الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاعتراف المتبادل··· استراتيجية ذكية للسلام

الاعتراف المتبادل··· استراتيجية ذكية للسلام
11 فبراير 2009 00:37
الغضب العالمي والأرواح المدنية الفلسطينية التي أزهقت جراء الهجمة الإسرائيلية الأخيرة على غزة، هل تستحق من وجهة النظر الإسرائيلية، الثمن المتمثل في تحطيم قدرة حركة ''حماس'' على إطـــلاق النار؟ الهدف مغرٍ، وربما تكون إسرائيل قد تمكنت من تقليص قدرة الفلسطينيين على تطور الصواريخ على المدى القصير· ولكن تماماً مثل حصار إسرائيل للبنان عام ،2006 لن تتمكن استراتيجية الصدمة والترويع العسكرية في غزة من تقويض أركان الفصائل الفلسطينية أو تحقيق الأمن على المدى البعيد· لكل من إسرائيل وفلسطين الحق في الدفاع عن نفسيهما، ولكن هناك فرقا بين الحق في الدفاع واستراتيجية فاعلة نشطة لإنهاء الهجمات والعنف المستمرين· ليست المكونات الرئيسة للصواريخ الفلسطينية مجرد أغلفة معدنية وأكياس من المتفجرات يتم تهريبها عبر الأنفاق، أو يتم تركيبها وإطلاقها من كراجات غزة، فالأمر يتجاوز ذلك· وفي المقابل لا يحقق قصف البنية التحتية في غزة شيئاً باتجاه تدمير الحوافز التي تفرض على شاب فلسطيني أن يلقي الحجارة أو أن يلبس سترة من المتفجرات· الوصفة الحقيقية لما يجري في القطاع أشبه ببيئة من اليأس والإذلال نتجت عن خليط معقد من الفقر والفشل السياسي· تشكل غزة سجناً كبيراً تبلغ معدلات البطالة فيه 45%، وهي أعلى نسبة في العالم بحسب تقارير الأمم المتحدة· ويبلغ سن نصف السكان أقل من 18 سنة، ويعيش ثلث السكان في مخيمات للاجئين· لا يملك الفلسطينيون سوى القليل من الأرض والحقوق· يوفر هذا الوقود من اليأس والمذلة دفعة لجيل جديد من المتشددين وطموحاً في الحصول على أسلحة أكثر تقدماً· يمكن لحصار غزة أن يوحّد القيادات المتطرفة في الضفة الغربية والمناطق الفلسطينية تماماً كما فعلت الهجمات الإسرائيلية عام 2006 على لبنان مع ''حزب الله''· ويمكن القول إن الهجمات الإسرائيلية المكثفة على غزة، أدت إلى تقويض أركان تطوير زعامة معتدلة في غزة والضفة الغربية، بينما ظهر الزعماء المعتدلون، وكأن لا حيلة لهم أمام شعوبهم في وجه الهجمات الإسرائيلية· وحيـــث أن الزعمــاء المعتدلين في غزة هم الوحيدون المستعدون للنظر باتجاه تعايش مستقبلي مع إسرائيل، لا يسع المرء إلا أن يتساءل مع من تتوقع تل أبيب أن تتفاوض معه في المستقبل، الأمر الذي يجعل استراتيجية إسرائيل العسكرية غير مجدية أو ضامنة للأمن· وينطبق الأمر نفسه على احتمالات زعامة أكثر اعتدالاً في إسرائيل، حيث تجعل هجمات ''حماس'' من الصعوبة بمكان أن يتفاوض السياسيون الإسرائيليون المعتدلون على السلام· وتضمن صواريخ ''حماس'' أن يبقى الفلسطينيون معزولين ومنقطعين عن الدعم الدولي· وتطيل الصواريخ انتظار الفلسطينيين للحصول على وطن وعلى حقوقهم الشرعية الإنسانية· يتطلب تحقيق هدف إسرائيل بالأمن وأهداف حماس بالأرض وحقوق الإنسان للفلسطينيين استراتيجية أفضل وأكثر ذكاءً· لا تأتي وصفة السلام والأمن من خطط أحادية الجانب، بل إنها تتطلب اهتماماً مماثلاً ومشاركة معمقة من قبل الطرفين· تبدأ الاستراتيجية بطرح جديد أكثر شموليـــة حول السبب والنتيجة، ويبــــدأ الطرح الإسرائيلي المسيطر فيما يتعلق بالهجمة الأخيرة على غزة من القصف الصاروخي الذي لا مبرر له، والذي تشنه ''حماس'' على البيوت والمدارس الإسرائيلية، والذي يرّن صداه عبر تاريخ يزيد على ألفي عام من التفرقة والخوف· ويتركز الطرح الفلسطيني السائــــد على الخســـارة المدمــــرة لأراضيهم ومنازلهم وأعمالهم للطرف الآخر، الأمر الذي أسفر عن تحول كثير من سكان القطاع إلى لاجئين يقيمون في مخيمات مكتظة صغيرة قاحلة· يتوجب على أية استراتيجية فاعلة أن تعترف بالتظلمات الشرعية الموجودة في الطروحات على الجانبين· الاستراتيجية الأكثر ذكاءً هي أن تعترف ''حماس'' بحق إسرائيل في الوجود والأمن، وأن تعترف إسرائيل وتتعامل مع الركود الاقتصادي والسياسي الذي يغذي اليأس بين الفلسطينيين· يحتاج الفلسطينيون إلى دولة وإلى حرية الحركة والمعونة الدولية لإيجاد فرص عمل· وضمن هذا الإطار، تظهر استطلاعات الرأي العام أن هناك العديد من الناس على الجانبين ممن يدعمون هذه الخطوات· لقد حان الوقت لأن تقف الولايات المتحدة والمجتمع الدولي وراء المعتدلين من الإسرائيليين والفلسطينيين، بدلاً من السماح لأنفسهم لأن يفقدوا تركيزهم بسبب المتشددين على الجانبين الذين يسعون لتحقيق حل عسكري بعيد المنال لهذه المشكلة السياسية والاقتصادية· ليزا سكيرتش أستاذة بناء السلام بجامعة إيسترن مينونايت ومديرة مبادرة 3D الأمنية ينشر بترتيب خاص مع خدمة كومون جراوند
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©