السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفكار ذات أجنحة

أفكار ذات أجنحة
10 يونيو 2011 21:03
كنت جالسًا أمام شاشة الكمبيوتر في ذلك المساء الهادئ، عندما لاحظت ظاهرة غريبة: الشاشة سوداء تمامًا، ليست الشاشة بل الغرفة كلها. وبما أنني متعلم وسريع البديهة فقد أدركت بعد دقيقتين أن التيار الكهربائي قد انقطع. انتظرت قليلاً فلم يعد التيار الكهربي، وقد تعلمت منذ زمن أن علي أن أتصل بالشبكة وأبلغهم. ذات مرة انقطع التيار الكهربائي خمس ساعات، وفي النهاية اتصلت بالشبكة فأخبروني في دهشة أنهم لا يعرفون أي شيء عن ذلك وأن أحدًا لم يبلغهم، أي أنني لو لم اتصل لظللت في الظلام حتى تقوم الساعة. سأتصل بالشبكة وأشكو بفظاظة، هنا وجدت أن الظلام دامس وأنني لا أرى أرقام الهاتف. قررت أن أبحث عن الكشاف الصيني الذي يتم شحنه، ويضيء في حالات انقطاع الكهرباء ويتلف بعد ربع ساعة من شرائه. وجدت الكشاف بشكل ما، وبالطبع لم يخيب ظنوني، كان تالفًا. يجب أن أبتاع كشافًا آخر، لأن ابني في موسم الامتحانات، ومعنى انقطاع التيار الكهربائي الآن أن يضيع مستقبله. هنا خطر لي أنني ابتعدت كثيرًا جدًا عن موضوع التيار الكهربائي ورحت أفكر في عدة أشياء، ثم خطر لي أن هذه بذرة مقال طريف قصير عن رجل تصمم أفكاره على أن تجري في سبيلها الخاص ولا تستقر أبدًا. سوف أحضر ورقة وأدون عليها هذه الخاطرة لأكتبها كمقال بمجرد أن يعود التيار الكهربائي، أين الورق ؟.. لا أذكر أين كان ولا أين كان القلم، مشكلة حقيقية هي أن تجد شيئًا في هذا الظلام، لماذا انقطع التيار الكهربائي ؟.. لابد من إبلاغ الشبكة هاتفيًا. ثم تذكرت أنني لا أرى أرقام الهاتف، مشكلة أخرى، كيف أطلب رقمًا هاتفيًا وأنا لا أرى الأزرار ؟.. هناك كشاف، هذا كشاف صيني قوي لكنه كمعظم الاختراعات الصينية يتلف بعد دقائق من شرائه. أه، ابني في موسم الامتحانات ومعنى هذا أن علي أن أشترى كشافًا جديدًا، هل توجد كشافات صينية لا تتلف أو كشافات غير صينية ؟. سيكون هذا موضوع مقال جميل لا بأس به، الرجل الذي يعاني تداعي أفكار مرعبًا، كل فكرة تطير لتحل مكانها فكرة أخرى. يجب أن أدون هذا، تبدأ الفكرة بانقطاع التيار الكهربائي ثم تصير مشكلة الامتحانات و.. لكن كيف أدون هذا المقال من دون ضوء ؟ هذه المرة أجد عود ثقاب فأشعله وأتحسس الهاتف لأطلب رقم الشبكة. يتأخر الرد كثيرًا جدًا وفي النهاية يرد علي موظف متذمر لأنني أزعجت نومه . هنا أكتشف أنني نسيت لماذا اتصلت: ـ»معذرة، هل هذا رقم الـ، رقم الـ،.؟» يقول لي في غيظ إن علي ألا أنتهز فرصة نوم والدي لألعب بالهاتف، ثم يضع السماعة في عصبية. تذكرت !.. هذه شبكة الكهرباء وكنت أريد أن أخبرهم. لكني لن أجسر على الاتصال الآن، هنا يعود التيار الكهربائي فأشعر بأن الحياة قد عادت لكل شيء، الكهرباء تعني كذلك الهواء لأن المراوح وأجهزة التكييف تعود للحياة. أريد القلم والورقة بسرعة ، يجب أن أدون فكرتي، أية فكرة ؟.. نسيت، كانت هناك فكرة جيدة، ربما عن الامتحانات ؟.. بصراحة لا أذكر، لقد تبخرت تمامًا. لا مشكلة، سوف تعود في وقت لاحق. المهم الآن أن أطلب الرقم الذي كنت أطلبه في الظلام، يدق الهاتف عدة مرات إلى أن يرد الموظف المتذمر إياه.. أقول له في عصبية وقد نسيت من هو: ـ»مستوى الامتحانات الذي تضعونه أعلى بكثير من مستوى الطلبة، حرام عليكم !» وأضع السماعة قبل أن يرد. د. أحمد خالد توفيق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©