الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جولة داخلية في الفكر العربي

جولة داخلية في الفكر العربي
27 يناير 2010 21:12
صدر عن الدار العربية للعلوم ـ ناشرون كتاب جديد بعنوان “أنت تفكر... إذن أنت كافر!” للمؤلفة سلوى اللوباني التي تقول فيه: لقد اصبح أمراً عادياً الحكم على أحد بتهمة الكفر والإلحاد، وقد كثر مؤخراً عدد المتهمين بالكفر من المثقفين والمبدعين المصريين والعرب، مما اضطر البعض الى ترك وطنهم والإقامة في المنفى هرباً من التطرف والإرهاب الفكري الذي يمارس ضد إبداعهم وضدهم شخصياً بالدرجة الأولى. وهناك ايضاً من تم اغتياله على يد الجماعات المتطرفة. الاتهام بالكفر والإلحاد يقتل الإبداع ويحد بل ويلغي التفكير، يقضي على سمة حضارية ألا وهي الحوار والنقاش الذي نفتقده في معظم مجالات حياتنا! التكفير هو قول صريح بهدر دمهم ودعوة واضحة لاغتيالهم!”. وعند قراءة بعض الكتب والمقالات التي تناولت شخصيات مبدعة اتهمت بالكفر تجد ان معظمهم تميز بغزارة إنتاجه الابداعي.. بغض النظر اختلفنا او اتفقنا مع أفكارهم.. فهم نتاج تجربتهم.. نتاج ظروفهم الاجتماعية والسياسية.. ولكن يكفيهم بأنهم حاولوا وفكروا وبذلوا جهداً للتفسير والتحليل لتقديم إبداعهم، جميعهم انشغل بالبحث العلمي. اما ما يثير الاستغراب هو انشغال البعض في تصميم مواقع على الانترنت او تأليف كتب وتقديم رسائل أكاديمية لتكفير الآخرين. فعلى سبيل المثال كتاب “الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها” للدكتور سعيد بن ناصر الغامدي صدر عن دار الاندلس عام 2003، اصل الكتاب هو رسالة مقدمة الى كلية أصول الدين قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية للحصول على درجة الدكتوراه. كفر المؤلف من خلاله اكثر من 200 مبدع ومفكر وكاتب من مختلف الدول العربية ويقع الكتاب في 3 مجلدات. والسؤال الذي يطرح نفسه: ما مدى الاستفادة من كتاب من هذا النوع؟ ماذا أضاف للإنتاج الإنساني وللتقدم العلمي او حتى للبحث العلمي؟ وعلى سبيل المثال لا الحصر هناك العديد من المثقفين والمفكرين الذين تم اتهامهم بالكفر والإلحاد مثل الطبيب المفكر مصطفى محمود الذي تفرغ للكتابة والبحث بعد دراسته الطب، وله نحو 90 مؤلفاً في مجالات مختلفة، كما كان له برنامجه التلفزيزني الشهير “العلم والايمان”، ومن مؤلفاته “حوار مع صديقي الملحد”، “لغز الموت”، “لغز الحياة”، “آينشتين والنسبية”، “الله والإنسان”، “رحلتي من الشك الى الإيمان”، قراءة للمستقبل”، “الإسلام ما هو”؟ ماذا وراء بوابة الموت؟ ونستعرض هنا لائحة تتضمن أسماء بعض المفكرين والمثقفين الذين اتهموا بالكفر بسبب أفكارهم ومؤلفاتهم التي أثارت جدلاً واسعاً، منهم من رحل عنا ومنهم من تم اغتياله او سجنه ومنهم من اختار المنفى إلا أن مؤلفاتهم باقية ومنهم الأديب طه حسين، وسيد قطب، نجيب محفوظ، نصر حامد ابو زيد، فرج فودة، والكاتب عبد الله العتيبي من السعودية، والكاتبة ليلى العثمان من الكويت، والروائي عبد الله خليفة من البحرين، والباحثة رجاء بن سلامة، والمفكر العفيفي الأخضر من تونس، والشاعر عبد العزيز المقالح من اليمن، والشاعر اسلام سمحان من الأردن. النص أم السلوك؟ تقول المؤلفة: في ثقافتنا العربية هناك فضول ورغبة في معرفة تفاصيل الحياة الشخصية للمبدع. فتجد الناس تخلط بين النص الإبداعي والسلوك الشخصي المبدع. فهل من حق القارئ محاكمة المبدع على سلوكه الشخصي؟ بالرغم من ان حياته ملكاً خاصاً به. توجهت لبعض المبدعين العرب للتعرف على آرائهم فيما اذا كان من حق القارئ محاسبة المبدع على نصه ام سلوكه؟ البعض صرح بأن المبدع يحاسب على نصه فقط لا سلوكه الشخصي اي نحكم على المبدع من خلال إبداعه، ورأي آخر يقول مهما حاول المبدع ان يتجنب الدخول في مسائله الشخصية إلا ان القارئ يشم أنفاس الكاتب من بين ثنايا سطور المبدع، وهناك في الوسط الابداعي ما رفع كاتب لأجل الانطباع عن سلوكه وأخلاقه دون التمحص بالنصوص. اما البعض قال إن المبدع صورة عن وطنه وناسه وهي مسؤولية خطيرة. فالألقاب والصفات في عالمنا العربي أحياناً تمنح بعيداً عن معيار الكفاءة وعن التقييم العلمي للمنجز. وايضاً هناك تضخيم لنخب معيمة في مجال الثقافة. وهذه النخب لاتزال تحتل مساحات كبيرة في مجال الثقافة. مما أدى الى تعتيم او تجاهل نخب اخرى قد تكون أفضل بكثير من الأولى. استطلعت مجموعة من المثقفين من بعض الدول العربية للتعرف على أسباب تضخيم بعض الأعمال او بعض الأسماء وتجاهل آخرين او التعتيم على أعمالهم. الجميع ذكر الأسباب وامتنع البعض عن ذكر اسماء محددة او عناوين تلقى الاحتفاء والتضخيم فهذا التورط بعينه. وسيخلق لهم عداوات هم بغنى عنها. لذلك فضل البعض الإشارة الى أسماء وعناوين لم تنل ما تستحقه من اهتمام. ويعد الراحل محمد شكري من ابرز الروائيين المغاربة وايضاً من اكثر الأدباء جدلاً. وقد ترجمت اغلب أعماله الى العديد من اللغات العالمية. يقول في كتابه “غواية الشحرور الأبيض” ان معظم أدبنا العربي مازال خاصاً بنا ولم نستطع ان نجعله أدباً عالمياً الا القليل، فهو أدب تسجيل وإرضاء اكثر منه أدب تفكير وتغيير. وتعرض المؤلفة ايضاً كيف كثر الحديث مؤخراً عن تناول الجنس في الرواية العربية وبالأخص الرواية السعودية، حتى أصبحت تلقب بالرواية الجنسية او الرواية الستربتيز، لأنها تتناول الجنس باستمرار. هناك رأي آخر يقول ان الرواية السعودية تصف مشاهد الجنس بطريقة تثير القارئ جنسياً والهدف منها الإثارة ووسيلة للشهرة. ورأي آخر يقول: ما هو إلا انعكاس للحالة التي يعيشها المجتمع العربي بشكل عام والسعودي بشكل خاص، اي لكشف النقاب عن المستور حيث ان الحديث عن الجنس والعلاقات الجنسية من الأمور المحرمة في الحياة اليومية لذلك علينا احترام الرأي الآخر وخصوصية كل مجتمع. ورأي ثالث يقول مستغرباً: ان الأدب العربي تناول الجنس في الرواية العربية؟ جميع الآراء تثير الكثير من التساؤلات التي طرحتها على مجموعة من المبدعين. فهل جميع الروايات التي تناولت موضوع الجنس كانت تخلو من جمالية النص والحبكة الروائية بحيث جذبت القارئ الى موضوع الجنس فقط في الرواية بالرغم من ان الأدب العربي بتاريخه كله تناول الموضوع كثيراً؟ هل لهذه الضجة علاقة بثقافتنا العربية بمعنى ان الحديث عن الجنس في حياتنا اليومية هو من المحرمات فلا يوجد ثقافة جنسية ولا تفاهم او صراحة في العلاقة الجنسية بين المرأة والرجل، فبالتالي تلقائياً المجتمع يرفض موضوع الجنس في الرواية بغض النظر عن اسلوب تناوله؟ هل بالفعل تناول الجنس ومشاهده وتفصيلاته في الرواية وسيلة لجذب القارئ ووسيلة لبيع الرواية اكثر، وهل يعني ذلك ان الرواية التي لا تتناول الجنس لن تنجح ولن تجذب القارئ؟ هل بالفعل القارئ لا يهمه جمالية النص او حبكة العمل الروائي أو هدف الرواية بقدر ما يهمه قراءة تفاصيل الجنس ومشاهده؟ مصر والريادة وتلقي المؤلفة الضوء على الثقافة المصرية التي تعتبر أنها في حراك دائم وفي حيوية متجددة وقد يكون هو السبب الذي يدفع البعض بين الحين والآخر للسؤال عن دور مصر الثقافي، حيث كثرت في الآونة الأخيرة انتقادات حول هذا الدور وواقعه وأهميته وهل هناك تراجع وما أسبابه؟ وهل لاتزال مصر فاتحة ذراعيها لكل الجنسيات والثقافات كما كانت سابقاً حيث كانت تحتضن جميع الأدباء والمثقفين لتدعمهم؟ وهل من حق احد التهجم على دور مصر ونسيان ما كانت تمثله لكل العرب خصوصاً هنا في مجال الثقافة؟ وما هو دور الأدباء العرب تجاه دور مصر الثقافي الآن؟ يعتقد البعض ان هناك تراجعاً في دور مصر الثقافي بسبب ظروف عدة ولم تعد لها الريادة كما كانت سابقاً، خصوصاً بظهور مبادرات ثقافية في منطقة الخليج العربي مؤخراً. طرح السؤال حول دور مصر الثقافي يثير الحساسية لدى البعض وهذا ما ظهر عند إجراء هذا الاستطلاع الذي شمل كتاب عرب ومصريين حيث رفض بعض الكتاب المصريين المشاركة، اما من الدول العربية فقد شارك المفكر العراقي د. سيار الجميل، ومن السعودية الروائي والإعلامي هاني النقشبندي، ومن الأردن الروائية والاعلامية ليلى الأطرش، والشاعر اللبناني شوقي مسلماني، ومن مصر الناقد د. صلاح فضل والروائي محمد العشري.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©