية أدبية فريدة. شبهة الاسم أما الكاتب الجزائري محمد بولسهول المعروف باسم (ياسمينة خضرا)، فقد كان ضابطا في الجيش الجزائري، ولذلك كان عليه ان يقدم النصوص التي يكتبها للمصادقة على اجازتها الى الجهة المسؤولة عن الرقابة في الجيش. وللتحايل على هذا الاجراء لجأ بولسهول للكتابة باسم امرأة مستعار هو اسم زوجته الذي بات معروفا في الجزائر واوروبا الغربية. وعندما كشف بولسهول، المقيم في فرنسا، عن هويته كتب أنه اذا كان يعتقد انه حياته المزدوجة قد انتهت، فإنه خاطئ، فقد كان في الجزائر جنديا اضطر لإخفاء حقيقة انه كاتب، اما في فرنسا فإنه كاتب غير مسموح له بنسيان حقيقة انه كان عسكريا وخاض حربا اودت بحياة آلاف الضحايا. الكتب التي ألفها بولسهول بالفرنسية تصور بوضوح واقع دولة مزقها العنف المتطرف، كما تجد رواياته رواجا كذلك للوصف الدقيق لكيفية تحول الشباب الى اصوليين متطرفين. كما ترجمت رواياته الى اللغات الالمانية والايطالية والاسبانية. وقد أثارت روايته “أحلام الذئب” التي صدرت بالفرنسية تحت عنوان “بما تحلم الذئاب” صخبا في الأوساط الثقافية الفرنسية والجزائرية، لما تضمنته من إدانات صريحة لحقب من التاريخ المشترك، سواء أثناء الاستعمار أو بعده. الغواية المغربية أما الروائي الأميركي بول بولز صاحب رواية “دعوني أهبط” فقد ولد في الثلاثين من ديسمبر عام 1910 بمدينة نيويورك. زار طنجة لأول مرة عام 1931 فألفاها “تموج بسحر غريب”. انتقل إلى المغرب عام 1947 حيث قضى بقية عمره في عزلة تامة إلى أن توفي بها في 18 نوفمبر عام 1999. تزوج من الروائية جين بولز (1917 ـ 1973). ترجم بولز عن اللغة العربية أكثر من خمسة عشر مؤلفاً. ومن بين ما ترجم رواية “الخبز الحافي” لمحمد شكري الذي كان صديقه المقرّب. اكتسب بولز شهرته الواسعة بعد تحويل روايته “شاي في الصحراء” (1949) إلى فيلم سينمائي للمخرج الإيطالي برناردو برتولوتشي (1991) ونشر روايته المبدِعة “بيت العنكبوت” التي وقعت أحداثها في فاس عام 1953. وعلى الرغم من أن المغرب كان منبع إلهام لا يستهان به لكتابات بولز، وهو الأمريكي الذي سئم من رتابة نموذج الحياة الأميركي، وانجذب إلى المغاربة في عمقهم المجتمعي ببساطتهم وصحرائهم، يعترف بولز أنه يكتب للأوروبيين والأمريكيين. استعادة الأندلس الكاتب الباكستاني طارق علي، المولود في لاهور في 21 أكتوبر 1943، يحمل الجنسية البريطانية، وهو مؤرخ ومنتج أفلام اشتهر بإنتقاده للسياسات الأمريكية والإسرائيلية من أهم كتبه “صدام الاصوليات: الحملات الصليبية والجهاد والحداثة” 2002، وكتاب “بوش في بابل” (2003) والذي إنتقد فيه الحرب الأمريكية على العراق. ومن رواياته “في ظل شجرة الرمان” (1993) التي يقص فيها دراما عائلية أثناء انهيار الحضارة الإسلامية في الأندلس ومأساة المسلمين آنذاك في ظل عملية التنصير القسري التي تعرضوا لها على يد الإسبان. وعن روايته هذه، التي حازت على جائزة أفضل رواية نشرت في إسبانيا بلغة أجنبية، عام 1994، يقول طارق علي: “إنها الجزء الأول من “خماسية الإسلام”، تليها “صلاح الدين”، و”المرأة الحجرية”، ثم “سلطان باليرمو” التي صدرت قبل سنتين”. وقال إن “رواية “في ظل شجرة الرمان”، تتحدث عن المسلمين في الأندلس، وأردت أن أقول فيها لدعاة عزل الحضارة الإسلامية، ان