الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فتاوى

فتاوى
2 يناير 2014 21:33
الحزن بعد وفاة الأم ? سوف أرتدي الزي الأسود على أمي رغم أني أعرف أن الحزن ثلاثة أيام، ولكني لا أستطيع أن أرتدي الملابس الملونة فهل أنا على وزر؟ ?? الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد، نسأل الله العلي القدير أن يتغمد والدتك بواسع رحمته، ونقول لك: أعظم الله أجرك، وأحسن الله عزاءك، وغفر لأمك، والبسي ما شئت من اللباس ولا تلتزمي السواد كحداد على أمك، فالحداد إنما يكون من الزوجة على زوجها، ورغم عظم المصيبة في الأم إلا أن المؤمن مطالب بالصبر وخاصة عند الصدمة الأولى، ومأجور عليه، وله في بقية أفراد الأسرة بعض السلوان. ووجهي الحزن على أمك إلى الاجتهاد في برها بعد موتها، وذلك بكثرة الدعاء لها وحسن التواصل مع رحمها، ففي سنن أبي داود عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه، قال بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بني سلمة، فقال يا رسول الله: هل بقي من بر أبويّ شيءٌ أبرهما به بعد موتهما؟ قال: «نعم الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما». ولتجتهدي في القيام بكل الأمور التي تعرفين أن أمك كانت تفرح بها في حياتها، ومن ذلك حسن التواصل مع إخوتك وغيرهم، والله تعالى أعلم. التوكيل بالصدقة ? أنوي ذبح ذبيحة والتصدق بها هل يجوز الطلب من أهلي في بلدي شراءها والقيام بها على أن أدفع المبلغ لاحقاً، أم يجب إرسال المبلغ مسبقاً أو أن أقوم بذلك بنفسي في بلد إقامتي وهل يجوز أن آكل منها وأهلي؟ ?? اعلم أنه يجوز لك التوكيل في شراء الذبيحة وذبحها وتوزيعها ثم إرسال المال لاحقاً ولك الأجر، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى...» متفق عليه، وبين العلماء أن الصدقة من الأمور التي يجوز التوكيل بها، فقد جاء في حاشية الصاوي على الشرح الكبير في فقه المالكية: «قال في التوضيح: فائدة - من العبادة ما لا يقبل النيابة بإجماع كالإيمان بالله، ومنها ما يقبلها إجماعاً كالدعاء والصدقة والعتق ورد الديون والودائع»، ويجوز لك أنت وأهلك أن تأكلوا منها، والله تعالى أعلم. الحث على الزواج بالمرأة الصالحة ? هل يكون الاهتمام بالدين وإهمال الجوانب الأخرى، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك»؟ وماذا عن سن الزوجة (فارق السن)؟ ?? اعلم أن حسن اختيار الزوجة مهم، وذلك لأنها ستصبح شريكة لحياتك وسكناً لنفسك، وأماً لأبنائك، والزواج تأسيس أسرة تقوم على المودة والرحمة بين الزوجين، كما قال تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) «الروم21». نعم، لقد طلب منا النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون اختيارنا لذات الدين، فقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ»، حيث بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عادة الناس في الزواج بالمرأة، وأنها تنكح لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها. وقال الإمام النووي رحمه الله: الصَّحِيح فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيث أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِمَا يَفْعَلهُ النَّاس فِي الْعَادَة فَإِنَّهُمْ يَقْصِدُونَ هَذِهِ الْخِصَال الْأَرْبَع وَآخِرهَا عِنْدهمْ ذَات الدِّين، فَاظْفَرْ أَنْتَ أَيّهَا الْمُسْتَرْشِد بِذَاتِ الدِّين، لَا أَنَّهُ أَمَرَ بِذَلِكَ.