الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

النظام القطري والإسلام السياسي..عندما يتلاقى الانـتهازيون

النظام القطري والإسلام السياسي..عندما يتلاقى الانـتهازيون
25 سبتمبر 2017 09:46
أعدها للنشر: طه حسيب استضافت الاتحاد بمقرها الرئيس في أبوظبي، يوم الثلاثاء الماضي، حلقة نقاشية بعنوان «قطر والإسلام السياسي..تحالف مصالح أم أيديولوجيا؟»، وسلط المشاركون على مدار ثلاث جلسات الضوء على محور مهم في الأزمة القطرية، وهو علاقة الدوحة بتنظيمات الإسلام السياسي، وجذور هذه العلاقة وأبعادها وانتهازيتها، وعواقب الاستثمار فيها. وتوصل المشاركون إلى استنتاجات مهمة وتفسيرات لنهج النظام القطري، الذي ثبت أنه قد بات مختطفاً من التنظيمات المتطرفة ويأتمر بأمرها، وينفذ مخططاتها..لم يعد نظام الحمدين يسعى لتحقيق مصالح وطنية منطقية لبلاده، بل بات ينفذ أجندة التنظيمات الإرهابية، يغوص في مستنقع من لاعقلانية حيّرت علماء السياسة وأعيت المحللين السياسيين. الاتحاد فتحت نافذة عبر هذه الحلقة النقاشية تسعى من خلالها لتشريح وتفسير نهج نظام الحمدين، وتبصير الرأي العام بخطورته، وكشف تحركاته الرامية لشق الصف الخليجي وبث الفوضى في العالم العربي. الجلسة الثانية من الحلقة النقاشية بعنوان «قطر والإسلام السياسي..عندما يتلاقى الانتهازيون»، أدارها د.عبدالله العوضي، رئيس قسم «وجهات نظر» بجريدة «الاتحاد»، واستهلتها د. ابتسام الكتبي، رئيسة مركز «الإمارات للسياسات»، بورقة «مَنْ يستغل مَن: الدوحة أم تيارات الإسلام السياسي؟»، أكدت بدايةً أهمية هذه الحلقة التي تناقش موضوعاً مهماً وحيوياً، والذي يُعد من الأسباب الجذرية للأزمة التي اندلعت في الخامس من يونيو الماضي بين السعودية والإمارات والبحرين ومصر من جهة وقطر من جهة ثانية؛ أي الارتباط بين النظام القطري وجماعات الإسلام السياسي. وترى الكتبي أن الإجابة عن سؤال «مَن يستغل مَن: الدوحة أم تيارات الإسلام السياسي؟»، تُسهم في التوصل إلى مقاربة دقيقة لما تُسمى «الأزمة الخليجية» التي دخلت شهرها الرابع، ومن ثم تُعين على وضع الآليات والسبل لتفكيك هذه العلاقة وتقويضها؛ من أجل حل الأزمة وإعادة قطر إلى البيت الخليجي والعربي. الجماعة الوظيفية ولفهم ماهيّة العلاقة بين قطر وتيارات الإسلام السياسي، طرحت «الكتبي» مفهوم، الجماعة الوظيفية، الذي ابتدعه المفكر الراحل عبدالوهاب المسيري، والذي عَدّه نموذجاً لتفسير دور جماعات إما تأتي من خارج سياق المجتمع أو يتم تجنيدها من بين أعضاء المجتمع نفسه، على أن تكون جماعات أقلّوية، بغرض القيام بمهام ووظائف معينة. وتتسم العلاقة بين، الجماعة الوظيفية، والجهة في المجتمع التي توظف هذه الجماعة، بالمصلحية والمنفعية المتبادلة. جماعات الإسلام السياسي، وتحديداً جماعة «الإخوان»، كانت بمنزلة، الجماعة الوظيفية، للنظام القَطَري؛ بمعنى أن النظام في قطر تحالف مع هذه الجماعة لتحقيق أهداف ومصالح سياسية، في الوقت الذي وجدت فيه هذه الجماعة أن أهدافها ومصالحها تتقاطع مع تلك التي للدوحة. وتقول رئيسة مركز الإمارات للسياسات: حتى يتحقق للنظام في قطر هذه الغاية، لم يكتفِ بدعم هذه