الإسلام أقام حضارة باذخة على أرض أوروبا، وأنا ضد عزل الحضارات عن بعضها”. شيخ الرواية أما شيخ الروائيين العرب نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل في الأدب، فقد وُلد في 11 ديسمبر 1911، وتوفي في 30 أغسطس 2006. كتب نجيب محفوظ منذ بداية الأربعينيات واستمر حتى 2004. تدور أحداث جميع رواياته في مصر، وتظهر فيها ثيمة متكررة هي الحارة التي تعادل العالم. من أشهر أعماله الثلاثية و”أولاد حارتنا” التي مُنعت من النشر في مصر منذ صدورها وحتى وقتٍ قريب. بينما يُصنف أدب محفوظ باعتباره أدباً واقعياً، فإن مواضيع وجودية تظهر فيه.محفوظ أكثر أديبٍ عربي حولت أعماله إلى السينما والتلفزيون. بدأ نجيب محفوظ الكتابة في منتصف الثلاثينيات، وكان ينشر قصصه القصيرة في مجلة “الرسالة”. في 1939، نشر روايته الأولى “عبث الأقدار” التي تقدم مفهومه عن الواقعية التاريخية. ثم نشر “كفاح طيبة” و”رادوبيس” منهياً ثلاثية تاريخية في زمن الفراعنة. وبدءاً من 1945 بدأ نجيب محفوظ خطه الروائي الواقعي الذي حافظ عليه في معظم مسيرته الأدبية برواية “القاهرة الجديدة”، ثم “خان الخليلي” و”زقاق المدق”. جرب محفوظ الواقعية النفسية في رواية “السراب”، ثم عاد إلى الواقعية الاجتماعية مع “بداية ونهاية” و”ثلاثية القاهرة”. فيما بعد اتجه محفوظ إلى الرمزية في رواياته “الشحاذ”، و”أولاد حارتنا” التي سببت ردود فعلٍ قوية وكانت سبباً في التحريض على محاولة اغتياله. وروايته “بين القصرين” هي الجزء الأول من الثلاثية الشهيرة، والتي تشكل القاهرة ومنطقة الحسين المسرح الوحيد لأحداثها. وتحكي الرواية قصة أسرة من الطبقة الوسطى، تعيش في حي شعبي من أحياء القاهرة في فترة ما قبل وأثناء ثورة 1919. يحكمها أب متزمت ذو شخصية قوية هو السيد أحمد عبد الجواد (سي السيد). عمارة الأسواني أما الكاتب المصري علاء الأسواني فقد نقلته رواية “عمارة يعقوبيان” إلى مصاف الروائيين العرب الأوائل. وعنوان الرواية هو اسم حقيقي لعمارة موجودة فعلاً بشارع طلعت حرب بناها المليونير جاكوب يعقوبيان عميد الجالية الأرمنية عام 1934. ويعتبر البعض هذا المبنى الكائن بوسط القاهرة شاهدا على تاريخ مصر الحديث في المائة سنة الأخيرة بكل ما يحمله من أزمات ونجاحات ونكبات. وقد تحولت هذه الرواية إلى فيلم سينمائي عام 2006 من سيناريو وحيد حامد واخراج مروان حامد، وإلى مسلسل تلفزيوني أيضاً عام 2007 من سيناريو عاطف بشاي واخراج أحمد صقر. يسلط الأسواني الضوء في الرواية على التغيرات المتلاحقة التي طرأت على فكر وسلوك المجتمع المصري في فترة ما بعد الانفتاح من خلال نماذج واقعية تعيش بين افراد المجتمع، حيث أصبح المبنى متغيرا بأناسه القاطنين بداخله فهناك عضو البرلمان الذى اخذ الطريق من ادناه إلى اعلاه، وهناك نموذج التطرف والانحراف الذى جسده ابن حارس العقار.. اسكندرية داريل ولد الكاتب البريطاني لورانس جورج داريل في الهند عام 1912 وتوفي عام 1990. وبفضل روايته “رباعية الاسكندرية” صُنّف داريل في مصاف عمداء الأدب الإنجليزي الحديث من أمثال هنري ميللر وجيمس جويس. تتكون الرباعية من رواية جوستين “J stine” الصادرة عام 1957، ورواية بلتازار “Balthazar” الصادرة عام 1958، ورواية ماونت أوليف “Mo nt olive” (جبل الزيتون) الصادرة