الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

«بي بي سي»: وقائع مثبتة لتمويل «الحمدين» للإرهاب

«بي بي سي»: وقائع مثبتة لتمويل «الحمدين» للإرهاب
18 يوليو 2018 17:54
أبوظبي (الاتحاد) يتواصل الكشف عن تفاصيل وخبايا فضيحة فدية المليار دولار التي دفعتها قطر لجماعات إرهابية مقابل الإفراج عن «رهائن» قطريين في العراق وسوريا، فبعد ما نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية في مارس الماضي، فتحت شبكة هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» مجدداً ملف الفدية لتكشف عن المزيد من الأسرار عن الصفقة لعل أهمها علم قطر أنها تدفع الأموال لمنظمات إرهابية. وكشف التقرير مجموعة من الرسائل النصية والاتصالات الهاتفية بين السفير القطري بالعراق زايد الخيارين ووزير الخارجية الحالي محمد بن عبد الرحمن آل ثاني تتضمن أدلة على دفع قطر أكثر من مليار دولار فدية إلى الإرهابيين بالعراق، ودعماً لمليشيات إيرانية في سوريا مقابل الإفراج عن رهائن من الأسرة الحاكمة عام 2017. وبدأ التقرير «في صباح 16 ديسمبر 2015، تلقت الأسرة الحاكمة في قطر خبراً سيئاً مفاده: اختطاف ثمانية وعشرين عضوا من مجموعة صيدٍ، أفرادها أمراء، في العراق، وبينما كان محمد بن عبدالرحمن آل ثاني &ndash والذي كان على وشك أن يصبح وزير الخارجية لقطر &ndash يتصفح قائمة أسماء المخطوفين، التي تم تزويده بها، فوجئ بأن القائمة تضم اثنين من أقربائه، فأرسل على الفور رسالة إلى السفير القطري لدى العراق، زايد الخيارين، قال فيها «إن جاسم ابن عمي وخالد زوج خالتي. حفظك الله: عند تلقيك أي خبرٍ عن ذلك، أخبرني على الفور». وطبقاً لإحدى الروايات، دفع الرجلان أكثر من مليار دولار لتحرير المختطفين، حيث ذهبت الأموال لجماعات وأفراد، صنفتهم واشنطن على أنهم «إرهابيون»: كتائب حزب الله في العراق، والتي قتلت جنوداً أميركيين وقاسم سليماني، قائد قوات الحرس الثوري والخاضع شخصياً لعقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وهيئة تحرير الشام، والتي كانت في فترة من الفترات تعرف بجبهة النصرة، عندما كانت تابعة لتنظيم القاعدة في سوريا. وفي روايتها، أعلنت الدوحة أنه لم يتم دفع أي أموال لـ«الإرهابيين»، وأن الأموال تم دفعها فقط لدولة العراق. وقال التقرير إنه وفقاً لهذه الرواية فإن الأموال لا تزال موجودة في البنك المركزي العراقي ببغداد، رغم من أن جميع الرهائن موجودون الآن في وطنهم. وأشار التقرير إلى أن هذه القصة الملتوية تتناقض، مع التفاصيل الحقيقية للمفاوضات التي جرت بشكل متسلسل، وكشفتها رسائل اعتيادية وصوتية بين وزير الخارجية والسفير القطري لدى العراق، والتي تم إرسالها، فيما بعد، عبر مصادر مطلعة، إلى هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي». وفي فترة اختطاف الأمراء القطريين، كان السفير زايد الخيارين، في الخمسينيات من عمره، وقيل إنه يحمل رتبة عقيد في المخابرات القطرية، وكان أول مبعوث قطري إلى العراق منذ 27 عاماً، غير أن هذا المنصب لم يكن منصباً مهماً، وكانت هذه الأزمة فرصةً بالنسبة له لتحسين مكانته. وعلى مدى أسابيع عديدة مؤلمة، لم تصل الحكومة القطرية أي