الجماعة سياسياً ولوجستياً داخل مجتمعاتها، بل إنه عمد أيضاً إلى استجلابها إلى الأراضي القطرية، واستضافته عدداً من قياداتها، وتمكينها في مؤسسات أمنية وإعلامية وخيرية وثقافية وغيرها، داخل قطر. حصانَ طروادة وأشارت الكتبي إلى أنه في الوقت الذي اتخذ النظام القطري من حركات الإسلام السياسي«حصانَ طروادة» لتوسيع الدور الإقليمي لقطر، وتعزيز نفوذها في العالم العربي، لاسيما في الدول التي شهدت انتفاضات ما يسمى«الربيع العربي»منذ عام 2011، فإن هذه الحركات استفادت من السياسة القطرية، سياسياً ومالياً وإعلامياً وأحياناً عسكرياً، لتوسيع انتشارها ونفوذها في مجتمعاتها، ولمحاولة القفز إلى السلطة فيها. كما لفتت الكتبي الانتباه إلى أن قطر تتّبع السياسات الإيرانية نفسها في الإقليم، والمتمثلة بتوظيف واستغلال الجماعات المتطرفة «ما دون الدولة» لتقويض الدولة الوطنية في المنطقة العربية؛ ففي حين تقوم قطر بتوظيف الحركات والمليشيات الإسلامية السّنية، فإن إيران تستخدم الحركات والمليشيات الإسلامية الشيعية. وأكدت أن جماعات الإسلام السياسي والمليشيات الإسلامية، في مصر وليبيا وأفريقيا جنوب الصحراء وسوريا واليمن وغيرها، تضاعفت أخطارها وتهديداتها منذ تلقّيها الدعم القطري، مثلما أن«الجماعات ما دون الدولة» الشيعية في العراق ولبنان واليمن زادت قوتها بالدعم الإيراني. رئيسة مركز الإمارات للسياسات تتبنى قناعة مفادها أن الأكثر واقعية في إدارة الأزمة مع قطر هو التركيز على تفكيك هذا التحالف من خلال جعل الدوحة تُدرك أن استحقاقات وتكاليف التحالف مع تيارات الإسلام السياسي ستكون أكبر من المكاسب والأرباح المتحققة. كسر التحالف ولفتت الكتبي الانتباه إلى مسألة مهمة، وهي أن الدول المقاطِعة الأربع تُحسن صنعاً في إدارتها للأزمة مع قطر، بالتركيز على محاولة كسر التحالف بين الدوحة وجماعات الإسلام السياسي، وتوضيح الأثمان التي دفعتها المنطقة نتيجة لهذا التحالف «الهدّامى»، لكنّ هذا التحالف على خطورته ليس هو السبب الوحيد للأزمة مع قطر؛ إذ إن جوهر الأزمة، حسب الكتبي، يكمن في نزوع الدوحة، منذ بدء عهد الأمير السابق حمد بن خليفة آل ثاني ، نحو دور إقليمي خارج سياق مجلس التعاون الخليجي، وغير متناغم تحديداً مع سياسات السعودية والإمارات. لذا، إذا شعرت قطر أن ورقة الجماعات الإسلامية لم تعد تصلح لتحقيق الدور الإقليمي الذي تتطلع إليه، فإنها ستتجه إلى استغلال أوراق أخرى، كما نشهد حالياً من لجوء قطر إلى التحالف مع قوى إقليمية مهيمنة، مثل تركيا وإيران. وأكدت الكتبي أن حل الأزمة الخليجية، بل إنهاء «الحالة القطرية» القائمة منذ عام 1995، لن يتحقق إذا لم تقم الدوحة &ndash طوعاً أو قسراً &ndash بتغيير رؤيتها ودورها في الإقليم. وانتقلت الكلمة إلى د. عبدالله جمعة الحاج، أستاذ العلوم السياسية، الذي تمحورت مساهمته حول «قطر وتمكين الإسلام السياسي»، والذي أشار في مستهله إلى أسئلة محورية منها: هل الدوحة تعمل كواجهة لأطراف أخرى لتنفيذ أجندات خاصة بتلك الأطراف؟ إيران و«الإخوان» الولايات المتحدة؟ ومن هو المستفيد الفعلي من كل ذلك؟ أم هل لقطر أجنداتها الخاصة المستقلة حول هذه المسألة؟ رؤية أميركية خطيرة وعن موقف الولايات المتحدة من الإسلام السياسي، يقول الحاج: إنه يتلخص في اعتقادها أن الدول العربية تشهد حالياً ذروة قرن كامل من الكفاح الشعبي - الجماهيري الذي يهدف إلى إقامة أو (إدخال) الديمقراطية وإلى تحقيق الحرية والمساواة والسيادة الشعبية. وأوضح أن الولايات المتحدة تدعم فكرة أن هذا الصراع يسير مسارات متقطعة نتيجة للقمع الذي تواجهه الحركات المنادية بالديمقراطية ومن ضمنها حركات الإسلام السياسي. ويلفت الحاج الانتباه إلى أن العديد من الساسة في الولايات المتحدة (في الإدارة والكونجرس بمجلسيه)، يرون أن هذه الحركات هي جزء من حراك المجتمعات العربية وصراعها مع الأنظمة الحاكمة. «الإخوان» ووعد الخلافة وحسب الحاج تعود الرغبة القطرية في لعب هذا الدور إلى ما وعدها به يوسف القرضاوي وغيره من قادة «الإخوان» في العالم العربي، بأنهم أي القطريون إذا دعموا «الإخوان» في إقامة الدولة الإسلامية فإن أحد أعضاء النخبة السياسية القطرية الحاكمة حالياً هو الذي سيصبح خليفة المسلمين الجديد. فنتج عن هذه التفاهمات أن قامت قطر- حسب الحاج- بالمزيد من الإيواء والدعم المالي والأدبي لقادة تنظيمات الإسلام السياسي ومنظماتهم، وبدعم الإرهاب على كامل ساحة العالم العربي ضمن ما يعرف بمقولات الفوضى الخلاقة التي ستقوم على أنقاضها الدولة الإسلامية المنشودة. إيران وتمزيق العالم العربي وأشار الحاج إلى أن الطرف الثالث ضمن هذه المعادلة هي إيران، ويقول: نحن على دراية تامة ومدركين بأن طهران تعمل منذ أمد طويل على تمزيق العالم العربي. إيران يهمها جداً أن تعم الفوضى القائمة حالياً كافة دول العالم العربي خاصة المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات والبحرين والأردن التي تقف شوكة وسداً منيعاً ضد نيل إيران من العرب وأوطانهم. وعندما رأى الإيرانيون بأن من يحكمون في قطر مستعدون لدعم الإرهاب والفوضى والدمار في البلاد العربية توجهوا إليهم وتبادلوا المصالح معهم على كافة الصعد..وهنا تلاقت مصالح الانتهازيين فشرعوا في تنفيذ مخططاتهم. ولدى الحاج قناعة بأن متخذ القرار في واشنطن يدرك بأنه لا يستطيع تحريك خيوط اللعب في العالم العربي فهو على المستوى الشعبي غير مرغوب فيه فاختار قطر للعب هذا الدور. كما أكد الحاج أن قطر لديها الرغبة والقابلية للعب دور الداعم للديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية على أسس زائفة لا تتماشى جملة وتفصيلاً مع نظام قطر السياسي والاجتماعي، لا تستطيع هي كدولة صغيرة محدودة الإمكانيات أن توفي بها كالتزامات. والإيرانيون يهمهم تمزيق أوصال العالم العربي وتمزيقه إرباً، فتجمعت خيوط الطعم الذي ابتلعته قطر من دون ما وعي ولا إدراك. وقطر هي الضحية الكبرى. الوساطة مع الإرهابيين وعن «تداعيات استمراء الدوحة لدور الوسيط مع الإرهابيين على أمن المنطقة»، قدم أحمد الحوسني، السفير الإماراتي السابق، مداخلة، استهلها بالربط بين دور «الإخوان» في قطر وعلاقتهم بنظامها بدور القرضاوي في التحريض على ما يسمى «الجهاد»، وصلته بالقيادات الدينية الأفغانية. تشكلت هذه العلاقة مع تنظيمات «طالبان» و«القاعدة» وغيرها