الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عصبية الأزواج.. مشكلة تواجه النساء وتبحث عن حلول

عصبية الأزواج.. مشكلة تواجه النساء وتبحث عن حلول
8 يونيو 2013 21:23
صياح وصرخات وضجيج يتردد صداه في أركان كثير من بعض البيوت هذه الأيام بسبب وجود زوج عصبي، وما تسفر عنه هذه العصبية من سلوكيات وقرارات مندفعة قد تعصف بكيان الأسرة، ومن هنا تسعى كثير من النساء إلى البحث عن أفضل الوسائل للتعامل مع هذا النمط من الأزواج، والتغلب على شكوى تتردد على ألسنة العديد منهن ويصرحن بها لبعضهن بعضاً في مجالسهن الخاصة، حين تفضي إحداهن إلى صديقاتها قائلة: زوجي عصبي ولا أستطيع التعامل معه. أحمد السعداوي (أبوظبي)- بين حكايا النساء وأوجاعهن، تطل علينا مشكلة الزوج العصبي وما تمثله من آفة غريبة تنخر في استقرار وسكينة بيوت عديدة، فينقلب الهدوء فيها صخباً وتماسكها انفصالاً وتشتتاً. خطر الانفصال تقول سلمى الزهراني، مدرسة حاسب آلي في مدرسة بأبوظبي، ولم يمض على زواجها أكثر من عامين ونصف العام، إن عصبية زوجها تسببت في تعرض حياتهما الزوجية لخطر الانفصال مرتين، لأسباب بسيطة لم تكن تستدعي التلفظ بكلمة الطلاق من قبل الزوج، لأنه من الطبيعي وجود خلافات وتعارض في وجهات النظر خلال الفترة الأولى من الزواج، وهذه المشكلات متوقع أن تحدث بين كافة الأزواج، نظراً لاختلاف ظروف ونشأة كل منهما، وبمرور الوقت تقل حدة المشاكل بشكل كبير مقارنة بالفترة الأولى من الزواج، وهو ما تلاحظه حاليا حيث صار التفاهم مع زوجها أيسر بكثير. وأفصحت الزهراني عن سر طلقتها الأولى أو نكبتها الأولى كما تسميها، قائلة: «كانت بسبب خلاف عادي على بعض الواجبات الاجتماعية وضرورة الاهتمام بها بعد الزواج، ولكن الأمر تطور منه إلى عصبية مطلقة، حيث شعر وكأني أفرض رأيي عليه، فأخذت نوبة غضبه تتصاعد ولم أستطع احتواءها إلى أن أطلق لفظة الطلاق، أعقبها شعور كبير بالندم، على ما كان منه، وذهب إلى دار الإفتاء ليقص ما حدث على المسؤول عن الفتوى هناك، ليخبره عما حدث، غير أن الفتوى جاءته بأن الطلقة لم تحسب كونها جاءت لحظة غضب، ونصحه الشيخ بأن لا يعود إلى تكرار التلفظ بهذه الكلمة، وأن يتحكم في أعصابه وقت الغضب بالصمت أو تغير الحالة التي هو عليها مصداقاً لقول الرسول الكريم، «إذا غضب أحدكم فليسكت» وفي حديث آخر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع». وتبين الزهراني أنها عرفت هذه الأحاديث بعد المواقف التي تعرضت لها، ونصحت زوجتها بقراءة بعض الكتب الدينية التي تتناول سلوكيات الرسول الكريم وقت الغضب، كونه قدوتنا الواجب اتباع نهجه والسير على ما كان يفعله. التعايش مع العصبية عصبية زوج منى قاصد، والتي تعمل موظفة استقبال بمؤسسة طبية خاصة، تتخذ شكلاً مختلفاً، حيث تدفعه عصبيته في كثير من الأحوال إلى الصياح على أقل الأسباب، حتى لو تأخرت قليلاً في إحضار كوب للماء أثناء الطعام، غير أنها اعتادت على التعايش مع هذه العصبية، من خلال