الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصين... شراء السندات لدعم الاقتصاد الأوروبي

15 يناير 2011 21:01
ديفيد بيرسون - بكين هنري تشو - لندن ضمن دورها المتزايد كقوة اقتصادية عالمية، تتعهد الصين بشراء مليارات الدولارات من السندات الحكومية في بعض البلدان الأوروبية بهدف المساهمة في إعادة الثقة إلى هذه المنطقة المثقلة بالديون. وتعد هذه الخطوة أحدث دليل على أن العملاق الآسيوي يعمل على تطوير علاقات مع الشركاء الاقتصاديين المهمين استراتيجياً وتوسيع نفوذه في مناطق لطالما لعب فيها دوراً صغيراً. ففي ما وصفته بعض وسائل الإعلام الأوروبية حملة إغراء، قام نائب رئيس الوزراء الصيني "لي كيكيانج" بجولة في القارة الأوروبية، طمأن الألمان خلالها بأن اقتصادهم مكمل للاقتصاد الصيني، وأشاد بالإسبان باعتبارهم أصدقاء جيدين. كما أبان عن قدر كبير من السخاء، حيث وعد بمساعدة الاقتصادين الإسباني والبرتغالي المتضررين بالأزمة، وعود نُظر إليها باعتبارها أكثر من مجرد لفتة تضامن ومساعدة، وذلك على اعتبار أنه إذا كانت الصين ترغب في استمرار ازدهار اقتصادها، فإنه لا يمكنها السماح بانهيار "اليورو"، ولاسيما أن الاتحاد الأوروبي يعد أكبر شريك تجاري للصين، والصين ثاني أكبر سوق صادرات بالنسبة للاتحاد الأوروبي. وهذا يبرز ضرورة مساعدة الزبائن الإسبان الذين يشترون ملابس مصنوعة في الصين وصادرات أخرى، أو الشركات الألمانية التي تزود المصنعين الصينيين بالمعدات والأجهزة المتطورة التي يحتاجونها. وفي هذا الإطار، يقول "هيو جيانجو"، رئيس الأكاديمية الصينية للتجارة الدولية والتعاون الاقتصادي، وهو مركز بحوث تابع لوزارة التجارة: "هناك فوائد متبادلة وراء الدبلوماسية الصينية حيث يمكن للجانبين أن يستفيدا". ويشار إلى أن الصين لديها ممتلكات مهمة من الديون الأوروبية. ففي إسبانيا فقط، تمتلك الصين 43 مليار يورو، أي ما يناهز خمس السندات الإسبانية الموجودة. ويوم الخميس، تمكنت إسبانيا من جمع 3 مليارات يورو في مزاد للديون شكل اختبارا مهماً لثقة المستثمرين، كما باعت إيطاليا 6 مليارات يورو من السندات متوسطة وطويلة المدى. ولم تُعرف على الفور كمية الديون التي قامت الصين بشرائها، ولكن هذه الأخيرة لم تكن الوحيدة؛ حيث أعلنت اليابان أيضاً أنها ستشتري سندات حكومية من بلدان أوروبية. غير أن دخول الصين إلى القارة الأوروبية يبرز التأثير المتنامي الذي باتت تلعبه الأموال الصينية. فالشهر الماضي، التقى وزير المالية البرتغالي "فرناندو تيكسيرا" دوس سانتوس مع مسؤولي البنوك والمالية الصينيين في بكين قصد الترويج لبيع دين البرتغال، علماً بأن هذا البلد الأوروبي المثقل بالديون كان قاوم دعوات إلى إنقاذ مالي من قبل الاتحاد الأوروبي على الرغم من عائدات قياسية حققتها سنداته. وفي إسبانيا، حيث يناهز معدل البطالة 20 في المئة، أفادت وسائل الإعلام المحلية بأن الصين عرضت شراء 6 مليارات "يورو" إضافية من السندات الحكومية، علماً بأنه خلال الزيارة التي قام بها "لي" هذا الشهر، وقع البلدان اتفاقات تجارية تبلغ قيمتها 7 مليارات دولار. وتعليقاً على هذا الموضوع، يقول "ألفريدو باستور"، أستاذ العلوم الاقتصادية بكلية التجارة بجامعة "نافارا" في برشلونة، إن مساعدة الصين لدعم إسبانيا يبعث بإشارة قوية إلى مستثمرين آخرين مؤداها أن إسبانيا رهان آمن. غير أن بعض الخبراء يحذرون من أن الأموال الصينية وحدها ليست كبيرة بما يكفي لحل مشكلة العديد من الميزانيات الأوروبية التي تزداد سوءاً. وفي هذا السياق، يقول "أنتونيو جارسيا باسكال"، كبير الاقتصاديين بقسم جنوب أووربا بمؤسسة "باركليز كابيتل": "مما لا شك فيه أن هذا يمكن أن يساعد، ولكن ذلك ليس هو ما سيُحدث تغييراً في الميزانية"، مضيفاً "إذا كان الإعلان الصيني مرحباً به، فإنه ليس حلاً". ومعلوم أن البلدان الواقعة على ما يسمى محيط الاتحاد الأوروبي، مثل إيرلندا واليونان، إضافة إلى إسبانيا والبرتغال، تتخبط في مشاكل مالية كبيرة؛ ولكن وقف تدهور أحوالها لن يتطلب مئات المليارات من الدولارات فحسب، وإنما محركات جديدة للنمو من أجل إخراجها من أزمة الديون. وفي هذا الإطار، يقول "مايكل بيتيس"، زميل مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي وأستاذ بجامعة بكين المتخصص في الأسواق المالية: "إنها أزمة سيولة مالية. والمرء لا يمكنه الاستمرار في الاقتراض للخروج من حالة انعدام السيولة". غير أن الرهان أصغر بالنسبة للصين التي قد تستفيد كثيراً من تحسن العلاقات السياسية مع أوروبا، ولا تجازف سوى بجزء يسير من عملاتها الأجنبية التي ارتفعت إلى مستوى قياسي هو 2.8 تريليون دولار نهاية 2010. فالصين تطمح إلى دخول الأسواق الأوروبية بعد أن أثبتت الولايات المتحدة، في أحيان كثيرة، أنها مكان غير مناسب مثلما أظهرت ذلك محاولات فاشلة من قبل شركات صينية لاختراق قطاعي النفط والاتصالات. كما تريد بكين من أوروبا أن ترفع حظرها على تجارة السلاح وتمنح الصين إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا المتطورة لدعم منتجيها المحليين. وتأمل أيضا في أن تفوز بما يسمى وضع اقتصاد السوق من الاتحاد الأوروبي بغية المساعدة على التصدي لأي اتهامات بأنها تقوم بإغراق الصادرات. وعلاوة على ذلك، فإن الالتزامات الصينية في أوروبا يمكن أن تساهم في التخفيف شكاوى دول الاتحاد الأوروبي بشأن الفائض التجاري المستمر لبكين وسجل حقوق الإنسان. ويقول "ليو بوشينج"، الأستاذ بجامعة التجارة الدولية والعلوم الاقتصادية في بكين إن تعهدات الصين بمساعدة أوروبا يمكن أن "تنال عليها آراء ومواقف إيجابية بشأن صورة الحكومة والشركات الصينية". مضيفاً "إن الصين تريد أن تُظهر أنها تضطلع بدورها لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي ومساعدة الشركاء الذين يواجهون أوقاتا عصيبة. فهم يرون أن الصعوبات المالية الحالية التي تعيشها بلدان الاتحاد الأوروبي ستنتهي؛ والخطر ليست كبيراً". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©