من تيارات الساحة الأفغانية عام 1979 التي انغمس فيها بعض مواطني الدول الخليجية وبعض الدول العربية في الحرب آنذاك ضد الوجود السوفييتي في أفغانستان. ويقول الحوسني: تنامت علاقات الدوحة مع هذه التنظيمات، وارتقت إلى التعاون والتنسيق، وتم اختبارها في حالات عديدة من الوساطات التي كانت تجريها، ونموذج ذلك تم بزيارة وفد قطري يرأسه المحمود وزير الدولة للشؤون الخارجية يرافقه الشيخ القرضاوي في مطالبة «طالبان» للإبقاء على تماثيل بوذا في باميان التي هدمتها الحركة. «الجزيرة» والاتصالات السرية مثل هذه الوساطات، أصبحت، على حد قول الحوسني- وسيلة شرعية لمساعدة هذه التيارات بالمال والعتاد في بعض الحالات، وصارت الدوحة لديها ميزة عن غيرها من دول الخليج التي تمتلك أوراقاً ضاغطة على هذه الفئات، منها «قناة الجزيرة» لتكون إطاراً إعلامياً لنقل الأخبار وإجراء المقابلات ولاقت رواجاً كبيراً لدى قيادات المنظمات المتطرفة، التي أطلت من خلالها على العالم الخارجي وتبث رسائلها، كما حصل مع «بن لادن والظواهري والملا عمر» وقد استخدمت مذيعي وموظفي الجزيرة، كخلفية لاتصالاتها السرية، وحصل ذلك مع تيسير علّوني وغيره. وساطات مشبوهة الحوسني قدم سرداً لبعض تدخلات قطر، تحت غطاء وساطاتها المشبوهة، منها ما تسرب من مهاتفة جمعت وزير الخارجي القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، بأمين عام حركة «الوفاق الشيعية البحرينية» وعن تواصل وتفاهمات مع زعيمها عيسى قاسم وبحسب صحيفة «الوطن» البحرينية فقد عرضت الدوحة على المنامة مبادرة عقب الاحتجاجات الشعبية في 2011 تتمحور حول إطلاق سراح المعارضين وتشكيل حكومة وفاق وطني وفتح الطرق والميادين للمعترضين والمطالبة بسحب قوات «درع الجزيرة»، عندها اتهمت البحرين قطر بلعب دور إيراني. كما أشار الحوسني إلى أن النظام القطري خطط لإضفاء الشرعية على تنظيم «طالبان» الإرهابي، بافتتاح مقر له في الدوحة عام 2013، وبعدها أصبحت قطر- حسب الحوسني- قناة التواصل بين التنظيم والولايات المتحدة والغرب عموماً، بما في ذلك عرض وساطة قطرية للإفراج عن رهائن من دول غربية لدى التنظيم الإرهابي المنتشر في أفغانستان وباكستان. ويقول الحوسني: في 2013 عندما سيطرت «جبهة النصرة» السورية المدعومة من قطر، على بلدة «عرسال» بالجنوب اللبناني وأسرت عشرات من مقاتلي «حزب الله» اللبناني، تدخلت الدوحة للإفراج عنهم. وقبلها بشهور وعندما اختطفت ميليشيا «الحوثي» سلفيا إبرهارت السويدية التي كانت تعمل في اليمن، وتدخلت للإفراج عنها ونقلتها للدوحة، قبل أن تنتقل لطهران. وحسب الحوسني، أكد مؤسس موقع «ويكيليس» للوثائق «جوليان أسانج»، أن رسائل هيلاري كلينتون كشفت تمويل قطر لتنظيم «داعش»، كما أن كلينتون اعترفت بذلك رسمياً في إحدى رسائلها المسرّبة من بريدها بأن قطر تدعم «داعش»، جاء ذلك في نوفمبر الماضي في مقابلة لها مع قناة «روسيا اليوم». وأكد الحوسني في مداخلته أنه لا يمكن لقطر أن تخفي صورتها الإرهابية، فقد مارست دور الوسيط في اتفاق (كفريا والفوعة) وهو «اتفاق المدن الأربع» في سوريا مقابل الإفراج عن المختطفين القطريين في العراق، مع الإضرار