معرفتها بالأمور التي قد تثير غضبه، فتتجنبها، وإذا أرادت شيئاً معيناً من لوازمها الشخصية أو احتياجات البيت، فإنها تحرص على اختيار الوقت المناسب لذلك، وكذلك تطلب ما تريد بلطف، حتى إذا ما اعترض على شيء ما، تستطيع مناقشته وعمل حوار هادئ معه. وتلفت قاصد إلى أنها كثيراً ما تنبهه إلى أن هذه العصبية ستؤثر سلباً على تربية أبنائه وربما تخلق حواجز نفسية بينه وبينهم، عندما يكبرون كون أكبر أبنائه الآن عمره 4 سنوات، والصغرى لم تكمل عامين. وتعترف قاصد بأن الظروف الخارجية ربما تدفع زوجها لهذه العصبية، ويبقى عزاؤها أنها تعرف جيداً مقدار حب زوجها لها، وأن هذه السلوكيات اكتسبها نتيجة مشكلات مختلفة قابلها أثناء حياته. بداية الزواج من جانبها، أكدت سديم محمود (46 سنة)، ربة منزل، أن الزوجة عليها عامل مهم جداً في التقليل من عصبية الزوج ومساعدته على التخلص منها، وهذا ما اكتشفته بنفسها عبر رحلة زواج استمرت 17 عاماً، كون الزوجة دائماًَ لديها متسع من الوقت لمعرفة الحالة النفسية لزوجها وتتمتع بخبرة فطرية في التعامل مع الزوج بشكل هادئ ورصين وقت غضبه، وبعد ذلك يمكنها أن تعرف ما يسبب المشكلات بينهما وتبتعد عنه، هناك من الأزواج من لا يحبون كثرة المشتريات، وآخر لا يحب كثرة الخروج من المنزل، وثالث يحب الخروج مع أصدقائه، ويجب على الزوجة معرفة نمط شخصية زوجها والنظر إلى الجوانب الإيجابية فيه، والتعامل معه على أساسها. وأوضحت سديم، أن بداية حياتها الزوجية كانت حافلة بالمشاكل، وكانت هي الأخرى تتصرف بشيء من العصبية والعناد، ولكنها أخذت تدرب نفسها على التخلي عنها، وشيئاً فشيئاً استطاعت الابتعاد عن العناد، وبالتالي صار زوجها أقل عصبية وسارت أمور البيت بشكل أكثر سهولة ويسراً من الفترة الأولى من الزواج. ضغوط العمل تقول الاستشارية الاجتماعية والأسرية الدكتورة غادة الشيخ، إن هناك أسباباً كثيرة تدفع الزوج للعصبية، منها تعرض بعض الأزواج لضغوط العمل ما يجعله يمارس عملية إسقاط على الأهل في البيت، خاصة الزوجة، حيث لا يجد مجال تنفيس سوى في رفيقة حياته، وربما تكون هذه العصبية بسبب تصرف بسيط أو مشكلة صغيرة لا تستحق كل هذا الكم من الغضب، ولكن الزوج يُصعّد غضبه بشكل مبالغ فيه. السبب الثاني، الضغوط التي ربما تتوافر داخل الأسرة، مثلاً كثرة سرد الزوجة للمشاكل في وقت غير مناسب، وهذه الشـكوى المستمرة مصدرها الفراغ الكثير، حيث يبدأ الشخص في البحث عن النقائص والأشياء التي يفتقدها، وهذا يحدث في كثير من الأحيان نتيجة توافر غالبية متطلبات الحياة العصــرية، ولكن هناك فئات من السيدات ينظرن دائماً إلى ما لدى الأخريات متناسين النعم الكثيرة التي منحها الله لهن، ومنها الصحة والأشياء المعنوية الجميلة التي تمنح حياتنا البهجة والسعادة إذا أدركن قيمتها الحقيقية. ومن الأسباب التي تدفع الزوج للعصبية، ضغوط الحياة، الصراعات التي نجدها في كل مكان، وعدم وجود أخبار تبعث على الأمل والسعادة، وهذا ليس فقط على