عام 1958، وأخيراً رواية “كليا” Clea الصادرة عام 1960. وفي الرواية الثالثة، “جبل الزيتون” نعرف أن ماونت أوليف هو أول سفير بريطاني في مصر، وحوله شخصيات تبدو في جوستين وبلتازار ثانوية وغير فعالة ومؤثرة، ولكنها هنا جزء أساسي من خيوط الأحداث. وتتكشف رؤية جديدة لنفس الوقائع التي تدور ما بين القاهرة والإسكندرية في مجتمع الأجانب. ويتشابك معهم المقهورون والهامشيون من أبناء مصر. في عام1977 زار داريل المدينة التي ألهمته، بعدما أقنعته قناة BBC بتصوير فيلم عنه عنوانه “روح المكان”. كتب داريل في مذكراته عن هذه الزيارة وما تركته في نفسه من شجون، وكأنه يرثي الإسكندرية وما آلت إليه في القرن الواحد والعشرين. وأثناء تلك الزيارة طاف داريل ببعض معالم مصر الحضارية فزار صعيد مصر، وبعض الأديرة المسيحية وآثار الصعيد، وبعدها بأربعة أعوام طوى داريل صفحة حياته في 7 نوفمبر 1990 عن عمر يناهز 78 عاما، وكأنه أراد أن ينهل من بحر الإسكندرية ومن نيل مصر الرشفة الأخيرة. مدن منيف يعد عبد الرحمن منيف (1933 ـ 24 يناير 2004) أحد أهم الروائيين العرب في القرن العشرين؛ حيث استطاع في رواياته أن يعكس الواقع الاجتماعي والسياسي العربي، والنقلات الثقافية العنيفة التي شهدتها المجتمعات العربية خاصة في دول الخليج العربي بعد ظهور ثروة النفط. وتحكي رواية “مدن الملح” قصة اكتشاف النفط في السعودية وهي مؤلفة عن 5 أجزاء، هي: التيه: عن بوادر ظهور النفط. والأخدود: عن اهل السلطة والسياسة. وتقاسيم الليل والنهار: عن مشكلات الحكم. والمنبت: عن التغيرات الجذرية. والبادية: عن حياة الناس. حبيبي “المتشائل” يعتبر الكاتب الفلسطيني إميل حبيبي من رموز الثقافة الفلسطينية بعد النكبة وتحت الاحتلال، حيث بقي يعيش في حيفا وأوصى أن تكتب على قبره هذه الكلمات: “باق في حيفا”. ولد حبيبي في حيفا في 29 أغسطس 1921، وتفرغ للعمل السياسي في إطار الحزب الشيوعي الفلسطيني وكان من مؤسسي عصبة التحرر الوطني في فلسطين عام 1945. بعد قيام إسرائيل كان أحد ممثلي الحزب الشيوعي الإسرائيلي في الكنيست. نشر حبيبي عمله الأول “سداسية الأيام الستة” عام 1968 وبعده تتابعت الأعمال “الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد ابي النحس المتشائل”(1974)، “لكع بن لكع” (1980)، “إخطيه” (1985) وأخيرًا، “خرافية سرايا بنت الغول” (1991). وتعتبر روايته “الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل” (المعروفة اختصارا باسم “المتشائل”) رواية ساخرة تدور حول سعيد ابي النحس المتشائل وهو فلسطيني من عرب الداخل في فترة الحكم العسكري الذي فرضته إسرائيل على العرب. يمزج حبيبي في الرواية بين استلهام التراث العربي من السيرة والمقامة والأمثال والحكايات وبين أساليب روائية حداثوية وما بعد حداثوية متأثرا أيضا بكافكا وسخريته السوداء وكنديد لفولتير وغيرهم. وقد أصبحت الكلمة التي ابتكرها حبيبي، وهي “التشاؤل” المنحوتة من التفاؤل والتشاوم، تصويرا دقيقا لحال العرب في صراعهم مع الصهيونية. وأخيرا فإن كنعان مكية هو كاتب وباحث عراقي يعيش في الولايات المتحدة الأميركية. وله كتابات جدلية في التاريخ العربي مستمدة من اختصاصه العلمي في فن العمارة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©