الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الفانوس» تقليد رمضاني تراثي شرقي الطابع

«الفانوس» تقليد رمضاني تراثي شرقي الطابع
23 يونيو 2014 23:01
الفانوس تشكيلة متباينة من الإضاءة الشرقية، متشحة بالزخارف والرسوم والنقوش، وسمة أساسية في تفاصيل الفن الشرقي المتمثل في التراث العربي الإسلامي، بما تحتويه من تفاصيل ثرية ومنمنمات دقيقة تخلق وتيرة أقرب ما تكون إلى الحركة والانسيابية والإيقاع الحسي البصري الذي يخطف الأبصار عند النظر إليه، لما يحمل في طياته من فلسفة خاصة، لذا نتوقف على أعتاب هذا النمط من الإضاءة الذي ارتبط منذ عهود مضت كتقليد رمضاني لدى بعض الشعوب العربية، حيث ينير ليالي الشهر الفضيل، وينبض بالحميمية والدفء. خولة علي (دبي) يأخذنا المهندس عادل محمد للاطلاع علىلفانوس»، هذه القطعة الزاهية من الإضاءة التي تستعد للظهور وبشكل قوي في الشهر الفضيل والذي نستعد لاستقباله خلال أيام، مؤكداً أن للإضاءة الشرقية سمة خاصة بها لا نجدها في تفاصيل الإضاءات الأخرى، نظرا لكونه إرث تاريخي. هذا النمط من مفردات الديكور الذي يتميز دون غيره بنمط معين من الزخارف، استلهمه الحرفيون المسلمون بمهارة من عناصر الطبيعية المتمثلة في الاشكال النباتية، والهندسية والكتابية والمقرنصات والعقود». زخرفة نباتية ويتابع عادل محمد قائلاً : «المنمنمات الزخرفية النباتية كانت تستخدم فيها الجزع والورق لتكوين زخارف تمتاز بالتكرار والتناظر والتقابل وتبدو عليها مسحة فنية من خلال دقتها، أما العناصر الهندسية والتي تعد من أغنى العناصر الزخرفية في الفن الإسلامي، فتتولد من خلال تشابك الزوايا كالدوائر المتجاورة والجدائل والخطوط المنكسرة وأشكال المربع والمثلث والمربع والمعين والمخمس والمسدس والأشكال النجمية المتعددة الأضلاع والتي تعتمد أساساً على الدوائر وأقطارها التي تقطعها إلى خطوط أخرى مكونة نجوماً». ويلفت قائلا: «هذه الزخارف ظلت بصمة رائعة تكشف عن أوجه الفن الإسلامي ومميزاته بين الفنون الأخرى، والتي نراها في كثير من مفردات الديكور وقطع الأثاث، لتعيد لنا عهود المجد والانتصار وقمة النشاط الإسلامي في مفهوم الفن والإبداع الذي ابتكره الفنانون الأوائل، وتناقله الحرفيون الذي يرجع إليهم حفظ هذا الموروث الذي ظل يتطور شيئاً فشيئاً ويظهر بأشكال وألوان وأحجام متميزة، يمكن استخدامه في الردهات الداخلية والفناء الخارجي أيضا». تحفة فنية ثرية ويشير عادل محمد موضحاً: لو رجعنا إلى تاريخ صناعة هذه التحفة التشكيلية الفنية البديعة من الإضاءة الشرقية المتمثلة في الفانوس، نجد أنه يعود إلى العصر الفاطمي، حيث ظهر فيه حرفيو صناعة الفوانيس، وقد تشكل الفانوس في صورته الحالية في نهاية القرن التاسع عشر وأصبح يستخدم في تزيين وإضاءة الشوارع ليلا، كما اتخذ أشكالا وأحجاما ومسميات مختلفة، وبالرغم من ظهور الإضاءات الحديثة إلا أن الفانوس يظل حاضرا في المناسبات الاجتماعية وفي رمضان على وجه الخصوص، حيث ظهر بطريقة حديثة عندما استخدم كعنصر إضاءة كهربائي، بعد أن كان ينار بمواد تقليدية بسيطة، أو يحمل شمعة في قلبه. وانتشرت الفوانيس بشكل ملحوظ في بعض الأبنية التي تسير على الطراز الشرقي، لتكون تحفة فنية غنية تدوي بإنارتها التي تعكس ظلالاً فانتازية الطابع، تنبعث من خلالها الإضاءة عبر فتحات من النقوش والزخارف لترسم تفاصيل الجمال على الجدران. إرث جميل ويضيف: يمكن أن توزع هذه القطع البديعة من الإضاءة، حيث إن هذا الإرث الجميل قد برع فيه الحرفيون المهرة في عمل أشكال فنية من هذه الإضاءة وبأحجام وأشكال مختلفة، ومنها ما توضع على الطاولة ومنها ما تعلق بحامل على الجدران وتتدلى منها بشكل مخروطي تنتهي بقطعة من الطربوش، ويمكن أن توضع في الأركان أو حتى في مداخل المنزل، على جانبي الباب الرئيسي، ومنها ما تأخذ الشكل التقليدي للفوانيس، وتكون على شكل نجمي وتكون بحجم كبير نوعا ما، وتتدلى من منتصف القبة وعادة ما تكون مطعمة بالزجاج الملون فتعكس جمال الألوان على المكان. وبخلاف الأنواع الأخرى، نجد الفوانيس التقليدية، متمثلة باللون الذهبي والأبيض والزجاج الملون المنقوش، ويضاء بشمعة، ويرتبط ذلك الفانوس بالتاريخ والتراث الشعبي على وجه التحديد. فوانيس عملاقة ويبين محمد قائل: إن هناك أنواعاً مختلفة وبأحجام متنوعة، منها ما تكون صغيرة الحجم تصلح لان تكون تحفة جمالية توضع في فترينات خاصة ومنها ما توضع على طاولة جانبية مع مجموعة من التحف، وهناك أيضا قطع الفوانيس العملاقة وعادة ما تبدأ أحجامها من 1.5 متر وحتى 10 أمتار، وهي الأحجام التي عادة ما تطلبها الفنادق والمطاعم السياحية والخيم الرمضانية لتزيين واجهاتها احتفاء بالشهر الكريم. والإضاءة الشرقية يمكن أن نجدها حاضرة في المجالس العربية، والأركان التي يمكن أن نخلق فيها روح الشرق بقطع من الأثاث البسيطة، وذلك بوضع إضاءة شرقية عمودية الشكل، وكرسي خشبي محفور شرقي الطراز مع وضع قطع من الكوشينات والوسائد المطرزة التي تمنح المكان الثراء المطلوب. ويلفت عادل محمد مؤكداً: نجد ألواناً مختلفة من الإضاءات الشرقية المطلية باللون الأسود، هذه الألوان الدارجة تتلاءم وبشكل كبير مع مختلف مفردات الأثاث. ويوضح: يبقى الإيقاع الشرقي له بصمته وأثره فيما لو تواجد في مكونات الديكور، الذي بكل تأكيد سيضيف قيمة لا يمكن أن يلاحظها المرء إذا لم تتواجد هذه القطعة البديعة من الفانوس في ردهات المكان التي ترسم تعابيرها بطراز شرقي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©