الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«مقامات بن تايه».. سيرة في مهب العولمة

«مقامات بن تايه».. سيرة في مهب العولمة
4 يونيو 2015 23:44
عصام أبو القاسم (الدار البيضاء) حظي العرض الإماراتي «مقامات بن تايه» الذي قدمته فرقة مسرح رأس الخيمة الوطني بترحيب حار من جمهور الدورة الأولى لمهرجان الدار البيضاء الدولي للمسرح الذي تنظمه نقابة المسرحيين المغاربة في العاصمة الاقتصادية للمملكة المغربية ويستمر إلى السادس من الشهر الجاري بمشاركة فرق عدة من المغرب وإسبانيا وفرنسا. يبرز العرض الذي كتبه مرعي الحليان السعار السلعي الذي يوشك أن يغطي مجمل ملامح حياتنا المعاصرة بدفع من حراك رأس المال المعولم. ابن تايه المطرب الشعبي (قام بالدور سالم العيان) يجد نفسه مضطراً تحت رغبة ابنه الطموح (أحمد ناصر) للمشاركة في عرض موسيقى عالمي، إلا أنه ينتبه فجأة إلى أن أمر المشاركة في العرض لا يكلفه خلع «الكندورة» وارتداء بدلة معاصرة فحسب ولكن أيضا عليه أن يجلس في موقع خلفياً في رصّة الفرقة وأن ينتظر تعليمات المايسترو؛ بكلمة واحدة: أن يتخلى عما يعرفه! وحين يعترض على ذلك يجابهه مندوب الفرقة (عبدالحميد البلوشي) بحدة طالباً منه أن يذعن لشروط العقد وألا ينسى أن هذه المناسبة فرصة تعدل عمره بأكمله، فيشعر المطرب الشعبي بمزيج من الحنق والذل والمهانة ويثور ويأبي أن يسكت على ذلك. من هنا تتطور الأحداث وتتوزع ما بين إلحاح الابن الشاب الذي ينتظر أن يحل مشاكله المادية بالعائد من مشاركة والده مع الفرقة، وعناد الأب الذي لا تهمه سوى كرامته والمندوب المستعجل للتخلص من تجربة الأداء. ويخلق كاتب ومخرج العرض مرعي الحليان، صورة موازية لهذا الصراع عبر مواجهة بين عاشقين من طبقتين مختلفتين، العاشق (حسن يوسف) من أسرة فقيرة، والده «سمّاك» ووالدته «خياطة» أما العاشقة «ميرة العلي» فهي من أسرة ثرية، ووالدها من كبار الراسماليين، وعلى ما لقصة العاشقين من سنين ليست قصيرة إلا أن الفوارق بينهما تنهض لحظة ذهاب العاشق إلى حفلة ميلاد العاشقة فيرى القصر الفخيم الذي تسكنه ويذهل ولكنه ينجرح بتعليقات والد معشوقته حول والده. وتتناوب مشاهد العرض الذي اعتمد فضاء خالياً من الديكور وارتكز على خلفية موسيقية حية وحركية الممثلين ودينامية حضورهم الجسدي على وجه الخصوص، بين تلك المجابهة بين المطرب الشعبي وابنه ومندوب الفرقة العالمية من جهة، وبين العاشقين من جهة أخرى. ويبدع الحليان في عرض هذا التداخل بين اللوحتين على أكثر من مستوى، في اللغة كما في توزيع خطوط حركة الممثلين وفي الأزياء ولكن بصفة اساسية في استخلاصه اللوحة عن الأخرى، لاعباً بالضوء والعتمة، في تتابع دقيق ومنضبط. يقف العرض في منطقة وسطى، ولعل هنا مكمن بلاغته الجمالية والدلالية؛ فإلى أن يختتم العمل لا يُظهر مخرجه وكاتبه في آن، ميلاً أو تحيزاً لإجابة أو اجابات محددة على الاسئلة المطروحة حول الأنا والنحن والآخر، سوى في الحوار، الذي جاء جدلياً ودرامياً أو مقنعاً من كل الاطراف، أو في حجم أدوار وحضور الممثلين فوق الخشبة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©