إبراهيم الملا (الشارقة)
فاز الفيلم الروائي القصير «عولمة» للمخرجة والفنانة التشكيلية الكويتية الدكتورة ريهام الرغيب بجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان ميغرارت السينمائي، الذي اختتمت فعالياته مؤخراً بمدينة كالتابيلوتا الإيطالية، وسط منافسة قوية مع 45 فيلماً من مختلف دول العالم شاركت بالمهرجان، المهتم أساساً بصياغة روابط ثقافية وفنية تفاعلية بين المبدعين في مجالات الابتكار البصري والموسيقي والأدائي، وفازت الرغيب أيضاً بجائزة أفضل تصميم لشعار المهرجان واعتماد وزارة الثقافة الإيطالية للشعار.
وللتعرف على تفاصيل الفيلم الفائز وحيثيات إنتاجه، التقت «الاتحاد» بالدكتورة ريهام الرغيب التي أشارت بدايةً إلى أن فيلمها «عولمة» هو نتاج جهد جماعي وثمرة لفكرة انبثقت قبل سنتين عند انتهائها من إنتاج لوحة فنية تجسد ملامح أنثوية مركّبة تنحو باتجاه التجريد المعبّر عن ضبابية الهوية، وعن أفكار الاتصال والانفصال في عالم يشهد تغييرات كبيرة على مستوى الوعي الفردي والثقافية الإنسانية العامة. وأضافت أن الفنان الإماراتي الرائد الدكتور محمد يوسف كان له دور كبير ومؤثر في إنتاج هذه اللوحة والإشراف على مراحل تنفيذها منذ البداية، ونوهت إلى أن اللوحة اقتنيت في العام 2016 من قبل اتحاد مودرن آرت غاليري بأبوظبي، بعد أن شاركت به في مهرجان القرين الثقافي بالكويت في العام ذاته.
وعن فكرة تحويل مضامين اللوحة إلى فيلم سينمائي، أوضحت الرغيب أن الفكرة نبعت من رغبتها في تحويل الصورة إلى نص مرئي، فقامت بتصوير الفيلم وتولت عمليات الإخراج وتصميم الأزياء والتأليف، إضافة إلى تصميم قناع بطل الفيلم المصنوع من الكرتون المستهلك (ريسايكل) وتلوينه بضربات الفرشاة وألوان الأكليريك، وكذلك الرسم المباشر على وجه البطل وأزيائه، وقالت إن الهدف من ذلك هو تحويل اللوحة إلى شكل مجسّم ومتحرك في الفضاء البصري للكاميرا، ومن دون استخدام الإضاءة الصناعية، بل الطبيعية، لاستثمار التناوب بين الليل والنهار في إثراء البعد الزمني للفيلم.
وعن حبكة الفيلم والرؤية التي أرادت نقلها للمشاهد، أشارت الرغيب أن فيلم «عولمة» ينقل تحولات شخصية مهاجر يجول في مكان غريب يعجّ بتفاصيل سوريالية، ومعه عنوان مكتوب على ورقة، ويواجه العديد من المواقف المتناقضة في قالب تعبيري حركي (بانتومايم) وبإحساس مسرحي لنقل واقع وانعكاسات العولمة إلى مشاهد بات حائراً فيما يتعلق بأسئلة وعناوين كبرى مثل الهوية والتراث والمستقبل والفلسفة والفن والسياسة وغيرها من الأسئلة المقلقة والغامضة.
وفي تصريح لـ«الاتحاد» أشار الفنان التشكيلي الإماراتي الدكتور محمد يوسف إلى أن مساهمته في الفيلم تمثلت في الورشة التي أقامها قبل سنتين بدولة الكويت، حيث انطلقت فكرة اللوحة التي حملت عنوان «عولمة» من خلال النقاشات الفنية والفكرية في الورشة المهتمة أساساً بكسر المفاهيم التقليدية في الأعمال المعاصرة وضرورة تجاوز الأنماط القديمة للوصول إلى صيغ تجريدية معاصرة تواكب التغيرات العنيفة في المجتمعات الحديثة.
وأشار الشاعر والإعلامي الإماراتي خالد الضنحاني، رئيس جمعية الفجيرة الاجتماعية الثقافية وعضو لجنة تحكيم مسابقة الأفلام بمهرجان ميغرارت الإيطالي، في تصريح له، إلى أن فيلم «عولمة» استحق الفوز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة لأنه يتضمن قيمة إنسانية رفيعة ويستحق الاحتفاء، حيث أثبت وجوده كفيلم عربي وخليجي وسط المشاركات الدولية العديدة وفي ظل منافسة قوية، عبّرت عن حضور واثق ومتميز للمبدعين في منطقتنا، وقال إن الفوز يعد إنجازاً للسينما الخليجية والكويتية تحديداً.
وقالت صباح بن زيادي، رئيسة ومديرة مهرجان ميغرارت، إن المهرجان تناول في دورته الحالية مواضيع الحروب والهجرة والاندماج في المجتمعات والثقافات الجديدة على المهاجرين وظروف التكيف مع الثقافات المغايرة، مضيفة أن فيلم «عولمة» للمخرجة والفنانة الدكتورة ريهام الرغيب جسّد هذه المواضيع الكبرى والملحّة إنسانياً وسياسياً بوضوح وشفافية، واستطاع أن ينال إعجاب الحضور وأعضاء لجنة التحكيم لأسلوبه البصري المبتكر والمؤثر والمختلف في شكله ومحتواه.
عدد اليوم
