الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كذب الأطفال يعكس متاعب خفية

كذب الأطفال يعكس متاعب خفية
2 فبراير 2017 09:05
أبوظبي (الاتحاد) الكذب اضطراب سلوكي قد يصل أحيانا إلى انحراف نفسي مَرضي. وكثيراً ما تشبَّه الأكاذيب بالرداء الذي يُخفي معالم النفس وحقيقتها. وهناك أنواع مختلفة من الأكاذيب، ولكلٍّ منها مغزاها وما ترمي إليه من أهداف. إلا أن كذب الأطفال يرجع في الواقع إلى نوع من أنواع الارتباك العقلي الذي فاقمت من وطأته الاضطرابات الانفعالية التي جدَّت في مواقف حياته وخبراته التي استمدها من تنشئته الاجتماعية وبيئته المحيطة. ويوضح الدكتور عاطف بدوي، أستاذ العلوم السلوكية بكلية التربية، أن هناك أنواعاً مختلفة لكذب الأطفال، فقد يكون الكذب اختلاقاً محضاً مستمداً من وحي الخيال. والقصد منه إيهام الآخرين لغرض بريء هو المتعة النفسية أولاً، ولجلب اهتمام الآخرين والاستئثار بانتباههم ثانياً. ومثل هذا اللون من ألوان الكذب الخيالي، لا يرمي الطفل من ورائه إلى خداع الآخرين أو تضليلهم، وليس الغرض منه الحصول على منفعة شخصية خاصة، مشيراً إلى أن الطفل يذكر مثلاً أن أباه رياضي ماهر، وأنه أحرز أوسمة ليترجم رغبته العارمة في أن يصبح قوياً جسمياً، وهذا الضرب من الكذب هو عكس الكذب الذي ينشأ عن عدم الاكتراث عند الطفل. فالطفل اللا مبالي، الذي لا يبدي اهتماماً بالحياة، لا يريد أن يطلق العنان لخياله، كما أنه لا يمكن لخياله أن يبلغ مثل هذا المستوى. ويوضح أن الكذب قد يكون «ادعائياً» أحياناً نتيجة ما يتعرض له الطفل من مواقف جديدة في الحياة. فمثلاً يتعمد الطفل اختلاق أكاذيب عندما يفارق البيت أول مرة في حياته فهو حينما يرافق إلى الروضة في الخامسة من عمره أو عندما يرسل إلى المدرسة وهو في السادسة، يشق الأمر عليه ويجد من الصعوبة عليه فراق الأم، بل تكون بالنسبة إليه صدمة أحياناً، ما لم يكن قد تمت تهيئته لذلك منذ فتره بعيدة. ويتابع: «هناك أيضاً الكذب الالتباسي، وسببه الخلط بين الحقيقة والخيال فهما يلتبسان على الطفل، ومن الأمثلة عليه أن طفلة قامت من نومها تبكي وادَّعت أن ابن الجيران قام بتحطيم ألعابها، ووصفت ذلك بالتفصيل، ثم تبيَّن أنها رأت ما روته ليس إلا مجرد حلم. وهذا النوع من الكذب يزول تلقائياً إذا كبر الطفل»، مشيراً إلى أن هناك الكذب «النفعي» الذي يرمي الطفل من ورائه إلى تحقيق منفعة أو غاية ملموسة، كالحصول على النقود، أو شراء لعبة. وأيضاً الكذب «الانتقامي» الذي يستهدف الانتقام من شخص لا يحبه، كأن يروي تفاصيل اعتداء صديق له أو الخادمة أو المربية عليه أو ما شابه ذلك، وغالبا ما يلجأ إليه عندما يشعر بالظلم وعدم المساواة أو القسوة والعنف. وحول أسباب لجوء الطفل إلى الكذب، يقول بدوي: «يلجأ الطفل أحياناً إلى الكذب لحماية ذاته من تهجمات الكبار عليه وينشأ مثل هذا النوع من الكذب عادةً لدى الأطفال الذين لا تتمثل فيهم قوة الشخصية، وممن تعودوا على الاستكانة أو الخنوع بدلاً من تنمية الثقة بالذات عندهم. ومثل هذا الضرب من الأطفال يصوغون الكذبة لساعتها، خاليةً من المحتويات الخيالية وبعيدة عن التزويق، فيأتونها كأنها حقيقة لا غبار عليها فتكون الكذبة كأنها فعل انعكاسي دفاعي تولَّد لتوّه، لهذا يدرك الآباء والمعلمون حقيقته على الفور فيصبون جامّ غضبهم على الطفل، وما عساه أن يتعرض له الطفل من اتهامات توجَّه إليه وتهديدات تكال إليه، وكلها في الحقيقة تعبر عن الاعتراف الصريح بأن تلك الجوانب من الكذب إنما تكشف عن وجود مركَّب النقص لدى الطفل، والذي قد يكون الكبار في الغالب السبب في توليده».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©