بالسوريين، في هذه الصفقة المشبوهة، والشكوك في مهمة 26 فرداً، معظمهم من الأسرة الحاكمة القطرية. ويرى الحوسني أن تداعيات ارتباطات الدوحة وممارسة دورها كوسيط، للشيطان وأعوانه من الإرهابيين، يدعو للانزعاج من تصرفات نظامها، الخارج على نص المنظومة الخليجية. ولدى الحوسني قناعة يرى فيها ما تطلبه الدول الأربع المقاطعة من النظام القطري، يطلبه كل داع للسلام، خاصة أن تضع جانباً دعمها للإرهاب ونبذه، وفك الارتباط بالمجموعات والتنظيمات الإرهابية، وهذا أيضا مطلب المجتمع الدولي. وشهدت الجلسة الثانية مداخلات بدأها د. محمد بن هويدن، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات، وعلق فيها على مداخلة د. ابتسام الكتبي التي وصفت «الإخوان» بالجماعة الوظيفية بالنسبة للنظام القطري، لكن هذه الجماعات تظهر لوظيفة معينة، وتنتهي بعدها، ويقول: إذا كان حمد بن خليفة متأثرا بـ«البعثية»، فإن هذا الوصف يتناقض مع دعمه لسقوط القذافي، ومحاربته لبشار الأسد، وهذا يجعل القول بأن الفكر «البعثي» مؤثر فيه غير صحيح. وحسب «بن هويدن»، فإن كسر التحالف بين قطر و«الإخوان» يحتاج إلى سياسات قذرة، لكننا الآن نتحدث عن مبادئ.. كسر التحالف يتطلب الجلوس مع إرهابيين وهذا صعب. صحيح أن هناك أمثلة في هذا لإطار، رأيناها في مصر التي تحاورت مع «حماس» لكن ذلك قوبل بانتقادات. - د. عبدالله جمعة الحاج يرى أن سيطرة الإسلاميين على اللوبي العربي في واشنطن يحتاج دراسة «إمبيريقية»، لأن واشنطن ساحة للجميع، ورغم أن الإسلاميين لديهم نفوذ في واشنطن، فإن هذا لا يعني القبول بأن أميركا مقتنعة بهيمنة الإسلاميين. أ. محمد الحمادي يطرح تساؤلاً مؤداه: هل الولايات المتحدة بهذه السذاجة بحيث تقنع بأن التيارات الراديكالية قادرة على تحقيق الديمقراطية؟ هل الولايات المتحدة لا تجد قوى أخرى منظمة في العالم العربي غير الإسلامية؟ ومن جانبه يرى الإعلامي السعودي د. سليمان الهتلان أن هناك ما يشبه الانطباع السائد لدى الغرب بأن الدول العربية لديها حنين للحكم الإسلامي ذلك نتيجة لتكثيف الخطاب الديني، وهناك جهود مهمة لنقد الخطاب الديني رغم المحاولات المتوالية لمنعه. ويشير الهتلان إلى أنه لدى الأميركيين قناعة بأن دول المنطقة لابد أن تمر بمرحلة الإسلام السياسي قبل دخولها للديمقراطية. كما طرح حسن عمران سؤالاً مؤداه: هناك لوبي عربي في الولايات المتحدة، لكن ماذا عن اللوبي الخليجي؟ فأين تأثيره خاصة في ظل وجود طلاب خليجيين في الولايات المتحدة؟ وتقول د. ابتسام الكتبي إن الجماعة الوظيفية تنتهي بعد أن تؤدي دورها، وهذا ينسحب على علاقة الإسلام السياسي بالولايات المتحدة، لا تنسى تأثير أحداث 11 سبتمبر على ظهور مشروع الشرق الأوسط الجديد، وفكرة تفكيك المنطقة ثم ترتيبها، وموازنة الإسلام الراديكالي بالمعتدل، أي أن الأميركيين يرون أن التيارات المعتدلة قادرة على كبح جماح التيارات الراديكالية. وأضافت أن العلاقة بين الجماعات الإرهابية والإخوان المسلمين، لم يهتم بها أحد، الأمر يتعلق بمصالح وليس له علاقة بالديمقراطية. وتشير الكتبي إلى أن الولايات المتحدة لديها اهتمامات أخرى مثل كوريا الشمالية وإيران