المســتوى الشخصي والعائلي، وإنما على مستوى أشمل وأعم، في المجتمعات، وهذا الشعور ليس قاصراً فقط على الأزواج بل قد يمتد أحياناً إلى المراهقين والشــباب الذين لم تعد لديهم فسـحة من الأمل والســعادة مثلما كان سابقاً. أما ضغوط العمل والبيئة التي تحكمه، فتعتبر من أكبر مسببات عصبية الأزواج هذه الأيام، خاصة حين نعلم أن معيار التقدير والترقي في العمل ليس الكفاءة في كثير من الأحوال، وإنما أمور أخرى مثل المصالح المتبادلة، والعلاقات الشخصية. ردة الفعل وعن الكيفية التي يمكن أن نحكم بها على شخص ما إذا كان عصبياً أم لا، أوضحت غادة الشيخ أن ذلك يكون بحسب ردة الفعل، وهل يتناسب مع الموقف أم لا، مع ملاحظة عدم التسرع بالحكم على الشخص من موقف واحد، ولكن مع تكرار ردة الفعل بشكل مبالغ فيه، ولفتت إلى أن الأزواج العصبيين لديهم ردة فعل سريعة وعنيفة، بحيث يكون رد الفعل يسبق التفكير، كما أن الزوج العصبي يظهر دائماً بشكل متجهم ويتسم بالنظرة التشاؤمية، ولغة الجسد لدى الشخص العصبي تعكس حالته العصبية وسلوكه المتسرع، وذلك من خلال طريقة كلامه وحركات يديه وملامح وجهه، وغيرها من الرموز التي يمكن عبرها تفسير لغة الجسد وتحليل شخصية صاحبها. ووجهت الاستشارية الأسرية والاجتماعية للزوجة مجموعة من النصائح، منها: لا تطالبي زوجك العصبي بالهدوء وقت غضبه، كون ذلك يجعله أكثر حدة وعصبية، تفادي تماماً أن تبدئي له بسرد التفاصيل السيئة، والأخبار المزعجة وإنما عليك التعرف على الطريقة الصحيحة في نقل الأخبار، خاصة المزعج منها، وتتمثل في التمهيد لقول الخبر، والتعرف على حالة الزوج، وهل يمكنه تقبل الخبر أم لا في الوقت الحالي، لأن الزوجة أكثر إنسان يعرف الوقت المناسب للتحدث إلى زوجها، فلا تبدئي معه بكلمة أنت تسببت في “كذا” لأن هذه الكلمة تجعل عنده حافزا للتصرف بشكل أكثر عنفاً، كذلك تجنبي استفزازه خارج المنزل. حقائق مهمة تلفت غادة الشيخ، إلى أن الزوجة عليها معرفة بعض الحقائق، منها، أنه ليس هناك إنسان يولد عصبياً بالفطرة، كون غالبية أسباب العصبية مكتسبة وعلينا عمل برمجة للأطفال، ويجب أن لا أقول له «أنت عصبي» هنا أرسم في ذهنه أنه عصبي. وإنما أحاول برمجته إلى الناحية الإيجابية كأن أقول له “أنت هادئ، أنت شخص مريح”. وبالنسبة للزوج العصبي، تضع الشيخ خطة علاجية، أولى خطواتها، مواجهة الذات بالمشكلة والاعتراف بها، العزم على التخلص منها، الاستعانة ببعض التمارين التي تعتمد على التنفس بشكل صحيح وتغذية المخ بنسبة كافية والأوكسجين حتى يصبح المخ قادراً على التفكير بشكل أعلى، والاستعانة بتمارين الاسترخاء التي تساعد على هذه الحالة باستخدام زيوت عطرية مثل اللافندر، والياسمين. مع اللجوء أحياناً لمدربي التنمية البشرية، والتعلم من خلالهم كيفية سحب الملفات السلبية وتعزيز الإيجابية لدى الأشخاص العصبيين، هذا يدفعهم بشكل أفضل نحو الهدوء والتحكم في أعصابهم بشكل واضح.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©