السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أصداء تونس... في العالم العربي

أصداء تونس... في العالم العربي
15 يناير 2011 21:00
بورزو درغاهي وسهام حسني تونس وأخيراً أدت الانتفاضات الشعبية التي اجتاحت تونس طيلة الأسابيع الماضية إلى فرار الرئيس السابق زين العابدين بن علي، خارج الوطن في لحظة تاريخية يعتبرها العديد من المراقبين تحذيراً لباقي الأنظمة السلطوية في العالم، فبسقوط نظام بن علي يكون الشعب التونسي قد حقق انتصاراً تاريخيّاً استطاع من خلاله التخلص من حكم دام 23 عاماً وأمسك البلاد بقبضة من حديد، وهي الانتفاضة الأولى في المنطقة العربية التي يطيح فيها شعب بحاكم مستبد منذ عقود من الزمن. وعن هذا الانتصار تقول "نزيهة رجيبة"، الناشطة الحقوقية والصحفية المستقلة: "إننا نشعر بفرح عارم. ولكن هناك أيضاً تساؤلات حول المستقبل، فقد أسقط شعب تونس الديكتاتور ولكن علينا بناء ديمقراطية في البلاد"، فعلى رغم مغادرة بن علي لتونس بطائرته الخاصة ما زالت بقايا النظام قائمة ليظل العديد من الأسئلة مطروحاً حول المستقبل وطبيعة النظام الذي سيخلفه. وكان بن علي قد وعد في آخر خطاب له قبل الانهيار في محاولة على ما يبدو لاحتواء غضب الشعب بتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة والقيام بالإصلاحات الضرورية، إلا أن مشكلة تونس تتمثل في غياب نخبة سياسية معارضة وفاعلة في الساحة بسبب عقود من القمع السياسي وإفراغ الحياة السياسية من الأصوات ذات المصداقية. وما أن أعلن هرب بن علي حتى ظهر رئيس الوزراء، محمد الغنوشي، على شاشة التلفزيون ليعلن توليه السلطة حسب دستور البلاد، وإن كان البعض قد وضع علامات استفهام حول الرجل نفسه الذي كان جزءاً من النظام المنهار، فضلاً عن استخدامه لعبارة "الغياب الوقتي" لوصفه خروج الرئيس السابق من البلاد. غير أن رئيس البرلمان فؤاد المبزع استلم الرئاسة المؤقتة أمس. هذا ويشكل رحيل بن علي عن السلطة لحظة مفصلية في العالم العربي حيث من النادر أن يسمح الزعيم بزحزحته من الرئاسة، لكن ما حدث في تونس انطلق بصورة عفوية عندما تدخلت الشرطة لمصادرة عربة فواكه كان يعتمد عليها شاب تونسي من حملة الشهادات العليا لكسب لقمة عيشه محتجاً بإضرام النار في نفسه، فكانت الشرارة الأولى التي أشعلت فتيل المظاهرات والاحتجاجات الشعبية الواسعة التي انطلقت من الولايات الداخلية لتونس لتتوسع دائرتها وتصل إلى العاصمة. وهي المرة الأولى في التاريخ العربي المعاصر التي يقوم فيها شعب بإسقاط نظام بدل الانقلابات العسكرية، أو القوى الأجنبية. وفيما كانت الأحداث تتسارع تسمَّر الملايين من العرب أمام شاشات الفضائيات التي نقلت التطورات وتابعتها عن كثب للاطلاع على ما جرى في تونس. وعن هذا الترقب الذي طبع البلدان الأخرى في المنطقة واحتمال انتقال العدوى إليها قال "العربي الشويكي"، أستاذ العلوم السياسية بمعهد الصحافة وعلوم الاتصال بالعاصمة تونس "لقد خرج الشعب التونسي إلى الشارع لطرد الرئيس، وأتمنى أن ينتقل ما حدث في تونس إلى بعض البلدان الأخرى". وكان الناس كدسوا حاجاتهم التموينية تحسباً لانفلات الوضع وكانت مظاهر الابتهاج ظاهرة على التونسيين، ففي مطار العاصمة حيث تعطلت رحلات العديد من المسافرين التونسيين وأُرغموا على الانتظار في ساحاته كانت لافتة الأجواء المرحة التي سادت والنقاشات السياسية حول مستقبل البلاد التي كانت محظورة حتى وقت قريب. والحقيقة أن فساد النظام التونسي الذي أجج الانتفاضة الشعبية كما دلت على ذلك الشعارات التي كان يرفعها المتظاهرون، لاسيما ضد محيط بن علي العائلي، كان معروفاً منذ مدة لدى الأوساط الغربية، فقد كشفت وثائق ويكيليكس المسربة ما اعتبره الدبلوماسيون الأميركيون نظاماً ينخره الفساد في تونس، وذلك على رغم تعاونه مع الغرب في موضوع مكافحة الإرهاب. ولكن يبدو أن هذا التعاون لم يمنع الولايات المتحدة على لسان أوباما من إعلان موقفها الواضح بعدما اتضحت مغادرة بن علي للبلاد وانهيار نظامه، حيث سارع إلى التنديد بالعنف ضد الشعب التونسي مطالباً بعقد انتخابات حرة ونزيهة، كما وصف الشعب التونسي بالشجاع والأبي، وهو التعليق الذي تردد صداه في تونس. وفي تعليق آخر لأحد المسؤولين الأميركيين على الأحداث المتسارعة في تونس تساءل عن مدى تعاون تونس في المرحلة المقبلة مع الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب، قائلا بعدما رفض الكشف عن اسمه "إن ملف التصدي للإرهاب من الأولويات بالنسبة لنا، وعلى رغم التقييمات الإيجابية التي كان يطلقها الغرب على تونس مثل برقية وزارة الخارجية الأميركية المؤرخة في يوليو 2009 التي كشفها موقع ويكيليكس والمشيدة بالنمو الاقتصادي المطرد في تونس والخدمات الناجعة التي يستفيد منها التونسيون، إلا أنها لم تخفِ أيضاً طبيعة النظام البوليسي. ولكن يبقى الوضع الحالي غير واضح على رغم مغادرة بن علي، فقد حذر بعض رموز المعارضة من استمرار أجهزة الرئيس السابق في السلطة مع تنظيم المعارضة لنفسها لتتسلم السلطة هي أيضاً. ومع تعاقب الأحداث في تونس بوتيرة متسارعة لم يتوقعها أغلب المراقبين يراهن العديد منهم اليوم على أن بعض الحكومات المجاورة تنظر بعين مترقبة لما يجري من تطورات على الساحة التونسية، فيما الشعوب تنظر بارتياح إن لم يكن بنوع من الغيرة، فما حققته تونس لا يختلف عن طموحات بعض شعوب المنطقة التي ما زالت تنتظر فرصتها التاريخية للتخلص من بعض نظمها الفاسدة. ولعل ما يزيد من ثقة الشعوب في نفسها فشل النظام الأمني التونسي المعروف ببطشه وشدة بأسه في احتواء الاحتجاجات التي خرجت عن السيطرة وأرغمت الرئيس وعائلته على الإفلات بجلودهم قبل فوات الأوان في وقت تحدثت فيه تقارير من تونس عن منع بعض أفراد عائلته من السفر واحتجازهم من قبل الجيش. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©