أخبار، ولكن في شهر مارس لعام 2016، بدأت الأمور تتضح، فقد علم القطريون أن الخاطفين كانوا ينتمون إلى كتائب «حزب الله»، وهي ميليشيا عراقية شيعية مدعومة إيرانياً. ووصلت رغبة الجماعة (كتائب حزب الله) إلى السفير القطري بأنهم يريدون الحصول على المال. وحينئذٍ، أرسل السفير زايد الخيارين، رسالةً إلى محمد بن عبدالرحمن مفادها: «لقد أخبرتهم بأن يعيدوا لنا أربعة عشر شخصاً.. وسنعطيكم نصف القيمة». ولم يتضح مقدار «القيمة» في سجلات الهاتف حتى تلك الفترة. وبعد مرور خمسة أيام، عرضت الجماعة إطلاق سراح ثلاث رهائن، وأرسل السفير رسالة جديدة إلى الوزير قال فيها: «إنهم يريدون بادرة حسنة من جانبنا أيضاً.. هذه علامة جيّدة بالنسبة لنا.. علامةٌ تدل على أنهم في عجلةٍ من أمرهم، ويريدون إنهاء كل شيء في أقرب وقت». وبعد ذلك بيومين، كان السفير موجوداً في المنطقة الخضراء في بغداد، لقد كانت الأجواء في العراق في شهر مارس متوترة بالفعل، وبدا الجو العام في المنطقة الخضراء مشحونًا على وجه الخصوص، فقد كان مؤيدو رجل الدين الشيعي، مقتدى الصدر، واقفين على الأبواب، حيث كانوا يحتجون على الفساد، وقال السفير، إن موظفي بعض السفارات قد فروا، وخلق ذلك توترات على طاولة المفاوضات. انتظر زايد الخيارين، لكن لم يكن هناك أي إشارةٍ على إطلاق السراح الموعود، وكتب: «هذه هي المرة الثالثة التي آتي فيها إلى بغداد من أجل قضية الرهائن، ولم أشعر قط بمثل هذا القدر من الإحباط.. ولم أشعر قط بمثل هذا القدر من التوتر والقلق.. لا أريد مُغادرة البلاد دون وجود الرهائن معي». وبعد ذلك، ظهر الخاطفون، ولكن لم يكن الرهائن بصحبتهم، بل كان معهم ذاكرة «USB» تحتوي على مقطع فيديو لأسيرٍ مُحتجزٍ داخل حبس انفرادي. وهنا وجه محمد بن عبدالرحمن سؤالاً للسفير، قائلًا: «ما الذي يضمنُ لنا أن بقية الرهائن معهم؟»، وأضاف: «قُم بحذف الفيديو من هاتفك... وتأكد من عدم تسريبه لأي شخص». وصادق الخيارين على كلام الشيخ، قائلاً: «لا نُريد أن تُشاهد عائلاتهم الفيديو، ويتأثرون عاطفياً». وعلى الجانب الآخر، كان الخاطفون قد فصلوا الرهائن عن بعضهم بعضاً &ndash حيثُ وِضع الأُمراء في قبو لا نوافذ له، وتم أخذ أصدقائهم، وغيرهم من المواطنين العاديين، وغير القطريين من بين مجموعة الصيد، إلى أماكن أخرى ومُعاملتهم بشكلٍ أفضل وتقديم طعام جيد لهم. إذا كان المال هو الحل لهذه المشكلة، فإن القطريين يملكونه، ولكن الرسائل النصية والصوتية تظهر أن الخاطفين أضافوا إلى مطالبهم، وغيروها، ما بين شدٍ وجذب ومنها: يجب على قطر أن تغادر التحالف الذي تقوده السعودية لقتال المتمردين الشيعة في اليمن. كما يجب على قطر تأمين إطلاق سراح الجنود الإيرانيين المحتجزين من قبل المتمردين في سوريا. ثم ما لبث المال أن أصبح الهدف من جديد، وفضلاً عن الفدية الرئيسة، أراد قادة المليشيات مبالغ جانبية لهم. وبينما كانت واحدة من جلسات النقاش تنتهي، كان أحد مفاوضي كتائب حزب الله، (أبو محمد)، يأخذ السفير جانباً ويطلب مبلغ 10 ملايين دولار لنفسه. وقال السفير في رسالة بالبريد الصوتي «طرح أبو محمد سؤالاً: &lsquoما فائدتي من ذلك؟ بصراحة أريد 10 ملايين دولار». «قلت له، 10 ملايين؟ لن أُعطيك 10، إلا إذا سلمتني جميع الرهائن...، لتحفيزه، أخبرته أيضاً أنني على استعدادٍ لأن أشتري له شقة في لبنان». واصطحب السفير اثنين من الوسطاء العراقيين، وكلاهما من الطائفة السنّية. إلى وزير الخارجية القطري، وبدورهما، طلبا منه مقدماً أن يعطيهما «هدايا»: 150,000 دولار نقدًا وخمس ساعات من ماركة رولكس، «اثنتان منهما من أغلى الأثمان، وثلاثة من جودة عادية». ومن غير الواضح ما إذا كانت هذه الهدايا للوسيطين أنفسهما أم كانت بهدف دهن سير الخاطفين أثناء استمرار المحادثات. سليماني «على الخط» وفي شهر أبريل لعام 2016، أُضيف للسجلات الهاتفية اسمٌ جديد: «قاسم سليماني»، الراعي الإيراني لكتائب «حزب الله». وبحلول هذا الوقت، بدا أن طلب الفدية وصل إلى مبلغ مذهل يبلغ مليار دولار، ومع ذلك، فإن الخاطفين صمدوا وطالبوا بالمزيد. وأرسل السفير رسالة إلى وزير الخارجية قال فيها: «لقد التقى سليماني بالخاطفين مساء أمس وضغط عليهم من أجل قبول المليار دولار.. لم يستجيبوا بسبب وضعهم المالي.. سليماني سيعود». وأشار السفير مرة أخرى إلى أن الجنرال الإيراني كان «منزعجاً للغاية» من الاختطاف. حيث قال لمحمد بن عبدالرحمن: «إنهم يريدون استنفادنا وإجبارنا على قبول مطالبهم على الفور.. نحن بحاجة إلى التزام الهدوء وعدم التسرع.. لكن يجب أن تكونوا مستعدين لدفع الثمَن». فأجاب الوزير: «الله يعين!» مرت عدة أشهر.. ثم في شهر نوفمبر 2016، دخل عنصر جديد في المفاوضات، حيث أراد الجنرال سليماني من قطر المساعدة في تنفيذ ما يسمى «اتفاق المدن الأربع» في سوريا. في ذلك الوقت، كانت الحكومة السورية المدعومة من إيران تُحاصر مدينتين سُنيتين يسيطر عليهما الثوار. وفي تلك الأثناء، كانت هناك قريتان شيعيتان مواليتان للحكومة تحت الحصار من قبل الثوار السلفيين، الذين كانت قطر تدعمهم على ما يبدو. (قيل إن من ضمن الثوار أعضاء من جبهة النصرة سابقاً). وبموجب الاتفاق، سيتم رفع حصار المدن الأربع وإجلاء سكانها. ووفقاً للسفير، قال الجنرال سليماني لـ «كتائب حزب الله» إنه إذا تم إنقاذ الشيعة بسبب اتفاق المدن الأربع، فسيكون من «المخزي» المطالبة برشاوى شخصية. وقال السفير في رسالة لوزير الخارجية «حزب الله في لبنان وكتائب حزب الله في العراق كلهم يريدون المال وهذه هي فرصتهم. إنهم يستغلون هذا الوضع للاستفادة منه... خاصة أنهم يعلمون أنها تقريباً النهاية.. كلهم لصوص». آخر ذكر لتبادل فدية بقيمة 1 مليار دولار كان في شهر يناير 2017، جنباً إلى جنب مع رقمٍ آخر &ndash 150 مليون دولار. وتعتقد المصادر التي أمدت «بي بي سي» بهذه المعلومات، أن المحادثات بين محمد بن عبدالرحمن والسفير الخيارين كانت حول فدية بمليار دولار بالإضافة إلى 150 مليون دولار كمدفوعات جانبية، أو «عمولات». لكن النصوص غامضة. قد تكون صفقة المدن الأربع هي ما كان مطلوبًا لتحرير الرهائن، بالإضافة إلى 150 مليون دولار من المدفوعات الشخصية للخاطفين. وأقر مسؤولون قطريون لـ «بي بي سي» بأن النصوص ورسائل البريد الصوتي حقيقية. وتشير الشبكة البريطانية إلى النصوص التي تم تسريبها، إلى صحيفة الواشنطن بوست، في شهر أبريل 2018. مؤكدة أنها انتظرت مصادرنا حتى أصدر المسؤولون في الدوحة بيان النفي. ثم سعوا لإحراج قطر من خلال نشر التسجيلات الصوتية الأصلية. وفي أبريل 2017، كانت أزمة الرهائن قد انتهت بتحليق طائرة تابعة للخطوط الجوية القطرية إلى بغداد لنقل الأموال واستعادة الرهائن، وفق تأكيدات مسؤولين قطريين، رغم أن الخطوط الجوية القطرية نفسها امتنعت عن التعليق. وهنا يبرز السؤال: من الذي أدخل الأموال النقدية إلى بغداد - وكم كان المبلغ؟ وتؤكد المصادر التي زودت «بي بي سي» بالمعلومات أنه كان أكثر من مليار دولار، بالإضافة إلى 150 مليون دولار من الرشاوى، والكثير منها موجه إلى كتائب «حزب الله». ويؤكد المسؤولون القطريون أنه تم إرسال مبلغ كبير نقداً - لكنهم يقولون إنه كان للحكومة العراقية وليس للإرهابيين. وكانت المدفوعات تتعلق بـ «التنمية الاقتصادية» و«التعاون الأمني». ويقول المسؤولون: «أردنا أن نجعل الحكومة العراقية مسؤولة مسؤولية كاملة عن سلامة الرهائن». لقد اعتقد القطريون أنهم عقدوا اتفاقًا مع وزير الداخلية العراقي، والذي كان ينتظر في المطار عندما هبطت الطائرة بحمولة نقدية موضوعة في حقائب من القماش الأسود، قبل أن يظهر رجال مسلحون يرتدون زياً عسكرياً من دون شارة. مسؤول قطري قال لـ «بي بي سي»: «ما زلنا لا نعرف من هم».. لقد تم طرد وزير الداخلية.. لقد كان ذلك الأمر لا يعدو كونه تحركا من قبل رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، حسبما علّلوا.. لقد اتصل رئيس الوزراء القطري بالعبادي وهو بحالة هستيرية، لكنه لم يرد، قبل أن يعقد العبادي مؤتمراً صحفياً، في وقت لاحق ليعلن فيه أنه سيطر على الأموال. وبالرغم من أنه تم ضبط الأموال، إلا أن عملية إطلاق سراح الرهائن مضت قدماً على أية حال، مشروطةً بتنفيذ «اتفاق المدن الأربع». وفي الرسائل النصية، كان ضابط المخابرات القطري، جاسم بن فهد آل ثاني &ndash الذي يُفترض أنه عضو في الأسرة المالكة &ndash حاضراً على أرض الواقع. أولًا، لقد نقلت 46 حافلة الناس من المدينتين السنيتين في سوريا. وكتب جاسم بن فهد في رسالة نصية: «لقد أخرجنا 5000 شخص على مدى يومين. والآن نحن بصدد إخراج 3000 شخص... لا نريد حدوث أي تفجيرات». وبعد بضعة أيام، تم إخلاء المدن الشيعية، وقد أرسل الشيخ محمد رسالة نصية مفادها أن «3000 شخص شيعي تم احتجازهم في موقع التسليم.... عندما نرى الرهائن، سنجعل الحافلات تتحرك». وفي 21 أبريل 2017، تم إطلاق سراح الرهائن القطريين. لقد كانوا جميعهم على ما يرام. وتقول مصادر الرسائل النصية ورسائل البريد الصوتي إن المواد تظهر أن «قطر أرسلت أموالاً إلى الإرهابيين». وتشير المصادر إلى بريد صوتي من السفير الخيارين، يصف فيه أخباره لكتائب حزب الله: «يجب أن تثقوا بقطر، وأنتم تعلمون ما فعلته قطر وما فعله صاحب السمو، والد الأمير.. لقد فعل أشياء كثيرة، ودفع 50 مليونا، ووفر البنية التحتية للجنوب، وكان أول من زارها». وتؤكد مصادر الـ «بي بي سي» أن هذا يبين أنه مبلغ مالي تاريخي، في ظل تقديم الأمير القديم، بقيمة تبلغ 50 مليون دولار إلى كتائب حزب الله. ويقول المسؤولون القطريون إن هذا يظهر الدعم للشيعة بشكل عام.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©