اهـ. وانظر كيف قدم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ما يقدم الناس من مقاصد الزواج وأخر ما يؤخرون وبين الأفضل لمن أراد الزواج. وقال الإمام العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري: واختلفوا في معنى تربت يداك، فقيل: هو دعاء في الأصل إلا أن العرب تستعملها للإنكار والتعجب والتعظيم والحث على الشيء، وهذا هو المراد به هاهنا وفيه الترغيب في صحبة أهل الدين في كل شيء، لأن من صاحبهم يستفيد من أخلاقهم ويأمن المفسدة من جهتهم. اهـ. وليس معنى طلب ذات الدين إهمال الجوانب الأخرى بل لا مانع من أن تكون جميلة غنية حسيبة نسيبة، وإنما المعنى أن لا يكون القصد فقط هو الجمال أو المال أو الحسب أو غير ذلك، بل المراد أن يكون المقصد ذات الدين لأنها أكثر نفعاً للشخص في الحياة الدنيوية والأخروية. فسعادة الزوج هي المرأة الصالحة، كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روى أحمد والحاكم وابن حبان وصحَّحَاه عن سعد بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سعادة ابن آدم ثلاثة: المرأة الصالحة والمسكن الصالح والمركب الصالح، ومن شقاوة ابن آدم ثلاثة: المرأة السوء والمسكن السوء والمركب السوء». ولماذا دلنا على ذات الدين لأنها التي تعرف حق زوجها عليها فهي التي تفهم ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت بعلها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت»، رواه ابن حبان وصححه. وأما بالنسبة للسن، فلقد تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم السيدة خديجة وهي أكبر منه سناً، فإذا كانت السن متقاربة، يسهل التفاهم بينكما فهو إيجابي وليس سلبياً. الأخذ من راتب الزوجة ? كنت قد أذنت لزوجتي بالعمل ولكنها تأثرت بصواحبها ورفضت المساهمة في مصروف البيت، وهددتني بالشكوى للشرطة، فهل علي إثم في إلغاء إقامتها وإعادتها إلى البلد؟ ?? نسأل الله العلي القدير أن يوفقكما إلى التعاون على البر والتقوى، وقبل أن نوجه لك نصيحة في موضوع سؤالك من المهم جدا أن نبين لك الحكم الشرعي في تصرف الزوجة في مالها، فزوجتك لها ذمة مالية مستقلة، ولا يجوز لك أخذ شيء من راتبها إلا بطيب نفسها، فقد وردت الأحاديث الصحيحة التي تعطي الزوجة الرشيدة حرية التصرف في مالها، وقد قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه: «باب هبة المرأة لغير زوجها وعتقها إذا كان لها زوج فهو جائز إذا لم تكن سفيهة فإذا كانت سفيهة لم يجز....»، وأورد في ذلك عدة أحاديث، قال الحافظ بن حجر رحمه الله في كتابه فتح الباري: «... وبهذا الحكم قال الجمهور، وخالف طاوس فمنع مطلقاً، وعن مالك لا يجوز لها أن تعطي بغير إذن زوجها ولو كانت رشيدة إلا من الثلث، ... وأدلة الجمهور من الكتاب والسنة كثيرة... اهـ». وعلى كل حال باعتبارك أنك الرجل المسؤول عن زوجتك ومطالب شرعاً بحسن عشرتها وإكرامها ينبغي أن لا تتصرف تصرفاً مبنياً على الغضب وردة الفعل، فما دمت قد أذنت لها بالعمل وقابلتك بما ذكرت فلتصبر قليلا ولتعطها الحرية في تصرفها، ولا شك أنها عندما تطمئن إلى موقفك لن ترضى لنفسها إلا أن تساعدك في أعباء البيت، وعلى الأقل ستدفع ثمن الكثير من حاجاتها الشخصية من راتبها. وعليك أن تعالج الخلاف بينكما في قضية راتب زوجتك بالحكمة والصبر والتأني فمن تأنى نال ما تمنى، والفتاوى المرفقة فيها المزيد، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©