ومحاربة الإرهاب، وبالتالي ربما لا تهتم واشنطن كثيراً بالأزمة القطرية. وتنوه الكتبي إلى تناقضات السياسة الأميركية، والدول العميقة في الولايات المتحدة التي لديها مصالح ثابتة. والأمر يتعلق بدعم مصالح أميركية وليس دعم الديمقراطية. - الحديث أن حمد بن خليفة (بعثي) أم لا، يحيلنا إلى فكرة أن السياسة مصالح مثلاً عبدالله صالح تحالف مع «الحوثي» رغم أنه كان يحاربهم، وإيران مثلاً تلعب وفق مصالح وليس بناء على قيم. وانتقلت المداخلة للدكتور عبدالله جمعة الحاج، منوّها لحقيقة كون الولايات المتحدة دولة مؤسسات، لكن التكتيكات الخاصة بتنفيذ الاستراتيجيات متروكة لصلاحيات كل مؤسسة أميركية على حدة، الأميركيون يعتقدون أن الإنسان العربي يريد «حكومة إسلامية»، لكن يبدو أن الفوضى الموجودة الآن بعد «الربيع العربي» هي المطلوبة. ويرى الحاج أن فكرة اللوبي قائمة على جهات الضغوط المرتبطة بالانتخابات في الولايات المتحدة، الطلبة العرب والخليجيين في أميركا ليس لديهم دور.. المؤثرون هم العرب الذين يحملون الجنسية الأميركية. الفوضى الخلاقة وركز الحاج على محور (الدوحة، واشنطن، طهران، جماعة الإخوان) وغيرها من تنظيمات إرهابية ومتطرفة تدعمها قطر كدولة. وأكد الحاج أن سلوكيات قطر مثيرة للحيرة والجدل، لكن ما يتضح من جوانبها هو المزيد من دعم الإسلام السياسي، وتنفيذ لأجندات كانت تطرحها العديد من الإدارات التي تعاقبت على السلطة في الولايات المتحدة منذ اندلاع الثورة في إيران عام 1979، وتعظيم لدور إيران في المنطقة «كقوة إسلامية» رغم أنها أكبر داعم للإرهاب في العالم، وجميعها مؤشرات ومواقف تتضارب مع بعضها بعضاً تجعل من سلوكيات قطر غير ذات منهج واضح أو مصداقية يمكن من خلالها معرفة الأهداف السياسية والاستراتيجية والمصالح التي تسعى الدوحة إلى تحقيقها سوى تطبيق مبادئ الفوضى الخلاقة. حمـد وإنقـاذ «الحـوثييـن» أشار الحوسني إلى دخول الدوحة في 2006 على خط الصراع بين الحكومة اليمنية وميليشيات «الحوثي»، في جبال صعدة شمال اليمن، وتصاعدت تحركات الجيش اليمني في 2007، وعندما أصبحت الميليشيات «الحوثية» في مواجهة احتمال التصفية على يد الجيش اليمني، جاءت زيارة أمير قطر حمد بن خليفة والتوصل إلى اتفاق لم يصمد، وبعدها تدفقت من الدوحة التحويلات المالية والسلاح من أجل تقوية شوكة «الحوثيين». استغل النظام القطري أسلوب وساطته كغطاء شرعي خبيث، وعندما شارك مع التحالف العربي في حرب الدفاع عن الشرعية، بمشاركة 1000 جندي الذي مثل نواة لخيانة نظام قطر، استخدم عناصره في اليمن لتقويض جهود الشرعية وتسهيل نقل الأموال والأسلحة من خلال الوحدات العسكرية القطرية هناك. وتكررت زيارة وزير الدفاع القطري خالد العطية للإشراف على هذه المهمة التي انتهت باكتشافها، مما اضطر التحالف لإيقاف مشاركة قطر. وحسب الحوسني، فإن الدور القطري في اليمن لأهميته، كان وفق توجيهات أميركية وربما إيرانية. وهو يرى أن السياسة القطرية كانت تقوم على سؤال تخطى كل حدود الممكن: إذا كانت إيران، الغنية بمصادر الطاقة، تستطيع تحويل الأقليات الشيعية إلى نقاط مضيئة تخطو عليها إيران في عالم عربي لا تملك فيه إلا الحواضن العقائدية، فلماذا لا تستطيع قطر، بنت البيئة العربية، فعل الشيء نفسه، وبالموارد نفسها؟ يبدو أن النظام القطري استهوته، هذه الميزة في التفرد عن غيره من دول الخليج العربي، والنظام يريد الحفاظ على الأوراق التي يمتلكها في التعامل مع تنظيمات متطرفة وإرهابية، وأعتقد أنه ليس بوسعه أن يتراجع بسهولة بعد 20 عاماً من علاقاته بالمنظمات الإرهابية واستغلال المال، لخدمة مشروع تفكيك الدول العربية. ويرى الحوسني أنه لا يمكن الاقتناع أن يكون للنظام القطري علاقات مع تيارات وأحزاب الإسلام السياسي ومنظمات إرهابية، من دون علم ومعرفة الإدارة الأميركية. اللوبي العربي مخترق«إخوانياً» حسب الحاج، يعتقد العديد من الساسة الأميركيين من كلا الحزبين «الجمهوري» و«الديمقراطي»، وبتأثير من جماعات الضغط العربية - الإسلامية (أو ما يعرف الآن باللوبي العربي) الذي يسيطر عليه الآن الإسلاميون الأميركيون من أصول عربية، خاصة ممن تعود أصولهم إلى غزة، بأن المستقبل واعد في العالم العربي وبعض الدول الإسلامية -التي لا تشهد استقراراً حالياً- لجماعات الإسلام السياسي، خاصة تلك التي يعتقدون بأنها لا تمارس العنف والإرهاب. وأكد الحاج أن الولايات المتحدة لديها خوف وتوجس من قدرة جماعات الإسلام السياسي على التأثير على مصالحها أو النيل من مواطنيها في الخارج، أو ربما الداخل، لذلك فهي تعمل- حسب الحاج- على اتقاء شر هذه الجماعات عن طريق دعم البعض منها بشكل مباشر وبسرية تامة، وبشكل غير مباشر عن طريق اختيار طرف ثالث للقيام بهذه المهمة، فوقع الاختيار على قطر. ولدى الحاج قناعة بأن الأميركيين يعتقدون بقوة بأن الإسلام السياسي من المفترض له أن يكون قد اكتسح الدول العربية منذ ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي. لكن ذلك لم يحدث والولايات المتحدة يبدو بأنها في انتظار حدوثه. وهؤلاء- حسب الحاج- سيستمرون في الاعتقاد بأن هذه هي القاعدة التي ستترسخ على مدى المستقبل المنظور، وربما أن ما تسرب عن لقاء بين هيلاري كلينتون ومحمد مرسي تعزز وتثبت ذلك. هذا الموقف الأميركي- يقول د.الحاج- تلقفته قطر بإيجابية وبنت عليه، ربما بتوجيه من قادة «الإخوان» المقيمين لديها، فقامت بعرض خدماتها على الولايات المتحدة لكي تقوم بدعم جماعات الإسلام السياسي في كل دولة عربية في مقابل أن تحصل قطر على حماية الولايات المتحدة في الداخل والخارج، أي أن نمارس قطر دور مخلب القط لمصالح الولايات المتحدة في العالم العربي. قطر عرضت نفسها للعب هذا الدور. مصالح وليست أيديولوجيات وخرجت د.إبتسام الكتبي باستنتاجات مهمة من بينها أن طبيعة العلاقة القطرية-الإسلاموية تقوم على أسس مصلحية ولا تنطلق من مشتركات أو تفاهمات أيديولوجية. وتستدل على ذلك التحولات الدراماتيكية لسياسات الدوحة منذ وصول الأمير السابق حمد بن خليفة إلى الحكم عام 1995؛ من الانفتاح على إسرائيل والمبادرة بالتطبيع معها، إلى التقرب من إيران و«حزب الله» ونظام الأسد، ثم التحول نحو «حماس» وجماعة «الإخوان» وغيرها من حركات الإسلام السياسي والتنظيمات الإرهابية «الجهادية». (يتبع)  
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©